You are currently viewing نظرة عامة على الواقع الاقتصادي والتحديات الرئيسية التي تواجه سوريا في المرحلة الانتقالية.. الاستقرار الأمني والسياسي والتعاون الإقليمي والدولي أساس لأي تقدم اقتصادي

نظرة عامة على الواقع الاقتصادي والتحديات الرئيسية التي تواجه سوريا في المرحلة الانتقالية.. الاستقرار الأمني والسياسي والتعاون الإقليمي والدولي أساس لأي تقدم اقتصادي

الواقع الاقتصادي السوري بعد سقوط النظام مليء بالتحديات، ولكن هناك أيضًا فرص لإعادة البناء والتنمية. يتطلب تحقيق التعافي جهودًا مشتركة من الحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي، مع التركيز على الاستقرار الأمني والسياسي والتعاون مع المحيط الإقليمي والجهات الدولية كأساس لأي تقدم اقتصادي.

بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، يواجه الاقتصاد السوري تحديات جسيمة تعكسها آثار سنوات الحرب والدمار الذي طال البنية التحتية والقطاعات الحيوية.
ابرز تلك التحديات انهيار البنية التحتية وإعادة الإعمار، اذ تعرضت البنية التحتية السورية لتدمير هائل خلال سنوات الحرب، دُمرت الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس والمنشآت الصناعية. تكلفة إعادة الإعمار تُقدّر بما بين 250 إلى 400 مليار دولار، وهي عملية ستستغرق عقودًا من الزمن وتتطلب دعمًا دوليًا ضخمًا, لكن وفق خبراء فان هذه المبالغ هي قيمة الخسائر على المستوى الوطني في كافة القطاعات وعليه فان كلفة الاعمار ستحتاج الى مبالغ اقل من قيمة الخسائر.
وتواجه الحكومة الانتقالية ازمة تدهور القطاعات الاقتصادية الرئيسية على سبيل المثال القطاع النفطي انخفض إنتاج النفط من 400 ألف برميل يوميًا في 2010 إلى حوالي 91 ألف برميل في 2023، مما أثر على عائدات البلاد من العملات الأجنبية وبالعموم فان هذا القطاع اليوم خارج عن سيطرة حكومة دمشق ويخضع لسيطرة قوات قسد وحلفائها الأمريكيين ولا يمكن للحكومة الانتقالية ان تستفيد من هذا القطاع الا بالتفاهم واجراء تسوية سياسية مع قوات قسد شرق الفرات، اما التصعيد العسكري وخيار الدخول الى مناطق النفط والغاز بالحسم العسكري فانه سيفاقم من الازمات الاقتصادية، ويعطل أي مشاريع لتحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي للبلاد,
اما على صعيد القطاع الزراعي خربت الحرب الأراضي الزراعية وشبكات الري ما أدى إلى انخفاض الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على الواردات الغذائية واستنزفت زيادة الواردات القطع الأجنبي في البلاد اذ يندفع التجار الى جمع العملة الأجنبية من السوق لتأمين ثمن الوارد وهو ما يسبب عجزا في القطع الأجنبي يؤدي الى ارتفاع قيمته امام الليرة السورية.
في المجال الصناعي توقفت العديد من المصانع عن العمل بسبب نقص المواد الخام وتدمير المنشآت وغياب شبكات الكهرباء، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الصناعات المحلية وعدم قدرة الصناعيين على منافسة السلع الوادرة وارتفعت بذلك معدلات البطالة.
وهناك أيضا معضلة التضخم وانهيار العملة حيث شهدت الليرة السورية انهيارًا حادًا، حيث وصل سعر الدولار إلى 30 ألف ليرة قبل سقوط النظام، ثم تحسنت قيمتها نسبيًا إلى حوالي 15 ألف ليرة بعد الاستقرار الجزئي قبيل سقوط النظام, ومع ذلك، لا يزال التضخم مرتفعًا، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
واليوم وفي هذه المرحلة الانتقالية ازدادت معاناة المواطن السوري اضعاف ما كان عليه الوضع سابقا، بسبب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي امام الليرة ” الدولار الواحد يساوي ٧٥٠٠ ليرة ” دون ان ينعكس ذلك على قيمة السلع في الأسواق التي بقيت مرتفعة وفق سعر الصرف ” الدولار يساوي ١٥٠٠٠ ليرة “، وبالنظر الى ان قطاع واسع من الشعب يعتمد على الحوالات من الخارج من الاقارب والابناء بسبب الازمة المعيشية الخانقة التي سادت خلال السنوات الماضية، وهذه التحويلات تاتي بالدولار الأمريكي غالبا، فان قيمة هذه الأموال تنخفض عند تصريفها للعملة المحلية، بينما تستخدم لشراء احتياجات مازالت مرتفعة الثمن ولم تتأثر بانخفاض سعر صرف الدولار الجديد في الأسواق السورية.
اما بالنسبة لمشكلة البطالة حيث تجاوزت نسبة البطالة 50% في بعض المناطق، وهاجر ملايين السوريين، بما في ذلك الكفاءات العلمية والمهنية، مما أثر على قدرة البلاد على التعافي الاقتصادي وخلق نوع من عدم الاستقرار الاجتماعي والفساد الاضطراري المشرعن والعلني تقريبا في زمن النظام السابق.
لكن تبقى العقوبات الدولية العامل الأكثر محورية سواء في تردي الوضع الاقتصادي الراهن او محاولات النهوض به.
حيث لا تزال العقوبات الدولية المفروضة على سوريا تشكل عائقًا رئيسيًا أمام التعافي الاقتصادي، حيث تقيد الاستثمارات الأجنبية وتعيق إعادة الإعمار واليوم رفع هذه العقوبات له متطلبات ومحكوم بشروط على الإدارة الجديدة الإيفاء بها وعلى راسها الاستقرار السياسي والحوكمة والشرعية الشعبية عبر حكومة تجمع كل أطياف الشعب السوري والذهاب نحو تنظيم انتخابات.
بعد سقوط النظام، بدأت تظهر علامات تحرير الاقتصاد، حيث أُزيلت بعض القيود على التجارة والعملات الأجنبية. ومع ذلك، لا تزال هناك فوضى في الأسواق بسبب غياب الضوابط والتنظيم واتخاذ قرارت والتراجع عنها مثل قرارات الجمرك والانفلات الأمني في بعض المناطق.
تحتاج سوريا إلى مساعدات دولية ضخمة لإعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم. كما أن عودة اللاجئين تتطلب توفير بيئة آمنة وفرص عمل, كما يعتمد التعافي الاقتصادي على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، حيث أن استمرار الصراعات بين الفصائل او بين الإدارة في دمشق وقسد او رفض مناطق الانضواء تحت الحكم الجديد كما في جنوب سورية كل ذلك يعيق بشكل مباشر جهود اطلاق العجلة الاقتصادية او إعادة الإعمار.
ولا يمكن اغفال افة الفساد وغياب الشفافية كان الفساد أحد السمات البارزة في النظام السابق، ولا يزال يشكل تحديًا في المرحلة الانتقالية، حيث يحتاج الاقتصاد إلى إصلاحات مؤسسية لضمان الشفافية وحسن إدارة الموارد.
رغم هذه الصعوبات والتحديات مازال هناك فرص لتحقيق التعافي الاقتصادي و جذب الاستثمارات الأجنبية، وإعادة بناء القطاعات الحيوية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي الامر كله يتعلق باتجاهات الإدارة الجديدة، والانتقال من عقلية الثورة والانتقام ونبذ الأقليات الى عقل الدولة العادلة التي تجمع كافة اطيافها تحت عباءة الدولة، والتخلي عن الأيديولوجيا المتشددة وفرضها على المجتمع، وهو ما يشيع حالة من القلق وعدم اليقين بالمستقبل وهذا اهم عوامل عرقلة التعافي الاقتصادي.

المصدر: رأي اليوم

نظرة عامة على الواقع الاقتصادي والتحديات الرئيسية التي تواجه سوريا في المرحلة الانتقالية.. الاستقرار الأمني والسياسي والتعاون الإقليمي والدولي أساس لأي تقدم اقتصادي | رأي اليوم

شارك المقالة