You are currently viewing الأردن يحظر حركة الاخوان المسلمين.. ما هو السبب الحقيقي.. وما هي الخطوة الأخطر القادمة.. وكيف سيكون الرد؟

الأردن يحظر حركة الاخوان المسلمين.. ما هو السبب الحقيقي.. وما هي الخطوة الأخطر القادمة.. وكيف سيكون الرد؟

عبد الباري عطوان

قرار وزير الداخلية الأردني مازن الفراية مساء اليوم فرض حظر شامل على جماعة الاخوان المسلمين في الأردن، وإغلاق جميع مقارها، ومصادرة أموالها وممتلكاتها كان متوقعا، ولم يكن مفاجئا، خاصة انه جاء بعد بضعة أيام من كشف السلطات عن اعتقال خلية مكونة من 16 شابا معظمهم ينتمون الى الجماعة، صنعّوا صواريخ ومسيّرات من مواد محلية، وبهدف القيام بأعمال تخريب في الأردن، حسب الرواية الرسمية الأمنية.

ربما جرى التعجيل بإشهار “سيف الحظر” ضد الحركة الإسلامية وجميع أنشطتها اغلاق مقراتها، بعد البيان القوي الذي صدر عن حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وطالب بالإفراج الفوري عن جميع الموقوفين الـ16، وشكك في الرواية الرسمية التي إتهمتهم بالتخطيط للمساس بالأمن القومي الأردني باستخدام هذه الصواريخ والمسيّرات، وإثارة الفوضى والتخريب، وأكد البيان ان دوافع هؤلاء الشباب “وطنية مشرفة ولدعم مقاومة الاحتلال في فلسطين المحتلة ولا تستهدف مطلقا بأي حال من الأحوال أمن الاردن”.
الشارع الأردني يعيش حاليا حالة من الغليان والانقسام غير مسبوقة، على أرضية هذا التدهور في العلاقات بين الدولة الأردنية وحركة الاخوان المسلمين القوة الأكبر والاقوى والأكثر شعبية في البلاد، فهناك من يقف في خندق الدولة، ويؤيد قبضتها الحديدية في التعاطي معها، ومنع أي انتهاكات تهدد الأمن القومي للبلاد واستقرارها، وهناك جناح آخر يقف في خندق الإخوان ويعارض أي مساس بها، ويرفض تصديق الرواية الرسمية حول نوايا خلية “الـ16” الاسلامية المعتقلة، ويؤمن بأن هؤلاء لا نية لديهم للإقدام على أي خطوة تزعزع أمن الأردن واستقراره، وإنهم “مجاهدين” يريدون دعم نظرائهم في فلسطين المحتلة الذين يواجهون حرب الإبادة والتطهير العرقي، وتهريب هذه الصواريخ والمسيّرات واسلحة أخرى اليها.

***

هناك عدة نقاط يجب التوقف عندها قبل أي تحليل “موضوعي” لهذا الخلاف المتفاقم وتطوراته اللاحقة على الصعيدين الرسمي والشعبي والاخواني:
أولا: ربما هذه هي المرة الأولى والأخطر الذي تنزلق فيه العلاقات بين الطرفين، أي الدولة الأردنية وحركة الاخوان المسلمين، من التحالف التاريخي الى القطيعة الكاملة، وربما المواجهة، وفي هذا الظرف التاريخي التي يمر فيه الأردن والمنطقة بأسرها.
ثانيا: لم يسبق ان لجأت حركة الإخوان في الأردن الى حمل السلاح أو تصنيعه، وانتهاك القانون الذي يجرم اقتنائه، فالقانون ينص صراحة على ان الدولة وأجهزتها هي الوحيدة المخولة بذلك، وهذا ما يفسر سرعة الإجراءات بحلها وحظرها، فماذا حدث لنشهد هذه السابقة، ومن المسؤول، السلطة تم الحركة؟
ثالثا: إقدام خلية الـ 16 “الإخوانية الإنتماء” على تصنيع، وليس فقط امتلاك أسلحة، مثل الصواريخ التي يصل مداها من ثلاثة الى خمسة كيلومترات، أثار حالة من الرعب في صفوف المؤسسة الأمنية الأردنية التي لم تتوقع مثل هذا التطور مطلقا.
رابعا: دخول حركة “حماس” التي تحظى بشعبية كبيرة جدا في الأردن، وخاصة في أوساط الشباب من أصول شرق او غرب اردنية بسبب صمودها وانجازاتها البطولية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، هذا الدخول الذي تمثل في مطالبتها بالإفراج عن الخلية “فورا”، والتأكيد على أنهم “مجاهدين” هدفهم الاحتلال الإسرائيلي وليس الأمن الأردني، أغضب، بلا شك، دائرة صناع القرار في الأردن، ودفعهم الى التخلي عن سياسة ضبط النفس، وعدم التسرع باللجوء الى العصا الغليظة.
خامسا: التوجهات “العلمانية”، و”اليسارية” و”القومية”، تراجعت في الأردن بشكل متسارع لمصلحة نظيراتها الإسلامية الأصولية، وانعكس ذلك في المظاهرات الصاخبة التي يقودها الإسلاميون ولم تتوقف يوما واحدا دعما للمقاومة في الضفة والقطاع، وانتقادا للحكومة الأردنية التي لم تتدخل بقوة، سلما او حربا، لوقف حرب الإبادة ورفع الحصار التجويعي بحكم علاقاتها مع أمريكا والغرب، وحتى مع دولة الاحتلال بمقتضى معاهدة وادي عربة، فالشعار الأكبر والدائم في جميع الاحتجاجات هو الغاء هذه المعاهدة فورا، والإنحياز الى المقاومة الإسلامية ودعمها.
سادسا: إقدام شباب من شرق الأردن، ومن أكبر العشائر الأردنية على تنفيذ عمليات عسكرية ضد اهداف اسرائيلية في قلب فلسطين المحتلة، سواء بتهريب أسلحة، او بإطلاق النار على جنود إسرائيليين مثلما فعل المجاهد ماهر الجازي، سائق الشاحنة ابن قبيلة الحويطات، الذي سحب بندقيته وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في معبر الكرامة.
***
فرض حظر على جماعة الإخوان المسلمين قد تتبعه خطوات اخرى أبرزها امتداد هذا الحظر للحزب السياسي ممثلها في البرلمان والحياة السياسية، والمقصود هنا جبهة العمل الإسلامي التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بحوالي 17 مقعدا برلمانيا، ولكن الاقدام على هذه الخطوة، أي حظر الجبهة، وإبعاد نوابها من البرلمان، ربما يؤدي الى حل البرلمان الحالي، والدعوة الى انتخابات برلمانية جديدة، دون مشاركة الإسلاميين “الاخوان”.
الأردن يعيش حاليا مرحلة حرجة ربما تكون الأخطر في تاريخه، لأن حظر أنشطة حركة الاخوان القوية التي تحظى بشعبية واسعة قد يؤدي الى نزولها تحت الارض، وتقدم قياداتها المتشددة على منافستها “المعتدلة” و”العقلانية” التي تعارض المواجهة مع السلطة، والاولى تحظى بدعم الشباب، وخاصة الشرق أردنيين، وعلينا ان نتذكر ان الشابة التي اتهمت الجيش الاردني بالخيانة، وأحدثت حالة غضب حادة في أوساط السلطة وداعميها، وهم الأغلبية، كانت من مدينة السلط، وليست من أصول غرب اردنية، او بالأحرى فلسطينية.
عدت من الأردن بعد زيارة اجتماعية وعائلية خاصة قبل خمسة أيام، والتقيت بالعديد من القيادات السياسية الأردنية في السلطة او خارجها، ومعظم هؤلاء يتولون مناصب عليا، او كانوا فيها وبعضها رؤساء وزراء سابقين، ومعظمهم اجمعوا على ضرورة التعاطي مع الازمة مع الاخوان المسلمين بحذر شديد، والإبقاء على “شعرة معاوية” معها، وعدم الاقدام على حظرها، لما يمكن ان يترتب على ذلك من أخطار على أمن الأردن واستقراره ووحدته الوطنية، والأخيرة هي الأهم في نظري، ولكن السلطة فضلت سياسية القبضة الحديدة، وربما لها أسبابها، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر.. وحمى الله الأردن.

المصدر: رأي اليوم

الأردن يحظر حركة الاخوان المسلمين.. ما هو السبب الحقيقي.. وما هي الخطوة الأخطر القادمة.. وكيف سيكون الرد؟ | رأي اليوم

 

شارك المقالة