تزايدت الضغوط الاقتصادية على العراق في ظل تقلبات أسعار النفط والدولار، مما يضع الحكومة أمام خيارات صعبة لتأمين التمويل اللازم لإعادة الإعمار ومواجهة تداعيات الحرب ضد الإرهاب. هذا الواقع يفرض ضرورة اللجوء إلى المجتمع الدولي للحصول على الدعم المالي، مستندًا إلى الأطر القانونية المتاحة ضمن ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية التي وقعها العراق.
وأكد الخبير القانوني علي التميمي أن العراق يمتلك الحق في طلب المساعدة الاقتصادية بموجب المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنح الدول التي تحارب تنظيمات إرهابية مدرجة تحت الفصل السابع إمكانية الاستفادة من الدعم الدولي.
وأوضح أن تنظيم داعش تم تصنيفه تحت هذا الفصل بقرار مجلس الأمن رقم 2170 لعام 2014، مما يتيح للعراق تقديم طلب رسمي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحصول على تمويل لإعادة بناء المدن المدمرة نتيجة الحرب ضد الإرهاب.
واعتبر التميمي أن العراق لا يواجه فقط تحديات إعادة الإعمار، بل يعاني أيضًا من نزيف مالي مستمر بسبب الأموال المهربة، والتي تقدر بحوالي 350 مليار دولار. وأوضح أن استرداد هذه الأموال ممكن عبر اتفاقية مكافحة الفساد الدولية لعام 2005، التي وقع عليها العراق عام 2007، وهي نفس الآلية التي اعتمدتها دول مثل نيجيريا والفلبين وسنغافورة لاستعادة أموالها المنهوبة.
وأشار إلى أن الاتفاقية الاستراتيجية العراقية-الأميركية لعام 2008 تمنح العراق حق طلب المساعدة الاقتصادية من الولايات المتحدة، استنادًا إلى المادتين 26 و27 من الاتفاقية، التي تعد ملزمة للطرفين وفق المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. هذا يعني أن العراق لديه إطار قانوني واضح يمكّنه من التفاوض مع واشنطن للحصول على دعم مالي، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية.
ويتطلب استغلال هذه الفرص تحركًا دبلوماسيًا نشطًا من الحكومة العراقية، التي تواجه ضغوطًا متزايدة في ظل تراجع الإيرادات النفطية وارتفاع فاتورة إعادة الإعمار. ورغم أن بعض الدول، مثل بريطانيا، أعربت عن استعدادها لتقديم مساعدات اقتصادية للعراق، إلا أن هذه الوعود تبقى مرهونة بقدرة بغداد على تقديم خطط واضحة وشفافة لكيفية استخدام هذه الأموال وضمان عدم ضياعها في متاهات الفساد.
ويثير الملف المالي للعراق مخاوف عديدة، خصوصًا مع استمرار استنزاف موارده نتيجة الفساد المالي وسوء الإدارة. وقد أصبح استرجاع الأموال المهربة ملفًا حاسمًا في أي مسعى لتعزيز الوضع المالي للبلاد، إذ يمكن أن يشكل استرداد حتى جزء بسيط من هذه المبالغ رافدًا مهمًا للخزينة العامة، مما يقلل الحاجة إلى الاقتراض أو طلب المعونات الخارجية.
ويدفع الواقع الحالي العراق إلى إعادة تقييم استراتيجياته الاقتصادية والاستفادة من الاتفاقيات الدولية لاسترداد أمواله وتأمين مساعدات تنموية حقيقية. هذا يتطلب إرادة سياسية قوية وخطوات عملية واضحة، بعيدًا عن الحلول المؤقتة التي لم تؤدِ سوى إلى تفاقم الأزمات المالية.
المصدر: المسلة