You are currently viewing 22 مستوطنة وجدار أمني على طول الحدود مع الأردن.. هل اقترب سيناريو التهجير والوطن البديل وضم الاغوار وإجهاض مؤتمر نيويورك؟ وما هو الرد الذي نتوقعه؟

22 مستوطنة وجدار أمني على طول الحدود مع الأردن.. هل اقترب سيناريو التهجير والوطن البديل وضم الاغوار وإجهاض مؤتمر نيويورك؟ وما هو الرد الذي نتوقعه؟

عبد الباري عطوان

القرار الإسرائيلي ببناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، وإقامة جدار أمني على طول الحدود مع الأردن، هو الخطوة الكبرى لإقامة الدولة اليهودية الكبرى في الضفة والمنطقة، ودفن اتفاق أوسلو، بعد تحلل جثمانه، وإجهاضا مبكرا لمؤتمر “حل الدولتين” الذي تريد كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية عقده في نيويورك الأسبوع المقبل.
هذا الاستفزاز الإسرائيلي غير مفاجئ بالنسبة الينا في ظل حالة الاستسلام والركوع العربي التي تتجسد في أبشع صورها في الصمت المعيب عن حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وامتدادها بشكل متدرج الى الضفة، وغياب أي رد فعل رسمي او حتى شعبي، بعد لجم الشارع العربي كليا، وتجريم ثقافة المقاومة، واعتبارها توجه لزعزعة الأمن والاستقرار للحكومات العربية وتدميرا لإنجازاتها العظيمة.

***
هذا المخطط الإسرائيلي الذي يشمل بناء مستوطنات وجدار أمني على طول الحدود مع الأردن (425 كيلومترا) ومتعدد الطبقات، يستهدف الأردن بالدرجة الأولى، لان تهويد الضفة، والقذف بإتفاق أوسلو وحل الدولتين في سلمة المهملات، يشكل تهديدا حقيقيا لأمن الأردن واستقراره قد يبدأ بضم منطقة الغور باعتبارها “ارض يهودية” في نظرهم، ثم ترحيل ما يقرب من أربعة ملايين فلسطيني من أهل الضفة، تطبيقا لسيناريو غزة أولا، وجنوب سورية وجبل الشيخ ثانيا، وإسقاط الأنظمة وتفتيت دولها مثلما حدث في ليبيا والعراق والسودان وربما مصر والسعودية والجزائر لاحقا.
يسرائيل كاتس وزير الحرب الإسرائيلي كان واضحا، وصادقا، عندما قال “هم سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنقيم دولة يهودية على الأرض في الضفة، وسنرمي بدولتهم الورقية في سلة مهملات التاريخ”، وأضاف “لم نأخذ ارض غريبة، بل استعدنا ارض اجدادنا”، والمقصود في أرض الأجداد كل الأردن وشمال المملكة العربية السعودية، ومعظم الأراضي السورية واللبنانية ومنطقة الدلتا المصرية الخصبة، أي إقامة إسرائيل الكبرى.
المال العربي متوفر لتمويل إقامة المستوطنات الجديدة، والجدار الأمني مع الأردن، وكذلك الجدار الأمني الآخر على طول الحدود الجنوبية اللبنانية أيضا، وربما يكون الدعم العربي للاستيطان والجدارات الأمنية الجديدة مباشرا، واذا تعذر ذلك، يمكن ان يأتي بطريقة غير مباشرة، وعبر الرئيس الكريم دونالد ترامب، الذي قال قبل يومين متباهيا انه عوض جميع النفقات الامريكية في حرب أوكرانيا في أقل من ساعتين عندما جميع خمسة تريليونات دولار، وفوقها مئة مليار أخرى وطائرة رئاسية بقيمة نصف مليار هدية من قطر، اثناء جولته في ثلاث دول عربية التي استغرقت أربعة أيام فقط، فخرجه مليء بالتريليونات فماذا يمنع تغطيته المالية لمشاريع ضم الضفة، وتهجر أهلها الى الأردن لاحقا، الأردن الذي قدم الكثير ولم يحظ الا بالقليل.
الرد الرسمي الأردني على هذه المخططات الاسرائيلية على الجانب الغربي من حدوده، جاء من خلال التعبير وبقوة، عن “الاستياء” الشديد، و”عدم الارتياح” والمشاركة في وفد عربي يستعد لشد الرحال الى رام الله للقاء “الرئيس” عباس، في خطوة دبلوماسية “جريئة” لإحياء حل الدولتين، أي التمهيد للتطبيع “غير المباشر”، للمملكة العربية السعودية التي سيتزعم وزير خارجيتها قيادة الوفد، هذا اذا سمحت إسرائيل له بتحقيق هذه الخطوة غير المسبوقة.
الحكومات العربية جميعا، التي لم تستطع ادخال رغيف واحد للجوعى في قطاع غزة، وزادت من مضاعفة اعداد شهداء حرب الإبادة المستمرة منذ 18 شهرا بصمتها “المريب” تتبنى حاليا “حقنة تخدير” جديدة إسمها الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
***
لفت نظرنا تصريح كاتس وزير الحرب الإسرائيلي الذي قال فيه ان الجدار الأمني على حدود الضفة المحتلة مع الأردن سيحقق الأمن لدولته، وردنا على ذلك بأن ما يحدث قد يكون العكس كليا، فضم الأراضي وتهويدها، وإقامة المستوطنات، وبناء الجدران وفي زمن الصواريخ فرط صوتية والمسيّرات الانغماسية، وانفاق معجزة “طوفان الأقصى”، وتطور أدوات المقاومة والصمود العربي، والفلسطيني منه بالذات في غزة والضفة، بات لغة دفاعية قديمة ومتخلفة تجاوزها الزمن.
نعم خسرنا المقاومة اللبنانية، مثلما خسرنا سورية، والحشد الشعبي العراقي، ولكننا كسبنا اليمن الذي أدت صواريخه الباليستية والفرط صوتية الى نقل الحرب الى قلب تل ابيب، ويافا، وإيلات، وعسقلان، واسدود، وصفد، (مسقط راس زعيم “العباسية” الفتحاوية)، ولدينا قناعة راسخة تستند الى المعلومات الدقيقة، بأن المقاومة اللبنانية تتعافى، وفي طريقها الى العودة بقوة وأقرب مما يتوقعه الكثيرون، وأصحاب الفضل في ذلك المطبعين اللبنانيين والسوريين الجدد، ومثلما قال سيد الشهداء حسن نصر الله في خطاب الوداع (يوم لك ويوم عليك) وإيامنا العجفاء تتآكل، والسمينة قادمة بإذن الله تعالى.
عندما تصنّع مجموعة من الشباب المقاوم في الأردن صواريخ مداها من 3 الى 5 كيلومترات، مسيّرات وبمواد محلية لدعم الاهل في غزة، فماذا تفيد الجدران الأمنية والمستوطنات على حدود الأردن، فهذه المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية لن تنجح في حماية أصحابها فقط، بل ستؤدي الى تسخين الجبهة الأردنية، عاجلا او آجلا، وزعزعة أمن الأردن واستقراره حسب البيانات الرسمية الأردنية، فمن يكون لديه هذا النوع من “الأصدقاء” او “الجيران” لا يحتاج الى أعداء، والكلام الى أصحاب القرار في الأردن، ولبنان، وسورية، ومعظم حكومات الخليج، والمتطرفين في منهج التطبيع خاصة، وتفاءلوا بالمقاومة تجدوها.. والأيام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

22 مستوطنة وجدار أمني على طول الحدود مع الأردن.. هل اقترب سيناريو التهجير والوطن البديل وضم الاغوار وإجهاض مؤتمر نيويورك؟ وما هو الرد الذي نتوقعه؟ | رأي اليوم

شارك المقالة