اقتربت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها الثلاثاء من مدينة حماة في وسط سوريا، مع استمرار الهجوم المباغت الذي بدأته في شمال البلاد منذ ستة أيام، بينما تحاول قوات الجيش العربي السوري منعها من الوصول إلى المدينة، بدعم من الطيران الروسي.
في مواجهة استئناف واسع النطاق للأعمال العدائية التي أوقعت أكثر من 600 قتيل في أسبوع في سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، تزايدت الدعوات الدولية لوقف التصعيد.
وشاهد مصور وكالة فرانس برس صباح الثلاثاء عشرات الدبابات والآليات التابعة للجيش السوري والمتروكة على الطريق المؤدي إلى حماة. وكان الجيش أعلن إرسال تعزيزات إلى المنطقة لإبطاء تقدّم المسلّحين خلال اليومين الماضيين.
وأفاد المرصد بأنّ “اشتباكات عنيفة تدور في شمال محافظة حماة” التي تنطوي على أهمية استراتيجية لوجودها على الطريق الرابط بين حلب في الشمال والعاصمة دمشق، فيما “ينفّذ الطيران الروسي والسوري عشرات الضربات” على مواقع الفصائل المعارضة.
بحسب المرصد، سيطرت الفصائل المعارضة على عدّة مواقع في المنطقة.
وقال مقاتل عرّف عن نفسه باسم أبو الهدى الصوراني “نعمل على التقدم باتجاه مدينة حماة بعد تمشيط” البلدات التي تمت السيطرة عليها. والإثنين، قصفت هذه الفصائل المدينة بصواريخ، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين، وفقا للمرصد.
ويأتي ذلك بعدما أصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في هذا البلد في 2011، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل مدعومة من أنقرة عليها، باستثناء أحيائها الشمالية التي يسكنها الأكراد.
الجيش السوري الذي لم يبد، وفق المرصد، “مقاومة كبيرة” في حلب، أشار إلى “استمرار المواجهات العنيفة بين الجيش والتنظيمات الإرهابية على محاور ريف حماة الشمالي والغربي والشرقي بالتزامن مع قصف مدفعي مركز للجيش باتجاه مواقع انتشار تلك التنظيمات”، وفق ما أودرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
ولاحقا أفادت الوكالة بـ”وصول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة حماة لتعزيز القوات الموجودة على الخطوط الأمامية والتصدي لأي محاولة هجوم”.
وبلغت حصيلة قتلى المعارك والغارات في شمال البلاد وشمال غربها، والتي لم تشهد لها سوريا مثيلا منذ سنوات، 602 منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بينهم 104 مدنيين، وفقا للمرصد، كما أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان.
الثلاثاء، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، إنه يرغب في نهاية “سريعة” للهجوم الذي شنته هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها.
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي “إذا طلبت الحكومة السورية من إيران إرسال قوات إلى سوريا فسندرس الطلب”.
وحتى السبت، نزح أكثر من 48500 شخص في منطقة إدلب وشمال حلب، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
من بين هؤلاء الآلاف من الأكراد السوريين الذين اصطفّت سياراتهم وشاحناتهم أو دراجاتهم النارية المحمّلة بالفرش والبطانيات على طريق حلب-الرقة السريع (شمال)، وفق مصور وكالة فرانس برس، وذلك للوصول شرقا إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية التي يهيمن عليها الأكراد.
في إدلب التي قصفها الطيران السوري والروسي ردا على الهجوم على حلب، أظهرت صور لوكالة فرانس برس عناصر إنقاذ بينما كانوا يبحثون بين أنقاض المباني التي دمّرتها الغارات التي استهدفت أيضا مخيّما للنازحين في حرنبوش.
وقال حسين أحمد خضر “لا أستطيع وصف الرعب الذي شاهدناه”.
ومنذ العام 2020، يسري في إدلب منذ السادس من آذار/مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو وأنقرة، وأعقب حينها هجوما واسعا شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
في حلب، أظهرت صور لفرانس برس مسلّحين يقومون بدوريات في شوارع المدينة قرب القلعة التاريخية أو اتخذوا مواقع في المطار الدولي للمدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالى مليوني نسمة.
كذلك، أظهرت صور سكانا يقفون في طابور للحصول على الخبز الذي توزعه إحدى الجمعيات، بعدما أغلقت الأفران ومتاجر بيع الأغذية وفق المجلس النروجي للاجئين.
وقال نزيه يرستيان البالغ 60 عاما وقد لزم وزوجته منزلهما في الحي الأرمني “لم يهاجمنا أحد حتى الآن، لكننا نريد المغادرة إلى أن تهدأ الأمور”.
وأفادت الأمم المتحدة الثلاثاء بسقوط “كثر من الضحايا المدنيين، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال” في هجمات للطرفين، وبتدمير “ممتلكات مدنية، بما فيها مرافق صحية” وتعليمية و”أسواق للمواد الغذائية”.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن أقل من ثمانية فقط من مستشفيات حلب تواصل العمل وقد بلغت أقصى قدراتها الاستيعابية.
وشبكة توزيع المياه متضررة، وفق المجلس النروجي للاجئين.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “وقف فوري للأعمال العدائية”، حسبما ما نقل عنه المتحدث باسمه.
من جانبها، حضّت واشنطن “كل الدول” على “استخدام نفوذها” لخفض التصعيد في سوريا، كما ندد الاتحاد الأوروبي بالضربات الروسية على المناطق ذات الكثافة السكانية.
من جانبه، اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان أنّ “التصعيد الإرهابي”، يهدف إلى “إعادة رسم خريطة المنطقة”.
كذلك، تعهّد بزشكيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي تقديم “دعم غير مشروط” للأسد.
ووفق الكرملين، أكد الرئيسان أيضا “أهمية تنسيق الجهود… بمشاركة تركيا” التي تدعم فصائل معارضة في شمال سوريا.
والثلاثاء، حذّرت قطر من أن “الحل العسكري لن يؤدي إلى نتيجة مستدامة”، وأعلنت توفير مساعدات إنسانية للسوريين بالتنسيق مع تركيا.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا أودى بأكثر من نصف مليون شخص، ودفع الملايين إلى النزوح وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.
ومنذ 2015، تمكنت القوات السورية بدعم من إيران وروسيا من استعادة مناطق شكلت معاقل للفصائل المعارضة. وساهم التدخل الجوي الروسي في تعديل كفة الميدان لصالح دمشق. ورغم ذلك، بقيت مناطق واسعة خارجة سيطرة القوات الحكومية.
واحتفظت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها بمناطق في محافظة إدلب وأجزاء متاخمة من محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة، فيما سيطرت القوات الكردية المدعومة من واشنطن على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد.
المصدر: رأي اليوم
Publisher: Raialyoum