في خضمّ عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تبرز مجددًا محاولات إعادة طرح ملف “نزع سلاح المقاومة” كأحد الأهداف الجوهرية للحرب، في ظل دعم أمريكي سياسي وعسكري واضح.
وبينما تسوق تل أبيب رواية “تحقيق الإنجازات الميدانية”، فإن واقع الميدان والتاريخ الطويل للمقاومة الفلسطينية يكشفان هشاشة هذا الخطاب، واستحالة فرض هذا الطرح على شعب يقاتل من أجل حريته.
وفي هذا السياق، يرى محللون ومراقبون في حديثهم لـ”قدس برس”، اليوم الأحد، أن “الدعوة إلى نزع سلاح المقاومة لا تعدو كونها وهمًا سياسيًا، يصطدم بجدار الوعي الجمعي الفلسطيني، وتجارب سابقة دفعت فيها الشعوب ثمن التخلي عن سلاحها، ليبقى السلاح الوطني المقاوم هو الضامن الوحيد لردع الاحتلال، وحماية الحقوق، وكسر مشاريع الإخضاع”.
أداة ردع الاحتلال
حيث قال المحلل السياسي الفلسطيني إياد القرا إن “الاحتلال الإسرائيلي يواصل الضغط، بدعم أمريكي، من أجل نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، رغم أن ما يعلنه من تحقيق أهداف في حربه على غزة يتناقض مع واقع الميدان”.
وأوضح أن “(إسرائيل) ومن خلفها الولايات المتحدة تسعيان منذ سنوات لإضعاف المقاومة، ومنعها من استخدام سلاحها، لكن التجارب التاريخية، لاسيما بعد السابع من أكتوبر، تؤكد أن هذه المساعي محكوم عليها بالفشل، لا سيما في ظل الرفض القاطع من حركة (حماس) والفصائل الفلسطينية كافة لتسليم سلاحها”.
وأضاف “حينما تخلت فصائل المقاومة، كفتح، عن سلاحها في محطات سابقة، كما حدث عام 1984، ارتكبت (إسرائيل) مجازر في لبنان. وعندما جرى توقيع اتفاق (أوسلو)، وأُوقِف العمل المسلح، استغلت (إسرائيل) ذلك لتنفرد بقطاع غزة والضفة الغربية، فقتلت الفلسطينيين، ووسعت من استيطانها، وواصلت جرائمها، كما حدث في انتفاضة الأقصى وما بعدها”.
وشدد القرا على أن “أي شعب يسعى للتحرر لا يمكن أن يُسلّم سلاحه، لا طواعية ولا في ظل المواجهة مع الاحتلال. فالحديث عن نزع سلاح المقاومة مرفوض، ولا يمكن أن يكون مطروحاً للنقاش”.
وأكد أن “المطالبة بنزع سلاح المقاومة تعكس حالة من التناقض، لأن المقاومة حق مشروع أقرته المواثيق والأعراف الدولية، وأكدته جميع التشريعات السماوية، وهي اليوم الأداة الوحيدة التي تردع الاحتلال وتمنعه من ارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين في غزة”.
وختم بالقول: “لهذا من المستحيل أن تخضع المقاومة لهذا الطرح، أو أن تقبل به تحت أي ظرف”.
شرعية السلاح
من جانبه، أكد الحقوقي الكويتي محمد الدوسري أن “حق الشعوب في الدفاع عن نفسها ضد المحتل ثابت في القوانين الدولية، وموثق في ميثاق الأمم المتحدة، كما أنه منصوص عليه في التشريعات السماوية، وهو حق لا يسقط بالتقادم”.
وأضاف “للأسف، هذا الحق يُستثنى فقط في حالة فلسطين، ما يعكس الانهيار الواضح في النظام العالمي، الذي فقد توازنه مع الإدارة الأمريكية الحالية، وسقطت معه شرعية كثير من المؤسسات الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة واشنطن والدول الخمس الكبرى”.
وأكد الدوسري أن “الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لن ينجحا في نزع سلاح المقاومة، لأن التاريخ أثبت أن الاحتلال لا يمكنه الانتصار على شعب متمسك بأرضه وسلاحه وحقه في تقرير المصير”.
وختم قائلاً: “حتى إن تم تجريد المقاومة في غزة من سلاحها، فإن الشعوب الحرة في العالم العربي والإسلامي ستظل سداً منيعاً في وجه هذا الاحتلال، وربما لا يتحقق هذا اليوم، لكنه بات أقرب مما نتصور”.
وترتكب قوات الاحتلال، بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني المحاصر، أسفرت عن أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
المصدر: قدس برس
مراقبون: نزع سلاح المقاومة “وهم” يصطدم بإرادة الشعب الفلسطيني – وكالة قدس برس للأنباء