You are currently viewing ماذا خلف وضع حكومة الجولاني الانتقالية “علم إمارة أفغانستان” ولماذا بات التلفزيون السوري يبث “أناشيد جهادية” وتساؤلات عن احترام الميّت بعد حرق ضريح حافظ الأسد.. هل يُواصل الأسد شُرب الشاي في موسكو؟ وإيران تشعر بالإهانة كيف؟ وسورية أردوغان الجديدة “منزوعة المخالب”!

ماذا خلف وضع حكومة الجولاني الانتقالية “علم إمارة أفغانستان” ولماذا بات التلفزيون السوري يبث “أناشيد جهادية” وتساؤلات عن احترام الميّت بعد حرق ضريح حافظ الأسد.. هل يُواصل الأسد شُرب الشاي في موسكو؟ وإيران تشعر بالإهانة كيف؟ وسورية أردوغان الجديدة “منزوعة المخالب”!

لا يزال السوريون يتوافدون إلى ساحات وميادين بلادهم، احتفالاً بما يقولون إنه نهاية عصر الديكتاتورية، والقمع، ومُصادرة الحريات، باحثين عن بقايا صور كما يصفوه بـ”الرئيس المخلوع الهارب” وتماثيل والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، بالشوارع العامّة، وإزالتها، وإسقاطها، في مشهد ما كان ليخطر ببالهم قبل أسابيع، لكن أمام هذا المشهد الاحتفالي الشعبي، لا يُخفي السوريون النخبيون مخاوفهم، وتساؤلاتهم عن مشهد سورية ما بعد الأسد، في ظل سيطرة هيئة تحرير الشام، وزعيمهم أحمد الشرع المُلقّب بالجولاني.
“أصول الجولاني”
يسأل السوريون عبر منصّاتهم التواصلية، إن كان أحد يعرف أصول “الجولاني”، فمن هو والده، والدته، إخوته، فهم لا يعرفون عنه إلا أنه من عائلة الشرع، ولا يعرفون إن كان أصله سُوريًّا بحُكم تنوّع جنسيات المُقاتلين في الفصائل المسلحة، لكن الثابت في كل هذا أن الجولاني حين كان حاكمًا لإدلب، كان يُصرّح بأنه في حال سقوط دمشق، سيحكم البلاد بشريعة الإسلام، ولكنه عاد وأكّد على شاشة “سي إن إن” الأمريكية أنه تغيّر وبحُكم تقدّمه بالعمر، فيما لم يشر إلى نيّته عقد انتخابات لاختيار رئيس جديد لسورية على الأقل حتى الآن.
“إمارة سورية”
المشاهد القادمة من العاصمة السورية دمشق، وهي تحت سيطرة حُكّامها الجُدُد، توحي بأن البلاد ذاهبة إلى مشهد إسلامي مُتشدّد، يُدار بعقلية الشورى الإسلامية، فمثلاً لم يُخف رئيس الحكومة الانتقالية السورية محمد البشير توجّهاته الإسلامية خلال رئاسته لجلسة نقل السلطة لحكومته، فظهر خلفه علم سورية تحت الانتداب “علم الثوار”، والذي يحمل ألوانا مختلفة عن العلم السوري للدولة السورية، إلى جانب راية بيضاء مكتوبٌ عليها بالأسود “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وهي الراية التي أعادت للأذهان علم إمارة أفغانستان، ما يطرح التساؤل إذا كانت البلاد انتقلت من حكم البعث إلى حكم القاعدة وأخواتها.
وتعتنق حركة طالبان في أفغانستان فكرًا سنيًّا مُتطرّفًا “جهاديًّا”، ولطالما تبنّت هيئة تحرير الشام العلم الأبيض نفسه. وكان قد رُفع فوق مؤسسات مدنية في إدلب في السابق.
“أناشيد جهادية”
مشهدٌ آخر يدفع السوريين إلى وضع علامات استفهام حول مستقبل بلادهم، حيث بثّث شاشة التلفزيون السوري نشيدًا دينيًّا من الأناشيد المعروفة جهاديًّا، وكُتب خلال البث “نشيد في سبيل الله، من حفل معايدة مصابي فصائل الفتح المبين”، ليتحوّل التلفزيون إلى تلفزيون جهادي، هذا إلى جانب بث لقطات من أماكن تواجد أحمد الشرع الجولاني في مشهدٍ قد لا يختلف كثيرًا يقول منتقدون عن حالة تقديس الأسد التي يمقتها السوريون في إعلامهم المحلّي.
وللتذكير يتبع التلفزيون العربي السوري الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سوريا، وهو التلفزيون الرسمي الحكومي، تأسس مع شقيقه التلفزيون المصري في يوم واحد زمن الوحدة بين مصر وسوريا، في 23 يوليو 1960.
حرق ضريح حافظ.. أين الجثمان؟
ومع تأكيد حكّام دمشق الجُدُد على سلمية مقدمهم، وأنهم جاؤوا لتحرير البلاد، والعباد من العبودية، والديكتاتورية، تسلّطت الأضواء على مشهد آخر مُثير للجدل، حين أقدمت فصائل “ردع العدوان” إدارة العمليات العسكرية على حرق ضريح الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، بعد وصول الفصائل المسلحة إلى قبره في مسقط رأسه القرداحة بمحافظة اللاذقية شمال غربي البلاد، وأشهر المسلحون أسلحتهم، وجالوا مُهللين “الله أكبر” حول الضريح، وفوقه، ووجّهوا السباب والشتائم للرئيس الراحل، وآل الأسد، وقالوا إن فعلتهم تلك جاءت للانتقام للشعب السوري من فظائع حكم الأسدين.
وذكرت تقارير نقلًا عن مصادر محلية أن جثمان الأسد الأب نُقل إلى مكانٍ مجهول، الأمر الذي أثار تساؤلات السوريين حول إذا كانت جرائم حافظ الأسد، تُبرّر نبش القبور، وعدم احترام الميت، ومُحاسبته بدل الخالق بعد موته، وهي من تعاليم الدين الإسلامي، وأين تلك الفصائل عن المسلحة عن تواصل إسرائيل اجتياحها للأراضي السورية.
موسكو دفعت الأسد للفرار!
ومع سُرعة سُقوط نظام الأسد، وتناسل التساؤلات حول الأسباب، نقل موقع “بلومبيرغ” عن مسؤولين روس قولهم إن موسكو دفعت الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى الفرار من سوريا بعد تأكّدها من هزيمته، وذكروا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب معرفة سبب إخفاق الاستخبارات الروسية في توقع تلك النهاية قبل فوات الأوان، ويبدو هنا أن الرئيس الروسي يشعر بأنه فقد نفوذه تمامًا في سورية، والشرق الأوسط.
ولافت حتى الآن بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يُعلّق على سقوط نظام حليفه الأسد، فيما التساؤلات مطروحة حول وضع قواعده على الأراضي السورية، إضافة إلى خسارته سورية، وانتقالها وجيشها لمعسكر الغرب، فحكومة دمشق الجديدة تبدو غربية الانتماء بامتياز بتوجّه إسلامي بحت.
انتقام أوكراني
تقرير أمريكي أفاد بأن فصائل المعارضة السورية التي أسقطت نظام بشار الأسد، تلقّت طائرات مسيّرة ودعما من عملاء الاستخبارات الأوكرانية، وذلك وفقًا لما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية في الخارج.
وبحسب هذه المصادر فقد عمدت الاستخبارات الأوكرانية لإرسال حوالي 20 مشغل طائرات مسيرة ذوي خبرة وما يقارب من 150 طائرة مسيرة إلى هيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، قبل أربعة إلى خمسة أسابيع، وهذا عامل إضافي يطرح تساؤلات حول الأسباب التي دفعت موسكو لعدم وضع كل ثقلها لدعم الأسد، إذا كانت أحد الأسباب “أوكرانية”، وتُرك الجيش السوري لمصيره، تحت تبرير قناعة الروس بأنه لا رغبة عند الجنود السوريين بالقتال.
هل يشرب الأسد الشاي في المحكمة؟
وفي حين يتحدّث الجولاني عن نيّته مُلاحقة كل المسؤولين عن تعذيب الشعب السوري، التساؤلات مطروحة حول ما إذا كانت موسكو ستستجيب لطلب دمشق تسليم حليفها الأسد، مُقابل البقاء الروسي في سورية، صحيفة الغارديان البريطانية تقول في ذلك السياق في مقال للكاتبة مارينا هايد، بعنوان “مذكرة إلى عائلة الأسد: قد يستقبلكم بوتين في موسكو، لكنني لن أشرب شايه”، حيث تُشير الكاتبة إلى أن “عائلة الأسد قد تكون في وضع غير مستقر للغاية”، مبينة أنه “من الممكن أن يكون بشار على وشك الانطلاق في رحلة طويلة.. أو حتى قصيرة”.
وتُشكّك الكاتبة هايد في استمرارية استضافة بشار الأسد في موسكو، مشيرة إلى إمكانية حدوث تغييرات مفاجئة قد تنتهي بعائلة الأسد في محكمة العدل الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبوها، أو قد يصبحون بلا دعم سياسي مستقبلي، بقولها “من المؤكد أنه من الممكن في مرحلة ما أن يشعر مضيفك الكريم بالملل.. وفي هذه المرحلة قد تضطر فجأة إلى القيام برحلة إلى لاهاي بعد كُل شيء”.
كرامة إيران.. كيف تسترجع سورية؟
ويبدو أن إيران تشعر بعد سُقوط الأسد، أن الأمر يتعلّق بكرامتها، ومكانتها، حيث قالت صحيفة “آرمان إمروز” إن طهران حوّلت العلاقة مع سوريا إلى موضوعٍ يتعلّق بمكانتها وكرامتها، وبالتالي فإنّ طهران تتحمل عبئًا نفسيًّا كبيرًا هذه الأيّام بعد سُقوط الأسد، وتحوّل مشهد سقوط الأسد بالنسبة لبعض الإيرانيين كمدخلٍ لانتقاد سياسات طهران وفشلها، ما دفع صحيفة “كيهان”، المُقرّبة من المرشد السيد علي خامنئي القضاء الإيراني إلى محاسبة كل من ينتقد أو يسخر من سياسات إيران في سوريا خلال العقد الأخير، وقالت إن البعض بدأ يحتفل بهذا السقوط، وهو ما يستوجب مُحاسبة عاجلة وعملية من القضاء والنيابة العامة.
ولا يُعرف كيف يُمكن لإيران استرجاع سورية، بعد سُقوط حليفها وبلاده بين أيدي إسرائيل وتركيا، وفصائل المُعارضة، فالمرشد الإيراني توعّد باسترجاع سوريا مرّةً أخرى، وطرد الولايات المتحدة الأميركية من المنطقة.
حماس تُبارك
حماس الخارج يبدو أن النهج الإسلامي الذي ترفعه الفصائل المسلحة بعد سقوط الأسد، برّاق وأبهج فيما يبدو خالد مشعل الذي قال إنه يُبارك “للشعب السوري العظيم نجاحه في ثورته ضد الاستبداد والظلم”، و”ندين بكل قوة العدوان الغاشم على سوريا ومقدراتها”.
أردوغان ناصر المظلومين؟
وفي تركيا المُنتشية بالسيطرة على سورية وإسقاط الأسد، استعرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نصره، ودخل على أنغام موسيقى تاريخية من المسلسلات الدرامية مع أطفال سوريين نحو منصّة خطابه في فعالية حول حقوق الإنسان نظّمها حزبه الحاكم العدالة والتنمية، وفي الخلفية صوت يقول ناصر المظلومين، ويبدو أنه يستعد للصلاة بالمسجد الأموي في دمشق حيث زيارة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ورئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين إلى دمشق في خطوة قالوا إنها لتعزيز الثقة الدولية بسوريا الجديدة، سورية الجديدة كما وصفها أردوغان، التي فقدت 80 بالمئة من مُقدّرات جيشها جرّاء الغارات الإسرائيلية، لتتحوّل إلى “سورية منزوعة المخالب” ينتظر جيشها الجديد تسليحه من أمريكا.
سورية الجديدة
بكُل حال، هو واقع جديدٌ في سورية، سقط نظام الأسد، والمُنتصر يكتب التاريخ، دخلت سورية عهدًا جديدًا يأمل السوريون عبر منابرهم التواصلية، ألا يكون على طريقة ليبيا بالاقتتال الداخلي بين الفصائل، ولا العراق على طريقة منح الأقليات حكمًا ذاتيًّا، ولا دولة إسلامية متطرّفة يعود معها “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، بل دولة مدنية تسمح لكل أطياف المجتمع السوري بالتعايش، والتسامح، وتأدية العبادات كل على دينه، والأهم عدم الصمت ومُقاومة مطامع الاحتلال الإسرائيلي بالأراضي السورية، فالجيش الإسرائيلي يقول الذي يتقدّم تحت جنح الليل يقول ان تواجده في سورية: “منوط بقرار المستوى السياسي، وإلى حين التأكّد من أنه لا يوجد تهديد محتمل قد ينطلق من هذه المنطقة على أمن إسرائيل”!

المصدر: رأي اليوم

https://www.raialyoum.com/%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%ae%d9%84%d9%81-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a/

شارك المقالة