أثار تصريح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، الذي لوّح فيه باستعداد حركة فتح لخوض معركة جديدة في مخيم عين الحلوة بالتنسيق مع الجيش اللبناني، موجة واسعة من ردود الفعل الفلسطينية واللبنانية، وسط مخاوف من أن تؤدي مثل هذه التصريحات إلى توتير الأوضاع داخل المخيم، ونسف حالة الهدوء النسبي التي أعقبت الاشتباكات الدامية في أواخر صيف 2023.
استياء شعبي وتحذيرات ميدانية
في أوساط اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات، وخصوصًا في عين الحلوة، عبّر العديد من الأهالي والناشطين عن قلقهم من أن يكون التصريح تمهيدًا لعودة الاشتباكات المسلحة، مطالبين القيادات السياسية بتحمّل مسؤولياتها، والعمل على تثبيت الأمن بدلاً من تأجيج التوتر.
وقال أحد وجهاء المخيم (فضّل عدم الكشف عن اسمه):”عيب أن يتحدث مسؤول بمستوى عزام الأحمد عن معركة جديدة، وكأننا لعبة بيده؛ نحن لا نحتمل رصاصة واحدة إضافية”.
ناشط شبابي: التصريح خطير ويتقاطع مع مشروع تصفية القضية
من داخل “مخيم عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان، عبّر عضو “الحراك الشبابي الفلسطيني المستقل”، محمد حسون، عن استهجانه الشديد لتصريح الأحمد، معتبرًا أنه “لا يعبّر عن خطاب قيادي مسؤول في هذه المرحلة الحساسة، بل يحمل في طيّاته تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان”.
وأضاف حسون في تصريح خاص لـ”قدس برس”:”هذا التصريح لا يمكن فصله عن المخطط الأوسع لضرب المخيمات وشيطنتها، كجزء من التمهيد لشطب حق العودة وإنهاء القضية الفلسطينية؛ هو يتقاطع بشكل واضح مع سياسات الاحتلال، من توسيع الاستيطان إلى تجفيف موارد أونروا، وصولًا إلى الضغط على الدول المضيفة”.
وتابع:”الخطير أن من يُفترض به أن يدافع عن شعبه، يلوّح بسيناريو أمني قد يحوّل المخيم إلى ساحة اقتتال جديدة، في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة وحماية المجتمع من الانهيار الإنساني والاجتماعي”.
وأكد أن “الواجب الوطني اليوم هو في تحصين المخيمات ورفض أي لغة عسكرية تُستخدم بحق أهلنا، لأن السفينة إذا غرقت فلن ينجو أحد، وفتح نفسها ستدفع الثمن كما سائر الفصائل والشعب”.
وختم بالتحذير من أن “أي معركة جديدة داخل عين الحلوة لن تبقى محصورة بين أطراف فلسطينية، بل ستمتد إلى صيدا ومحيطها، بل إلى لبنان كله؛ وهذا يستدعي تحركًا عاجلًا من العقلاء لمنع الانزلاق إلى الهاوية”.
ناشط لبناني من صيدا: تصريح الأحمد يخدم مشروع نزع السلاح ويهدد السلم الأهلي
ومن مدينة صيدا، اعتبر الناشط السياسي اللبناني، محي الدين عنتر، أن كلام عزام الأحمد “يأتي في سياق المؤامرة المستمرة على القضية الفلسطينية، التي تُحاك صهيونيًا وينفذها بعض المرتبطين بالعدو من خلال ما يُعرف بجماعة التنسيق الأمني”.
وأضاف عنتر في تصريح خاص لـ”قدس برس”:”بلا شك، أي إشكال في عين الحلوة يؤثر مباشرة على صيدا، فقد شهدت المدينة خلال اشتباكات 2023 شللًا كاملًا في قطاعاتها، وتعرضت أحياؤها للقذائف والرصاص الطائش؛ أمن صيدا من أمن المخيم والعكس صحيح”.
ورأى أن “الحلول الأمنية والعسكرية مرفوضة، وتدخل الجيش لن يحل الأزمة؛ قضية السلاح الفلسطيني لا تُعالج إلا بالحوار السياسي الجاد”.
وأشار إلى أن “بعض الفصائل متورطة في إذكاء الصراعات وتخوض حروبًا بالوكالة”، محذرًا من أن “أي اشتباك جديد لن يخدم القضية الفلسطينية، بل سيضاعف معاناة شعب منكوب”.
ودعا إلى “حركة تواصل جدية بين المرجعيات الصيداوية والفصائل الفلسطينية لضبط الخطاب السياسي، ووقف التصريحات المتفجّرة، مشيدًا بـ”الصدى الإيجابي الذي لاقاه النداء الصادر اليوم من فعاليات المدينة”.
وأكد أن “موضوع سلاح المخيمات يُحرَّك عند كل منعطف سياسي وأمني، وتصريحات الأحمد تصبّ في هذا الإطار؛ لكنها وعود من لا يملك، ولا يستطيع تنفيذها”.
وختم قائلًا:”نرفض بشكل قاطع هذا النوع من التصريحات، وعبّرنا عن ذلك علنًا، انطلاقًا من حرصنا على مصلحة مشتركة بين صيدا والمخيم، تقوم على التهدئة لا التصعيد”.
الشيخ خضر الكبش: عين الحلوة قلعة صمود وليست وكرًا للتطرف
وكان رئيس “تيار الارتقاء”(تنظيم لبناني)، الشيخ خضر الكبش، قد شدد في بيان له على أن “مخيم عين الحلوة ليس وكرًا للإرهاب والتطرف، بل قلعة من قلاع الصمود التي تضم شرفاء يتطلعون إلى التحرير والعودة، رغم الظروف المعيشية والأمنية الصعبة”.
واعتبر أن “سلطة رام الله تحاول عبثًا إشعال فتيل الفتنة داخل المخيمات، من خلال قرارات وطروحات لا تخدم إلا الأجندة الأمريكية، الهادفة إلى نزع سلاح الفصائل المقاومة، وإقصاء كل من يرفض مشروع التسوية والتطبيع مع العدو الصهيوني”.
ويُعدّ مخيم عين الحلوة في صيدا أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث عدد السكان، ويُعرف بتنوعه السياسي والفصائلي.
وقد تزايدت في الآونة الأخيرة المؤشرات على مساعٍ تقودها السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع جهات لبنانية ودولية لنزع سلاح الفصائل، ما أثار موجة اعتراض واسعة في الأوساط الشعبية والسياسية الفلسطينية.
ويرى مراقبون أن توقيت تصريحات الأحمد ليس بريئًا، في ظل تصاعد الحديث السياسي والإعلامي عن سلاح الفصائل، وسط ضغوط خارجية وداخلية متزايدة.
ويُحذّر هؤلاء من أن أي مغامرة عسكرية جديدة قد تفتح أبواب الكارثة، وتستجلب تدخلات لا تخدم القضية الفلسطينية، ولا أمن واستقرار لبنان.
المصدر: قدس برس
تصريح عزام الأحمد يفجّر المخاوف من عودة التوتر إلى “عين الحلوة” – وكالة قدس برس للأنباء