بدأ الكيان يُواجِه مُعضلةً جديدةً وخطيرةً تتمثّل في محاولات دولٍ كثيرةٍ، حتى من أصدقاء إسرائيل، باعتقال جنودٍ وضُبّاطٍ من جيش الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم حربٍ في قطاع غزّة، اعتمادًا على قرار محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي، وبينما انتشرت أخبار حول هروب جنديٍّ إسرائيليٍّ من البرازيل بعد فتح تحقيق بشأن ارتكاب جرائم حرب، ظهرت قضية مشابهة في دولة أخرى في أمريكا الجنوبية.
وفي خطوة غير مسبوقة، طالب 620 من أعضاء جمعية المحامين في تشيلي، وفيها أكبر جالية فلسطينيّة في العالم، طالب بالتحرك الفوري ضدّ الجندي الإسرائيليّ المتواجد في منطقة باتاغونيا جنوبي البلاد، متهمين إياه بارتكاب جرائم حرب في غزّة، وداعين إلى اعتقاله بشكلٍ فوريٍّ.
وأكّدت مؤسسة (هند رجب)، المتضامنة مع الشعب العربيّ الفلسطينيّ وقضيته العادلة، والتي تعمل على متابعة الإجراءات القانونية ضدّ جنود الجيش الإسرائيليّ المتهمين بارتكاب “جرائم حرب في فلسطين”، أنّ “الجندي المشتبه به موجود في تشيلي”.
وطالبت المؤسسة باتّخاذ إجراءاتٍ قانونيّةٍ عاجلةٍ بحقّ الجنديّ الإسرائيليّ، الذي بحسب الاشتباه قام بنشر توثيقاتٍ على وسائط التواصل الاجتماعيّ يتفاخر ويتباهى فيها بتفجير المباني السُكانية في مخيم النصيرات الفلسطينيّ، الواقع في مركز قطاع غزّة، وذلك خلال مشاركته في الحرب الهمجيّة والبربريّة التي تقوم بها آلة الحرب الصهيونيّة منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2023 وما زالت مستمرّةً حتى يومنا هذا.
ووفق صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، التي اعتمدت على مصادر في وزارة خارجيّة الكيان، أكّد المحامي نيلسون حداد في مؤتمرٍ صحافيٍّ، أنّ المنظمة تقدمت بشكوى تطالب بإجراء التحقيقات اللازمة والاعتقال الفوريّ للجنديّ، كإجراءٍ وقائيٍّ لضمان محاكمته في المحكمة الجنائيّة الدوليّة بتهم ارتكاب جرائم حربٍ.
وقال المحامي في تصريحاته إنّ: “القضية في غاية الأهمية. يجب أنْ نتحمل المسؤولية، ولا يمكننا قبول أنّ هؤلاء وبعد ارتكابهم فظائع في غزّة، سيتمكّنون من التمتع بعطلة في باتاغونيا”، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، سلطّت اسرائيل الضوء على المؤسسة الحقوقيّة الداعمة لفلسطين في ظلّ العدوان على قطاع غزة، وقيام تلك المنظمة بملاحقة جنود الاحتلال في دول العالم قضائيًا ومحاكمتهم بتهم ارتكاب جرائم حربٍ في غزة.
وأثارت قضية محاولة اعتقال الجنديّ الإسرائيليّ في البرازيل جدلاً واسعًا، بعد أنْ هرب من البلاد هو وعائلته، بمساعدةٍ من السفارة الإسرائيليّة والقنصليّة، كما أكّدت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، وذلك إثر طلب السلطات المحلية التحقيق معه في شبهاتٍ تتعلّق بارتكاب جرائم حربٍ. الجندي، كان ضمن جنود اضطروا إلى إنهاء إجازاتهم خارج اسرائيل خشية الاعتقال.
وأوضحت الصحيفة العبريّة في تقريرٍ لمُراسلها السياسيّ، إيتمار آيخنر، أنّ وراء هذه القضية تقف منظمة (هند رجب)، وهي مؤسسة حقوقية مؤيدة للفلسطينيين تعمل على ملاحقة الجنود الإسرائيليين الذين شاركوا في حرب غزة. المنظمة، التي تحمل اسم فتاة من غزة استشهدت خلال الحرب، تنشط في جمع الأدلة من وسائل التواصل الاجتماعي وتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأثارت هذه الجهود قلق السلطات الإسرائيليّة التي سارعت إلى تشكيل فريقٍ مشتركٍ بين الوزارات، يضم ممثلين عن الموساد وجهاز الأمن الداخليّ (شاباك)، لإرشاد الجنود حول كيفية التعامل مع هذه التهديدات، بما في ذلك حذف المعلومات الحساسة من شبكات التواصل الاجتماعي ورفض التعاون مع التحقيقات دون محام.
وعلى صفحتها تقول: “مؤسسة هند رجب تكرس نفسها لكسر حلقة الإفلات الإسرائيلي من العقاب وتكريم ذكرى هند رجب وكل مَنْ لقوا حتفهم في الإبادة الجماعية في غزة. ونحن مدفوعون بالتزام عميق بالعدالة، والسعي إلى محاسبة الجناة وضمان عدم ضياع قصص الضحايا في التاريخ”.
واختتمت المنظمة بالقول إنّه “ومن خلال جهودنا، نهدف إلى بناء عالمٍ لا يتم فيه تذكر مثل هذه المآسي فحسب، بل ومنعها، وتعزيز مستقبل متجذر في المساءلة والكرامة والعدالة للجميع”، طبقًا لأقوالها.
وكشفت مصادر إسرائيليّة مسؤولة ورسميّة النقاب عن أنّ الخارجيّة الإسرائيليّة تمكّنت من إعادة الجنديّ المطلوب للعدالة في البرازيل، في حين كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) النقاب عن أنّ وزير الخارجيّة، جدعون ساعر، عقد اجتماعًا لبحث تفشي ظاهرة محاولات اعتقال الجنود والضباط خارج الكيان بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وتبيّن من الإحصائيات أنّه منذ السابع من أكتوبر 2023 سجلت 12 حادثة اعتقال لجنودٍ إسرائيليين بسبب مشاركتهم بالعدوان على غزّة، مدعيّةً أنّه خلال السنة الماضية ارتفعت نسبة الأعمال المُعادية للسامية بنسبة 104 بالمائة.
وشدّدّت المصادر، وفق تقرير الصحيفة، على أنّ الخطر بالنسبة لجنود الاحتلال هو في الدول التي تتخّذ من إسرائيل موقفًا معاديًا، ومنها إيرلندا، البرازيل، إسبانيا، بلجيكا وجنوب إفريقيا، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه منذ بدء العدوان على غزّة تمّ فتح تحقيقات واعتقالات في الدول التالية: المغرب، النرويج، بلجيكا، قبرص، سيريلانكا، هولندا، تايلاند، إيرلندا، صربيا، فرنسا وجنوب إفريقيا.
وأكّدت الصحيفة أنّه حتى اللحظة تمكّنت إسرائيل، وفي مقدّمتها جهاز (الموساد) من تهريب إسرائيليين مطلوبين للعدالة من خمس دولٍ، لافتةً إلى أنّ السبب الرئيسيّ الذي يدفع المحاكم في العالم لإصدار أوامر اعتقالٍ يعود إلى الأفلام التي نشرها الجنود على وسائط التواصل الاجتماعيّ ووثقوا أنفسهم وهم يقومون بعمليات القتل والهدم في قطاع غزّة.
المصدر: رأي اليوم