تشهد الولايات المتحدة تصعيدًا غير مسبوق في حملة قمع حرية التعبير داخل مؤسسات التعليم العالي، في خطوة تصاعدية تنفذها إدارة الرئيس دونالد ترامب بهدف ترهيب الطلاب الأجانب، وخاصة المؤيدين للقضية الفلسطينية، وفرض رقابة صارمة على الجامعات الأمريكية.
ففي 27 مايو/ أيار 2025، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو تعليق مراجعة طلبات التأشيرات الطلابية والتبادلية من خارج البلاد، مؤكدًا أن سياسة جديدة ستشمل تدقيقًا لحسابات المتقدمين على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا الإجراء يشمل التأشيرات من نوع F للطلاب الأكاديميين، وM للطلاب في المؤسسات المهنية، وJ للزائرين الباحثين والمعلمين، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا خطيرًا في أساليب الرقابة والتمييز.
ويرى الكاتب مايكل آر. ألين في تقريره المنشور على “كومن دريمز” أن هذه الإجراءات تمثل جزءًا من حملة أوسع لاستيلاء النخبة اليمينية على مؤسسات التعليم العالي الأمريكية، حيث تعمل الإدارة على ترهيب الجامعات الكبرى مثل هارفارد وكولومبيا، وفرض رقابة صارمة على المناهج والنقاشات الأكاديمية، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ولم تقتصر الإجراءات على التضييق الأكاديمي فحسب، بل شملت مضايقات واعتقالات طالت طلابًا باحثين أجانب، مثل الباحث بدر خان سوري من جامعة جورج تاون وخريج جامعة كولومبيا محمود خليل، اللذين تعرضا لاعتقالات وتعامل قاسٍ خلال احتجازهما، رغم عدم وجود أدلة ملموسة على تورطهما بأي نشاط غير قانوني.
ويبرز التقرير أن حملة ترامب لا تستهدف فقط الطلاب والباحثين الأجانب، بل تسعى إلى تغيير موازنات القوة داخل الجامعات من خلال استبدال القيادات التقليدية بحلفاء من حركة “MAGA” اليمينية أو إجبارهم على الامتثال الكامل لسياسات الإدارة، مستغلةً حجج التقشف وتبرير الإنفاق كذريعة للاستيلاء الأيديولوجي.
كما يلفت الكاتب إلى ازدواجية الإدارة في مواقفها، حيث أنها تضيّق الخناق على النشاط الطلابي المؤيد للفلسطينيين من جهة، فيما ترحب بمجموعات يمينية وعنصرية مثل المستوطنين الأفريكانر من جنوب أفريقيا من جهة أخرى، ما يعكس توجهًا متعصبًا وعنصريًا في سياسات الهجرة والتعليم.
ويشير التقرير إلى أن الطلاب الدوليين يشكلون نسبة مهمة من مجتمع الجامعات الأمريكية، حيث يمثلون نحو 5.9% من المقبولين، وغالبية هؤلاء يدرسون تخصصات تقنية وعلمية مثل الرياضيات وعلوم الكمبيوتر والهندسة، وهم أقل ميلًا للمشاركة في النشاطات السياسية، إلا أن الإدارة تستغل صلاحياتها الجديدة لترهيبهم وكبح نشاطهم، خاصة ممن يعبّرون عن دعمهم للقضية الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي.
ويحذر مايكل آر. ألين من أن هذه السياسات لن تؤدي فقط إلى تقويض حرية التعبير وحقوق الطلاب، بل ستجعل من الجامعات الأمريكية أدوات لترويج أيديولوجيات يمينية متطرفة، مع تبعات سلبية على سمعة هذه المؤسسات الأكاديمية ومكانتها عالميًا.
ويرى الكاتب أن مقاومة هذه السياسات تتطلب تحركًا جدّيًا من أطياف المجتمع الأمريكي كافة، وفي مقدمتها الأحزاب السياسية والقوى المدنية، لإنقاذ التعليم العالي من قبضة الاستبداد وضمان حق الطلاب في التعبير بحرية وأمان.
المصدر: القدس العربي