في الوقت الذي يُكثّف فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في قطاع غزة، بادّعاء إحكام السيطرة على مناطق شمالية عدة، فاجأت المقاومة الفلسطينية الاحتلال بعملية مركّبة في قلب جباليا، كشفت من جديد هشاشة منظومته الاستخباراتية والعسكرية.
تحول تكتيكي
في هذا السياق، قال الخبير العسكري والمحلل السياسي نضال أبو زيد، إن “إعلان رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير عن توسيع العملية العسكرية المسماة (عربات جدعون)، جاء متزامنًا مع رد نوعي من المقاومة، تمثل في كمين مركّب نفذته في جباليا ضمن عملية (حجارة داود)، وذلك في منطقة سبق لرئيس الأركان أن أعلن مرارًا السيطرة عليها”.
وأضاف أبو زيد في حديثه لـ”قدس برس”، اليوم الثلاثاء، أن العملية “تؤكد استمرار تماسك قدرات المقاومة في الرصد والاستطلاع وتحديد أهداف الفرصة عالية القيمة، في الوقت الذي يفشل فيه جيش الاحتلال بتحقيق معادلة (التثبيت والتطهير) في المناطق التي يتوغل فيها”.
وأشار أبو زيد إلى أن “كمين جباليا يشير إلى تحوّل تكتيكي في أسلوب المقاومة، الذي يعتمد على نهج قتالي جديد يركّز على العمليات العسكرية المشتركة، واستهداف أضعف حلقات الاحتلال: القوة البشرية”.
وأوضح الخبير العسكري الأردني أن “المقاومة تركّز جهودها حاليًا على المحور الشمالي، حيث تقاتل فرقة المدرعات 162 ولواء “جفعاتي”، وهو محور يُستخدم كمشاغلة وتضليل، بينما يتم تثبيت الجهود الرئيسية في محور كيسوفيم – عبسان – الزنة – خانيونس، وهو المحور الذي تُراهن عليه المقاومة لتكبيد الاحتلال خسائر متزايدة، نظرًا لضعف قوته النارية وقلّة دعمه اللوجستي”.
هذا الأسلوب، بحسب أبو زيد، “يرفع كلفة العملية العسكرية على الاحتلال، وقد يدفعه مجددًا للعودة إلى طاولة المفاوضات، والقبول بالمبادرة المطروحة، بعد إدخال تعديلات المقاومة عليها”.
دلالة المكان
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد إن “عملية جباليا نُفذت في أقصى شرق المخيم، على ضفاف شارع صلاح الدين، قرب موقع (الإدارة المدنية) التابعة للاحتلال”.
وأوضح زياد في تغريدة عبر منصة “إكس”، أن “تنفيذ العملية في هذه النقطة يعني أنها وقعت خلف خطوط العدو، وتحديدًا خلف مناطق يدّعي جيش الاحتلال السيطرة عليها ويقوم بتجريفها ونسفها”.
وأضاف أن “منطقة الكمين عبارة عن أراضٍ زراعية مدمّرة، لا تكاد تحتوي على مبانٍ، وهو ما يجعل تنفيذ عملية بهذا المستوى فيها إنجازًا تكتيكيًا مهمًا، في سياق المواجهة العنيفة الدائرة على الأرض”.
واعترف جيش الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء بمقتل ثلاثة من جنوده خلال اشتباكات مسلحة مع المقاومة الفلسطينية شمالي قطاع غزة مساء أمس.
تصعيد العمليات جنوب غزة
وتواصل “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، لليوم الـ605 على التوالي، مقاومة القوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور بقطاع غزة، مسجلةً ميدانياً مئات القتلى من ضباط وجنود العدو، وإصابة عشرات الآلاف، إلى جانب تدمير مئات الآليات بشكل كلي وجزئي.
وأكدت الكتائب تنفيذ عدة عمليات نوعية استهدفت تجمعات لقوات الاحتلال وآلياتها في خان يونس جنوب القطاع، حيث أعلن مقاتلو القسام الأحد استهداف دبابة إسرائيلية بمنطقة قيزان النجار جنوب خان يونس.
كما أفادت الكتائب بقصف تجمع لقوات الاحتلال شرق بلدة القرارة جنوبي القطاع بـ13 قذيفة هاون، بالإضافة إلى استهداف موقع “العين الثالثة” شرق خان يونس بثلاثة صواريخ قصيرة المدى من نوع “رجوم”، وذلك يوم السبت.
في سياق متصل، أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تنفيذ قصف مشترك مع كتائب شهداء الأقصى على تجمعات لجنود وآليات الاحتلال المتوغلين في محيط منطقة الضابطة الجمركية جنوب شرقي خان يونس.
ونشرت “سرايا القدس” صورًا تظهر قصف عناصرها بقذائف الهاون على مواقع جنود وآليات العدو في خان يونس، في استمرار لتصعيد المواجهة على الأرض.
المصدر: قدس برس
دلالات وتبعات كمين “القسام” لقوات الاحتلال في جباليا – وكالة قدس برس للأنباء