You are currently viewing نصيحة إلى الثّلاثي نتنياهو وكاتس وهيرتزوغ.. اسمعوا كلام “أبو عبيدة” واستعدّوا لفتح المزيد من مجالس العزاء واللّطم

نصيحة إلى الثّلاثي نتنياهو وكاتس وهيرتزوغ.. اسمعوا كلام “أبو عبيدة” واستعدّوا لفتح المزيد من مجالس العزاء واللّطم

عبد الباري عطوان
دولة الاحتلال الإسرائيلي تعيش حالةَ حداد غير مسبوقة والسّبب أنّ جيشها الذي تدّعي أنّه الأقوى في العالم، ينتقل من فشلٍ إلى آخَر في قطاع غزة، على أيدي رجال المُقاومة الذين تزداد قوّتهم، ويتصاعد محصول أعداد “غلّة” عمليّاتهم النوعيّة، بأعداد الضبّاط والجُنود الإسرائيليين، حيث وصل عدد قتلى العدو إلى أكثر من سبعة في ثلاثة أيّام، قبل، وأثناء، وبعد، الاحتفالات الإسلاميّة بعيد الأضحى المُبارك.
عندما يعترف المُتغطرس بنيامين نتنياهو أنّ هذا “يومٌ حزين”، ويذهب وزير حربه يسرائيل كاتس إلى ما هو أبعد من ذلك بقوله “لا أجد الكلمات التي تُعبّر عن حجم الخسارة، وأتمنّى الشّفاء العاجل للمُصابين (عددهم 10)، أمّا إسحق هيرتزوغ رئيس دولة الاحتلال فكانَ أكثر تَوَجُّعًا بتأكيده “بأنّ ثمن الحرب باهظٌ للغاية، وهذا وقت الحُزن الشّديد”، فكُل هذا يعني مُنفردًا أو جماعيًّا، أنّ المشروع الصّهيوني، الذي بلغ قمّة إجرامه ووحشيّته بارتكاب حرب الإبادة والتّطهير العِرقيّ قد بدأ يخسر الحرب، وتحوّل إلى أكبر “مجلسٍ للطم” في التّاريخ الحديث.

***

نتنياهو الذي ظلّ يكذب على مدى أكثر من 600 يوم ببيعه الوهم والخِداع لمُستوطنيه، والتّأكيد على أنّ يوم “النّصر الصّاعق” على المُقاومة في القطاع، وكتائب القسّام “الحمساويّة” بالذّات، بات وشيكًا جدًّا، ولذلك كان وما زال يُصر على رفض كُل اتّفاقات وقف الحرب، وبات يعترف، وبشكلٍ مُتدرّج، ولكن صريحًا، بالهزيمة ومن يرى وجهه المُمتقع هذه الأيّام يُدرك حقيقة ما نقول.
الفضْل الأكبر في هذا التحوّل يعود إلى دماء الشّهداء الطّاهرة أوّلًا، وإلى ذويهم الصّامدين المُؤمنين، وإلى كتائب القسّام وسرايا القدس ورجالها الذين فاجأوا العالم بإدارتهم المُتقدّمة لهذه الحرب، ونفسهم الطّويل، وقُدرتهم المُبهرة، والمُتطوّرة جدًّا، التي تجسّدت في إدارة هذه الحرب، واستنزاف العدو بشريًّا، ومعنويًّا، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، وتدمير هيبته، وفضْح أكاذيبه، وتمزيق كُل الأقنعة التي كان يختفي خلفها لتسويق أكاذيبه إلى العالمِ بأسره؟
رهانُ نتنياهو على استخدام المُعدّلات الأقوى للقتل والدّمار وحرب الإبادة والتّجويع كوسيلة ضغط على المُقاومة، وحاضنتها الشعبيّة الصّلبة، على أمل فرض الاستسلام المُطلق، والتخلّي عن السّلاح، والهُروب من القطاع، هذا الرّهان فشل كُلِّيًّا، وباتَ يُعطي نتائج عكسيّة، والشّيء نفسه يُقال أيضًا عن ضغطٍ آخر على الوُسطاء العرب الذين تحوّلوا إلى أدواتٍ لنقل هذه الخطيئة ورشّ السُّكر على الموت، أو حتّى مُحاولة فرضها وتسويقها إلى المُجاهدين في ميادين القتال تحت عناوين الواقعيّة، والحكمة، والتعقّل، ووضع الخلل الكبير في موازين القِوى لصالح العدو وداعميه في عينِ الاعتبار.
من كانَ يحلم مُنذ بدء العُدوان أن تُصبح المُقاومة، وكتائب القسّام وسرايا القدس، على هذه الدّرجة العالية من القوّة، والدّهاء في التّعاطي والمُواجهة مع العدو بعد أكثر من عامٍ ونصف العام وهزيمته، وجدع أنفه، وإذلاله، من كان يتوقّع أن تتصاعد أرقام القتلى والجرحى بعد كُل هذه المُدّة، رغم النفاذ “المُفترض” للأسلحة، والذّخائر، لانعدام أي إمدادات من الخارج بعد سيطرة العدو على جميع المنافذ برًّا وبحرًا مع العالم الخارجيّ، وتآمُر دُول الطّوق للأسف مع العدو بل وتزويد بعضها للعدو بالذّخائر والغذاء، وكُل احتياجاته الأُخرى المعيشيّة، والميدانيّة بينما تحجبها عن أهلهم وأبناء جِلدتهم في الضفّة والقطاع تحت أعذارٍ مُفبركة.
استراتيجيّة الكمائن، وكيفيّة نصبها، وتفخيخها، واستدراج جُنود العدو إلى مِصيدتها إبداعٌ عسكريّ جديد لرجال المُقاومة وعُقول قياداتها الجبّارة، هذه استراتيجيّة أبهرت العالم والأكاديمية العسكريّة، والغربيّة منها على وجه الخُصوص، ولا نستبعد أن تحمل فُصولها وكتبها أسماء “نظريّة” يحيى السنوار، أو هندسة محمد الضيف، أو إبداع محمد شبانه (قائد منطقة رفح) والقائمة تطول.
الإبداع الآخَر، والذي لا يقل أهميّة عُنوانه “الأنفاق” التي تمتدّ في باطن أرض القطاع التي تمتدّ لأكثر من 500 كم، فحتّى هذه اللّحظة لم تنجح قوّات الاحتلال الإسرائيلي في تفكيك أسرارها، أو اقتِحامها، والوصول إلى أسراها في قلبها رُغم ما تملكه من معدّات رصد، وتنصّت ونبش، وتصوير هي الأكثر تقدّمًا في العالم؟
***
أعترف أنّني فُوجئت شخصيًّا، ليس بسبب صُمود رجال المُقاومة، ولا بزيادة أعداد القتلى والجرحى في صُفوف جُنود حرب الإبادة، المُبدعين في قتل الأطفال والنّساء، فهؤلاء رجال المُقاومة أهلي وأنا أعرف معدنهم، ولكنّ المُفاجأة الكُبرى أنْ يُطلق هؤلاء، مُسيّرة انغماسيّة، وبعد 600 يوم من الحرب، لتضرب بصواريخها تجمّعًا للعدو في حي الشجاعيّة شرق غزة، وتُوقع قتلى وجرحى في صُفوفه، فكيف جرى تصنيع هذه المُسيّرة، وتزويدها بأجهزة رصد، ويتم توجيهها من تحت الأنقاض للوصول إلى هدفها بدقّةٍ لم تصل إليها دُول عُظمى.
أختم بالعبارة الأبرز التي وردت في بيان المُجاهد أبو عبيدة النّاطق العسكري باسم كتائب القسّام يوم أمس التي قال فيها “خسائر الجيش الإسرائيلي في خان يونس وجباليا ليست سوى نموذجًا لما ينتظر قوّاته في قطاع غزة في الأيّام القادمة من عمليّاتٍ نوعيّة”.
على نتنياهو، وكاتس، وهيرتزوغ أنْ يستعدّوا جيّدًا لفتح العديد من مجالس العزاء واللّطم فالقادمُ أعظم فعلًا، ولا نحتاج إلى أدلّةٍ لإثباته.. والأيّام بيننا.

 

المصدر: رأي اليوم

نصيحة إلى الثّلاثي نتنياهو وكاتس وهيرتزوغ.. اسمعوا كلام “أبو عبيدة” واستعدّوا لفتح المزيد من مجالس العزاء واللّطم | رأي اليوم

شارك المقالة