You are currently viewing من الذي سيتغيّر في الحرب الصّاروخيّة الحاليّة.. النظام الإسلامي الإيراني أم نتنياهو ومشروعه الصّهيوني؟ ولماذا هرول ترامب إلى أصدقائه في الخليج للتوسّط لدى طِهران بوقفِ الحرب؟

من الذي سيتغيّر في الحرب الصّاروخيّة الحاليّة.. النظام الإسلامي الإيراني أم نتنياهو ومشروعه الصّهيوني؟ ولماذا هرول ترامب إلى أصدقائه في الخليج للتوسّط لدى طِهران بوقفِ الحرب؟

عبد الباري عطوان

جاء العُدوان الإسرائيليّ الأخير على إيران الذي تمثّل في قصف بعض مُنشآتها النوويّة، ليكشف النّوايا الإسرائيليّة والغربيّة الكامنة خلفه، وهي تغيير نظام الثّورة الإسلاميّة الحاكم في إيران، واستِبداله بنظامٍ غربيّ التوجّه يُعيد إيران إلى مُعسكر الهيمنة الغربيّة، على غرار ما كان عليه قبل الثّورة الإسلاميّة، وكُل الأحاديث والتّسريبات عن البرنامج النووي الإيراني، وأخطاره مُجرّد تمويه، وذرّ الرّماد في العُيون.
ليس من قبيل الصّدفة أنْ يلتقي بنيامين نتنياهو مع نجل شاه إيران رضا بهلوي على أرضيّة الاتّفاق على تغيير النّظام، فقد وجّه نتنياهو رسالةً إلى الشّعب الإيرانيّ يُطالبه بالثّورة ضدّ النظام لإطاحته، وتوعّد بوقوف دولة الاحتلال الإسرائيلي “الصّديقة” إلى جانبه، وتوفير الدّعم والحماية لهذه الثّورة الانقلابيّة في حال اشتِعال فتيلها، كما وجّه نجل الشاه الإيراني خطابًا مُماثلًا في نبرته وأجنداته، باتَ يتربّع، وهو الطّامع بالعودةِ إلى الحُكم، هذه الأيّام وبكثافةٍ على جميع شاشات التّلفزة الغربيّة، والأمريكيّة والإسرائيليّة على وجهِ الخُصوص، للتّحريض ضدّ النّظام الإسلامي والتّسريع بالإطاحة به، ليس لأسبابٍ إيرانيّة، وإنّما صُهيونيّةٍ بحتة.

***
الغرب الذي تقوده الحركة الصّهيونيّة هذه الأيّام، وتُوظّفه لخدمة أهدافها في تدمير كُل الأنظمة العربيّة والإسلاميّة التي تُساند الحقّ الفِلسطيني المشروع في استِعادة أراضيه كاملةً، هذا الغرب يستنفر بشدّةٍ هذه الأيّام ويُعلن مُعظم قادته استِعدادهم لخوض الحرب ضدّ إيران إلى جانب دولة الاحتلال، مُتناسية عمدًا، أنّ نتنياهو هو من بدأ العُدوان، وأرسل أكثر من مئة طائرة كدُفعةٍ أُولى لقصفِ مُنشآت نوويّة، وجواسيس “مُوساده” لاغتيال قيادات عسكريّة إيرانيّة، وأكثر من ستّة من العُلماء النوويين في إطار نظريّة “الصّدمة والتّرويع” وتدمير المعنويّات الإيرانيّة، وادّعاء النّصر السّريع.

دولة الاحتلال الإسرائيلي هي التي استخدمت الغرب بزعامةِ أمريكا لتغيير جميع الأنظمة العربيّة التي وقفت في خندق المُقاومة، ابتداءً من العِراق ومُرورًا بليبيا، وانتهاءً بسورية، وجاءَ الدّور الآن على إيران التي دعمت المُقاومة الفِلسطينيّة، والأذرع العربيّة والإسلاميّة التي تقف في خندقها مِثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبيّ في العِراق.
المُؤشّرات الأوّليّة تُؤكّد أنّ الغالبيّة العُظمى مِن الشّعب الإيراني المُسلم تقف خلف قيادتها، ونظامها الإسلامي، وتسخر من هذه الخِطابات التي يُوجّهها نتنياهو ووريث شاه إيران، وتعتبرها إهانةً لهُويّتها الوطنيّة وعقيدتها الدينيّة، ومُحاولة لتمزيق إيران ووحدتها الوطنيّة وأمنِها واستِقرارها.
لا نُنْكر مُطلقًا وجود طابور خامس مُندس في وسط الشّعب الإيراني يُؤيّد ويُنفّذ الأهداف الإسرائيليّة الغربيّة في إطاحة النّظام الذي صمد في وجه الحِصار الخانق، وطوّر قُدرات عسكريّة عالية جدًّا للحِفاظ على السّيادة الوطنيّة، مدعومة بصناعةٍ محليّة من الطّائرات المُسيّرة، والمَنظومات الصاروخيّة المُتقدّمة جدًّا، والغوّاصات، وهي كلّها مُجتمعة جعلت من إيران دولةً عظمى، وقريبًا قوّةً نوويّة ستُغيّر المُعادلات في مِنطقة الشّرق الأوسط.
***
فُرص نجاح المُخطّط الإسرائيلي- الأمريكي لتدمير إيران، وإطاحة النّظام، وتغييره، تبدو محدودةً جدًّا، إنْ لم تكن معدومة، وستُواجه المصير نفسه الذي واجهته جميع المُحاولات السّابقة في هذا الإطار على مدى نِصف قرن تقريبًا، ومَن سيتغيّر، ويتدمّر بكُل تأكيد هو النّظام، بل الوجود الإسرائيلي الذي باتَ في النّزاع الأخير، بعد فشله في حرب غزة، والرّد الإيراني القويّ جدًّا على عُدوانه، ووصول الصّواريخ إلى قلبِ تل أبيب، ولا نستبعد أن تتضاعف أعدادها في الجولات القادمة، فـ”الوعد الصّادق الثّالث” سيكون أضخم، ليس في عدد الصّواريخ فقط، وإنّما نوعيّتها أيضًا، فهذه هي المرّة الأولى ومُنذ بدء الصّراع العربي والإسلامي الإسرائيلي قبل 76 عامًا، يهرب أكثر من خمسة ملايين مُستوطن إسرائيلي إلى الملاجئ، وأنفاق القطارات والميترو، بحثًا عن الأمن، وخوفًا ورُعبًا مِن زخّات الصّواريخ الإيرانيّة، وهذا قمّة الانتصار الإيراني والإسلامي، وذروة الهزيمة للمشروع الصّهيوني وداعميه عربًا كانوا أو غربيين، وهذا ما يُفسّر مُهاتفة ترامب اليوم بعض “أصدقائه” العرب، طالبًا التوسّط لدى إيران لوقف التّصعيد والعودة إلى مائدة المُفاوضات للتوصّل إلى مخرجٍ سِلميٍّ للأزَمة، والقادم أعظم.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

من الذي سيتغيّر في الحرب الصّاروخيّة الحاليّة.. النظام الإسلامي الإيراني أم نتنياهو ومشروعه الصّهيوني؟ ولماذا هرول ترامب إلى أصدقائه في الخليج للتوسّط لدى طِهران بوقفِ الحرب؟ | رأي اليوم

شارك المقالة