You are currently viewing ما دلالات بيان “حماس” بعد التنصل الأمريكي وما مستقبل علاقتها بالوسطاء؟

ما دلالات بيان “حماس” بعد التنصل الأمريكي وما مستقبل علاقتها بالوسطاء؟

بعد إطلاق سراح الأسير الأمريكي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أمس الخميس، بيانًا لافتًا حمل رسائل عدة تجاه الولايات المتحدة، تُعبّر عن امتعاض واضح من تنصل واشنطن من تفاهمات سبقت عملية الإفراج.

واعتبر مراقبون تحدثوا لـ”قدس برس”، أن بيان حركة “حماس” محاولة منها للضغط على الوسيط الأمريكي، دون قطع خطوط التواصل معه، في وقت تتعثر فيه المفاوضات وتتصاعد فيه التوترات الميدانية والسياسية.

ويرى المراقبون أن “الحركة، من خلال بيانها، أرادت تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الفشل المحتمل لأي اتفاق قادم، ولفت انتباهها إلى أن استمرار التراخي قد يُفضي إلى تصلب أكبر في المواقف التفاوضية، بينما تبقى قنوات الوساطة مفتوحة على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مسار التهدئة والتفاهمات”.

الضغط دون القطيعة

وقال الخبير الاستراتيجي الأردني نضال أبو زيد إن البيان “حمل إشارات عديدة لكنها واضحة للجانب الأمريكي، تعكس شعور المقاومة بخيبة الأمل من تراجع واشنطن عن التزامات قد تكون قطعتها مقابل الإفراج عن الأسير الأمريكي”.

وأوضح أبو زيد لـ “قدس برس” أن “البيان لم يصرّح صراحة، لكنه ألمح إلى أن استمرار التراخي الأمريكي قد يقود إلى نتائج سلبية، أبرزها تمسك المقاومة بمطالبها التفاوضية دون تقديم أي تنازلات إضافية”.

وأضاف أن البيان “حمل لهجة تذكيرية وتحذيرية في آن، وهو ما يُفهم منه أن (حماس) لا تزال ترى في الوسيط الأمريكي لاعبًا مهمًا، لكنها في الوقت نفسه تحمّله مسؤولية الفشل المحتمل لأي اتفاق”.

وتابع أبو زيد: “يبدو أن البيان دفع الوسيط الأمريكي ستيف ويتكوف إلى تفعيل قنوات ضغط جديدة، كان أبرزها اتصالاته المكثفة مع زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي أعلن استعداد أحزاب المعارضة لمنح نتنياهو مظلة سياسية لتمرير اتفاق وقف إطلاق النار، تحسبًا من انسحاب بن غفير وسموتريتش من الائتلاف الحاكم”، وهو ما يعكس فاعلية الضغط غير المباشر الذي مارسته “حماس” عبر البيان.

مستقبل العلاقة مع الوسطاء

وفي ما يخص علاقة الحركة بالوسطاء، يرى المراقب الأردني أبو زيد أنه من غير المتوقع أن تقطع “حماس” علاقتها بأي طرف وسيط في الوقت الراهن، “فالحركة تدرك أن قطع الخطوط سيضعف موقعها التفاوضي، ولذلك تحرص على إبقاء القنوات مفتوحة مع الجميع، لكنها في الوقت نفسه لا تتردد في تحميل الأطراف مسؤولياتها، وتوجيه اللوم إلى من يقصّر، كما فعلت مع الولايات المتحدة”.

وختم بالقول إن “فرص نجاح المفاوضات لا تزال قائمة، بل ربما تفوق فرص فشلها، رغم تصلب موقف نتنياهو، لأن كلا الطرفين – المقاومة والاحتلال – يواجهان انسدادًا في الأفق العسكري: الاحتلال عاجز عن الحسم، والمقاومة حريصة على تقليل الخسائر الإنسانية في مواجهة مقامرة الاحتلال”.

استثمار سياسي في التوقيت والدور الأمريكي

من جهته، اعتبر المحلل السياسي الأردني، حازم عياد أن بيان حركة حماس “يضع الولايات المتحدة أمام اختبار جدي، بعد أن قدمت الحركة ما وصفه بـ(بادرة حسن نية) من خلال إطلاق سراح الأسير الأمريكي”، ما يعني – برأيه – أن “الكرة باتت في ملعب واشنطن لإثبات جديتها في استكمال التفاهمات، لا سيما المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية، ودفع المفاوضات نحو اتفاق شامل يشمل تبادل الأسرى ووقف العدوان”.

وأضاف في حديث لـ”قدس برس” أن الحركة تحاول الاستثمار في الزخم السياسي الذي ترافق مع جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال توجيه رسالة واضحة: “نجاحكم في إقناع حماس بإطلاق الأسير الأمريكي ينبغي أن يُستكمل بخطوات عملية تُنهي معاناة الشعب الفلسطيني، وتحفظ ماء وجه واشنطن كوسيط مؤثر”.

وأكد عياد أن “إنجاز اتفاق تهدئة شامل من شأنه أن ينعكس إيجابًا على ملفات إقليمية كبرى، من البحر الأحمر إلى الملف النووي الإيراني، ومن العلاقة مع تركيا إلى صورة واشنطن في عيون الشعوب العربية”، مشيرًا إلى أن “حماس تحاول ربط الملف الفلسطيني بمصالح واشنطن الأوسع، ما يعكس نضجًا سياسيًا ووعيًا دبلوماسيًا متقدمًا”.

وأعربت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عن استيائها من تنصل واشنطن من التفاهمات التي أعقبت الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر، والتي تمحورت حول بدء دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدة أن أي مفاوضات مستقبلية للإفراج عن مزيد من الأسرى ستكون صعبة التحقيق في ظل هذا التنصل.

وشددت الحركة، في بيان صدر، الخميس، على أن قرار الإفراج عن الأسير “جاء في إطار التخفيف عن شعبنا من خلال وقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية”، موضحة أن هذه المبادرة سبقت زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة.

وأضافت “حماس”: “نتوقّع، حسب التفاهمات التي جرت مع الطرف الأمريكي وبعلم الوسطاء، أن يبدأ دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري، إلى جانب الدعوة لوقف إطلاق نار دائم، وإجراء مفاوضات شاملة حول مختلف القضايا بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما نتطلّع إلى تحقيقه”.

إلا أن البيان استدرك بالقول: “غير أن عدم تنفيذ هذه الخطوات، وعلى وجه الخصوص عدم إدخال المساعدات الإنسانية لشعبنا، يلقي بظلال سلبية على أي جهود لاستكمال المفاوضات بشأن عملية تبادل الأسرى”.

وكانت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، قد أفرجت يوم 12 أيار/مايو الجاري عن الجندي الإسرائيلي – الأمريكي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر، وذلك عقب اتصالات مع الإدارة الأمريكية.

وأشار بيان صادر عن “حماس” آنذاك إلى أن هذا الإفراج جاء “في إطار الجهود التي يبذلها الوسطاء لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات والإغاثة لأهلنا وشعبنا في قطاع غزة”.

وأكد البيان أن “هذه الخطوة جاءت بعد اتصالات مهمة أبدت فيها حركة حماس إيجابية ومرونة عالية”.

واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على أن “المفاوضات الجادة والمسؤولة تُفضي إلى نتائج في ملف الإفراج عن الأسرى، أما استمرار العدوان، فإنه يطيل من معاناتهم وقد يودي بحياتهم”.

 

المصدر: قدس برس

ما دلالات بيان “حماس” بعد التنصل الأمريكي وما مستقبل علاقتها بالوسطاء؟ – وكالة قدس برس للأنباء

شارك المقالة