You are currently viewing اجتماع الرياض: نقطة تحول لإيران، العراق، والنظام الإقليمي

اجتماع الرياض: نقطة تحول لإيران، العراق، والنظام الإقليمي

بقلم: نجاح محمد علي

الاجتماع الأخير في الرياض، المملكة العربية السعودية، بين ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، وسيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، يشير إلى إعادة تشكيل معادلات القوة العالمية. غياب ممثلي أوروبا وأوكرانيا في هذا الاجتماع يؤكد الدور البارز الذي تلعبه الأطراف الرئيسية في تشكيل الوقائع الجيوسياسية.

“بالنسبة لإيران وحلفائها الإقليميين، يطرح السؤال نفسه: كيف سيغير الاجتماع الأخير في الرياض الشرق الأوسط؟ من المقاومة الفذة في غزة ولبنان إلى الاستقرار الهش في العراق، الحسابات الاستراتيجية لطهران قيد التنفيذ.”

منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها كبح إيران بشكل أكبر، وفي الوقت نفسه، السعي لتدمير أو على الأقل إضعاف أجنحة محور المقاومة. ومع ذلك، فإن حلفاء إيران في جميع أنحاء المنطقة لم يتراجعوا فحسب، بل إنهم في بعض الحالات وسعوا نفوذهم.

أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا يمكن أن يكون له عواقب كبيرة. قد تحاول واشنطن الضغط على موسكو للحد من التعاون الاستراتيجي مع طهران، لكن التاريخ يظهر أن مثل هذه المحاولات ستكون بلا جدوى.

روسيا، التي تواجه شبكة من العقوبات و العزل الدبلوماسي، تعتبر إيران شريكًا ضروريًا – عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا. وفي الوقت نفسه، الكيان الصهيوني، الذي يعمل لتحقيق أهدافه في غزة ولبنان، يسعى على الأرجح إلى تعزيز الدعم العسكري الغربي عبر الضغط، مما يزيد من التوترات الإقليمية.

لكن إيران وحلفاءها الإقليمين لا يزالون مستعدين لمواجهة أي تغيير في معادلة القوة. فقد أظهرت طهران باستمرار استعدادها لتصعيد المواجهة العسكرية عند الضرورة، وضمان أن موقعها لن يضعف ولن يتم تجاهله.

العقوبات تجعل مصالح إيران وروسيا متوازية
العراق، بعمقه الاستراتيجي وسياسته المتغيرة، يقع في قلب المشهد الإقليمي المتغير. من المرجح أن تسفر نتائج اجتماع الرياض عن تسريع الجهود الأمريكية المستمرة الرامية إلى إضعاف النفوذ الإيراني وإنهائه في بغداد. العمليات الاستخباراتية للعدو الصهيوني، خاصة من خلال الوحدة 8200، زادت من التحديات لطهران، كما تقوم الأطراف المؤيدة للغرب (في العراق) بمناورات ، خصوصاً في الإعلام، لتغيير التوازن الداخلي في العراق.

إذا تم التوصل إلى تفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا، قد تكثف واشنطن حملة الضغط على العراق، وتطلب من بغداد التنسيق بشكل أكبر مع الأهداف الاستراتيجية الأمريكية. إيران، التي تدرك هذا الاحتمال بشدة، من غير المرجح أن تستسلم. من المتوقع أن تعمل طهران على تعزيز علاقاتها مع حلفائها العراقيين، وإحباط الأنشطة الاستخباراتية للعدو الصهيوني، وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني مع بغداد.

في صميم الأمر، لا تزال استراتيجية إيران واضحة: منع تحويل العراق إلى ساحة صراع للقوى المتخاصمة، وفي الوقت نفسه ضمان تعاون طويل الأمد في المجالات السياسية والأمنية مع العراق.

اجتماع الرياض يعزز حقيقة حيوية واحدة – على الرغم من الجهود الغربية المستمرة لعزل إيران، إلا أن طهران قد زادت من نفوذها الإقليمي في العديد من الجوانب. هذه المرونة المتزايدة تعززت بتعزيز العلاقات الإيرانية مع روسيا والصين. وبما أن كلتا الدولتين تواجهان عقوبات فرضتها الدول الغربية، فإن مصالحهما أصبحت أكثر توافقًا مع طهران. هذا التقارب يفتح الأبواب للتعاون الواسع في القطاعات العسكرية والاقتصادية والطاقة، مما يجعل دور إيران أكثر بروزًا في النظام العالمي المتعدد الأقطاب الذي يتشكل حاليًا.

لاعب رئيس في تغيير موازين القوى
ومع ذلك، فإن التهديدات لاستقرار إيران لا تزال كبيرة. تستمر العمليات الاستخباراتية للعدو الصهيوني والغرب في استهداف النفوذ الإقليمي لإيران، باستخدام القوى المحلية بالوكالة لزعزعة استقرار حلفاء إيران. تعمل وسائل الإعلام الموالية للغرب على تشكيل الروايات التي تضعف الشرعية الداخلية لطهران، مما يخلق طبقة أخرى من القلق الاستراتيجي.

لتجاوز الفوضى القادمة، يجب أن تضع إيران أربعة أركان استراتيجية رئيسة كأولوية.

أولاً، تعزيز القدرات العسكرية والأمن السيبراني لمنع التهديدات الاستخباراتية. ثانيًا، تعميق العلاقات مع روسيا والصين، وفي الوقت نفسه استخدام الدبلوماسية الإقليمية لمواجهة التحالفات المعادية.

ثالثًا، تحييد الحملات المزعزعة للاستقرار التي تستهدف إضعاف نفوذ طهران. وأخيرًا، توسيع المشاركة الاقتصادية والأمنية مع الحلفاء الإقليميين لتعزيز موقفها.

و بينما لا يزال النظام العالمي في حالة تفكك، يذكرنا اجتماع الرياض بالدور المستمر لإيران في تشكيل المسار المستقبلي للمنطقة. وعلى الرغم من الضغوط المتزايدة من الغرب، فإن المرونة الاستراتيجية لطهران – التي تم تعزيزها من خلال التحالف مع موسكو وبكين – تضعها كلاعب رئيس في تغيير موازين القوى. بإعادة تقوية موقعها الدفاعي، الانخراط في دبلوماسية مدروسة، والتغلب على التهديدات الاستخباراتية، تبدو إيران مستعدة للتغلب على تعقيدات المشهد الجيوسياسي غير المستقر.

المصدر: صوت العراق

https://www.sotaliraq.com/2025/03/05/%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%b6-%d9%86%d9%82%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d8%8c-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7/

شارك المقالة