رغم التزام باريس وأبو ظبي والرباط الصمت وتفادي التعليق، يبدو أن طائرات ميراج 2000 الإماراتية قد تنتهي في حظيرة سلاح الجو المغربي بدل دول أخرى مثل اليونان ومصر. ويساعد تجاوز العلاقات المغربية-الفرنسية مرحلة التوتر في إتمام هذه الصفقة.
ووقعت الإمارات مع فرنسا خلال ديسمبر 2021 على إحدى أكبر الصفقات في تاريخ تسلح بالحصول على أكثر من 80 طائرة من نوع رافال بقيمة 16 مليار يورو. ومع بدء قرب تسلم هذه المقاتلات المتطورة التي ترغب في منافسة إف 15 وإف 35 الأمريكية، ترغب أبو ظبي في تسليم ميراج 2000 التي تشكل حتى الآن العمود الفقري لسلاح الجو الإماراتي للمغرب.
وعادة عندما تقتني دولة ما كمية كبيرة من العتاد الحربي الجديد تحاول التخلص من القديم نظرا لمصاريف الصيانة العالية، رغم أنه عادة ما يكون عتادا مازال يحافظ على جاهزيته القتالية. وهذا يحدث مع مقاتلات ميراج 2000 الفرنسية التي في حوزة الإمارات التي وإن لم تعد تصنعها فرنسا منذ 2011 لأنها تركز على رافال فهي ضمن المقاتلات المتطورة في العالم للمهام المتعددة التي تنفذها. وكانت الإمارات قد اقتنت 62 ميراج 2000- صنف 9 نهاية التسعينات حتى 2009، أي يتعلق الأمر بطائرات حديثة.
ومنذ بداية الحديث عن فرضية تسليم ميراج 2000 الإماراتية الى دولة ثالثة، جرى الحديث وفق عدد من المواقع المتخصصة في الأخبار العسكرية مثل غالكسي ميليتاري وديفانس نيوز وأوبكس 360 عن أربع دول وهي اليونان ومصر والهند ثم المغرب. ويبدو أن معظم التقارير تفيد باحتمال حصول المغرب على طائرات الميراج 2000 الإماراتية، وآخر هذه التقارير ما ورد منذ أيام في موقع “أفياسيون لجندير” الفرنسي المختص في أخبار الطيران المدني والحربي.
وتلتزم أبو ظبي والرباط وباريس الصمت في هذا الملف، غير أنه توجد عدة معطيات هامة تفيد بأن المقاتلات قد تنتهي عند الجيش المغربي وعلى رأسها عدم معارضة فرنسا لتحويلها للمغرب، وذلك بعدما عادت تجاوز البلدان (المغرب وفرنسا) الأزمة الشائكة التي مرت بها العلاقات الثنائية منذ 2021 حتى بداية الصيف الماضي. وفي الوقت ذاته، قد يترتب عن عملية التحويل عودة الصناعة العسكرية الفرنسية الى السوق المغربية التي فقدتها لصالح أمريكا. ويضاف الى هذا أن مصر لديها مقاتلات رافال وتهتم بالمقاتلات الصينية بعدما عجزت عن تحديث إف 16 الأمريكية التي لديها، وتنهج الهند سياسة التشاركية في الصناعة، بمعنى أن الدولة التي ستبيعها المقاتلات عليها تصنيع جزء منها في الأراضي الهندية، بينما تركز اليونان على رافال.
من جهة أخرى، ثمن التحويل سيكون رمزيا، كما أن تحديث هذه الطائرات لن يتعدى نصف مليار يورو، وهو مبلغ غير مرتفع مقارنة مع ارتفاع أسعار السلاح خلال العشر سنوات الأخيرة بسبب ارتفاع الطلب نتيجة انتشار رقعة النزاعات وتراجع القانون الدولي في حلها. كما أن الطيارين المغاربة لديهم تجربة مع طائرات الميراج التي مازالت بعض أنواعها في سلاح الجو المغربي. ويبقى الأساسي هو حاجة المغرب إلى مقاتلات لتعزيز أسطوله في وقت لم يتسلم بعد كل مقاتلات إف 16 الأمريكية التي ينتظرها، في وقت رفعت إسبانيا والجزائر (بطائرات روسية) من عدد المقاتلات بحسابات التوزان العسكري، وتترقب تطورات هذه الصقفة بين الإمارات والمغرب بمباركة فرنسية.
ومنذ أشهر، تتحدث الصحافة الإسبانية بين الحين والآخر عن صفقة الميراج 2000 الإماراتية للمغرب، وكيف ستنعكس على التوازن العسكري في غرب البحر الأبيض المتوسط وخاصة على إسبانيا. وآخر هذه الصحف جريدة كونفدنسيال منذ أيام، ويوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري حيث كتبت هفتنتغون بوست مقالا بعنوان “المغرب يستعد لثورة في مجال الدفاع الجوي باقتناء مقاتلات متطورة بسعر رخيص”. وعموما، اعتادت الصحافة الإسبانية التركيز على كل الصفقات العسكرية للمغرب مهما كان حجمها نظرا للأطروحة السائدة في المخيال الإسباني بأن مصدر الخطر على أمن اسبانيا هو جنوب مضيق جبل طارق.
ومن المنتظر جدا ألا يتسلم المغرب كل مقاتلات ميراج 2000 التي في حوزة الإمارات، بل سيكتفي في أقصى الحالات بحوالي 24 مقاتلة وستحتفظ الإمارات على الأقل بسرب أو سربين للضرورة الأمنية حتى ينجح طيارو الإمارات في السيطرة التامة على رافال. ومن المنتظر كذلك أن يبدأ المغرب بتسلم السرب الأول ربما مع منتصف السنة المقبلة بالتوازي مع بدء تسلم الإمارات رافال.
المصدر: القدس العربي