You are currently viewing أيَّامُ الزنابيرِ والسيطراتِ

أيَّامُ الزنابيرِ والسيطراتِ

على سبيلِ التَّجربة، لو قُدِّرَ لي (والعياذُ بالله) أن أتعاقدَ مع جماعةٍ إرهابيَّةٍ لنقلِ عشرينَ شاحنةٍ مفخَّخةٍ يوميّاً من بغداد إلى البصرة، سأضمنُ لها إدخالَ هذا العددِ وربَّما أكثرَ أو أقلَّ تبعاً للظروف.

فعلى امتدادِ سبعمئةِ كيلومترٍ، توجدُ سيَّارةُ سونارٍ واحدةٌ فقط لكشفِ المتفجِّراتِ عند سيطرةِ السِّدرةِ في المدخلِ الشماليِّ للبصرة، وهي أشبَهُ بديكورِ المطابخِ القديمةِ، ولا تقلُّ شأناً عن جهازِ السونارِ سيِّئِ الصِّيتِ، الذي لعنَ اللهُ صانعَه ومصدِّرَه ومستوردَه.

بإمكانِ أيِّ سائقِ تريلةٍ شاطرٍ أن يتعرَّفَ على أفرادِ السيطرات و”يبيع ميانة” معهم، وفي غضونِ أسبوعٍ واحدٍ يتحوَّلُ إلى (سائق عِرِف). عندها، سيسمعُ كلمةَ مرورٍ واحدةً: “هله عيني هله، … أطلع … اللهُ وياك.”

ذهبتْ أيَّامُ الزنابيرِ والسيطراتِ التي لا يطيرُ فوقَها الطير، وأذكرُ إنني أثناءَ خدمتي العسكريَّة، اتَّفقتُ مع آمرِ السريَّةِ على النزولِ خميساً وجمعة من دون نموذج، وفي أوَّلِ سيطرةٍ، أشارَ إليَّ الانضباطُ بأصبعه: “إنتَ الگاعدُ بالأخير… لا تقرأ لي (فَأَغْشَيْنَاهُمْ) ولا (سَدًّا) ولا (مَدًّا)… انطيني إجازتَك.”

وبعد أقلَّ من أربعٍ وعشرينَ ساعة، وجدتُ نفسي جالساً القرفصاء في مديريَّةِ تسفيراتِ الشَّعب أُقلدُّ صوت العگروگ.

 

الكاتب: نعمة عبد الرزاق

المصدر: المسلة

https://www.facebook.com/people/Iraqmy-Heart/100086061608752/

شارك المقالة