You are currently viewing أخيرًا “تحرّكت” قيادة “سورية الجديدة” واستنكرت التوغّل العسكري الصهيوني واحتِلالِه لمُعظم الجنوب.. ما هي الأسباب التي تجعل المُجتمع الدولي يتجاهل استِغاثاتها؟ ولماذا “لا نشتري” التّسريبات التي تتحدّث عن صِدامٍ قادمٍ بين الكيان وتركيا في سورية؟

أخيرًا “تحرّكت” قيادة “سورية الجديدة” واستنكرت التوغّل العسكري الصهيوني واحتِلالِه لمُعظم الجنوب.. ما هي الأسباب التي تجعل المُجتمع الدولي يتجاهل استِغاثاتها؟ ولماذا “لا نشتري” التّسريبات التي تتحدّث عن صِدامٍ قادمٍ بين الكيان وتركيا في سورية؟

عبد الباري عطوان

بعد حالةٍ من الصّمت استمرّت حواليّ أربعة أشهر تقريبًا مُنذ تولّيها الحُكم بعد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، “استنكرت وزارة الخارجيّة في إدارة حُكم الرئيس أحمد الشرع (الجولاني سابقًا)، القصف والتوغّل الإسرائيليّ في مُحافظة درعا، وطالبت بفتحِ تحقيقٍ دوليٍّ بشأنِ انتهاكات تل أبيب لسِيادتها والجرائم التي تُرتكب بحقّ مُواطنيها”.

هذا الموقف اللّافت جاء فيما يبدو بعد أن تعاظمت هذه الانتِهاكات الإسرائيليّة، ولم تَعُد تقتصر على تدمير المطارات العسكريّة ومخازن المعدّات والأسلحة للنّظام السّابق، واحتلال أراضي سُوريّة مِثل القنيطرة وجبل الشايب والمِنطقة الجنوبيّة العازلة، وتطوّرت إلى قصفِ تجمّعاتٍ سكنيّةٍ بشَكلٍ مُكثّف في قرية كويا في ريف درعا الغربي ممّا أدّى إلى استِشهاد ستّة مُواطنين سوريين وإصابة العشرات، بعضهم جُروحه خطيرة وقاتلة.
***

لا نعتقد أنّ طلب النّجدة الذي أطلقته سُلطة الرئيس الشرع للمُجتمع الدولي للتدخّل سيلقى أيّ تجاوبِ لعدّة أسباب:
الأوّل: أنّ الطّرف الذي ينتهك السّيادة السوريّة، ويحتل أراض، ويقتل مُواطنين سوريين هو “إسرائيل” وليس النظام السوري السّابق، ولهذا سيُبارك هذا “المُجتمع” الذي تُسيطر عليه الولايات المتحدة هذه الانتهاكات ولن يتجاوب مُطلَقًا.
الثاني: المَهمّة الرئيسيّة لعمليّة التغيّر في سورية، وتمثّلت في إسقاط النظام السوري السّابق تحديدًا قد تحقّقت، ولم تَعُد “سورية الجديدة” تُشكّل أيّ خطرٍ على دولة الاحتلال الإسرائيلي، حتّى الآن على الأقل، وما يُؤكّد هذه الحقيقة استمرار العُقوبات والحِصار الاقتصادي، وتدهور الأوضاع المعيشيّة في البلاد، وحُدوث مذابح وتصفيات مذهبيّة وبقاء تصنيف قِيادتها الحاليّة على قائمة الإرهاب.
الثالث: هذا المُجتمع الدولي الذي تتزعّمه أمريكا يتماهى كُلِّيًّا مع مشروع التّقسيم للدّولة السوريّة إلى دُويلاتٍ “قزميّةٍ” طائفيّةٍ ومذهبيّةٍ وعِرقيّةٍ الذي تتبنّاه وتُنفّذه دولة الاحتلال الإسرائيلي، ممّا يُنهي التّهديد السوري لوجودها.
لا نُصَدِّق مُعظم التّسريبات الإسرائيليّة المقصودة والمُتعمّدة التي تتردّد بقوّة هذه الأيّام في الإعلام العبري التي تُروّج لوجود قلق وتوتّر إسرائيليين من تصاعد “الهيمنة” التركيّة المُتزايدة على النظام السوري الجديد، فتُركيا ومُنذ الحرب العالميّة الثانية لم تُشكّل أيّ تهديدٍ حقيقيٍّ لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، كما أنّ النظام السوري الجديد التزم مِن اليوم الأوّل، وعلى لسان قيادته بعدم تحويل سورية إلى نُقطةِ انطلاقٍ لأيّ عملٍ عسكريٍّ ضدّ أيّ دولة من دول الجِوار وخاصَّةً “إسرائيل”، وتُقيم تركيا علاقات دبلوماسيّة واقتصاديّة مع دولة الاحتلال.
التّركيز الإسرائيلي على المُفاوضات الجارية حاليًّا التي يتردّد أنها تجري بين سُلطة دِمشق ونظيرتها التركيّة، لمنح الأخيرة قاعدة عسكريّة في مُحافظة تدمر شرق مدينة حمص، الهدف منه هو خلق نوع من البلبلة المقصودة لتبرير الاحتِلالات والانتِهاكات الإسرائيليّة للسّيادة السوريّة، فالعلاقات التّحالفيّة الوثيقة بين الجانبين السوري والتركي في الوقتِ الرّاهن، والدّور التركي الرئيسي في إطاحة النظام السّابق، ودعم النظام الحالي للوصول إلى سُدّة الحُكم، هذه العلاقات جعلت من سورية كُلّها قاعدة عسكريّة وسياسيّة واقتصاديّة تُركيّة، وبمُباركةٍ أمريكيّة.
***
السّيناريو الرّئيسي الذي يجري تطبيقه حاليًّا بقيادةٍ أمريكيّة لإعادة تشكيل الشّرق الأوسط الجديد وفق الشّروط الإسرائيليّة يأتي تجسيدًا لتوصية ورؤية ديفيد بن غوريون مُؤسّس الكيان الإسرائيلي التي تقول “إنّ عظمة إسرائيل لا تَكمُن في قُنبلتها النوويّة، ولا في ترسانتها العسكريّة، بل في تدمير الجُيوش العربيّة في ثلاثِ دول هي العِراق وسورية ومِصر”.
أوّل قرار اتّخذه بول بريمر حاكم العِراق الأمريكي بعد الغزو عام 2003 كان حل الجيش العِراقي، والشّيء نفسه فعله النظام السوري الجديد للجيش السوري، وإنْ اختلفت الأسباب، ولم يبق حاليًّا إلّا الجيش المِصري، ونجزم بأنّ المُحاولات لتفكيكه تتعاظم ويجري إعدادها في الغُرف السّوداء الأمريكيّة والإسرائيليّة وبمُشاركةِ بعض الحُكومات العربيّة، إكراهًا أو تطوّعًا، وقد تكون غزة هي المِصيَدة.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

أخيرًا “تحرّكت” قيادة “سورية الجديدة” واستنكرت التوغّل العسكري الإسرائيلي واحتِلالِه لمُعظم الجنوب.. ما هي الأسباب التي تجعل المُجتمع الدولي يتجاهل استِغاثاتها؟ ولماذا “لا نشتري” التّسريبات التي تتحدّث عن صِدامٍ قادمٍ بين إسرائيل وتركيا في سورية؟ | رأي اليوم

شارك المقالة