You are currently viewing بعد انتهاء الجولة الأُولى من المُفاوضات وبدء الثانية.. مَنْ الفائِز ومَنْ الخاسِر؟ ولماذا تنازلت قيادة المُقاومة عن عُروضٍ ومنصّاتٍ وكاميرات جولات تسليم الأسرى والجثامين؟ ومن هي قيادة “حماس” في الدّاخل التي ألحقت بنتنياهو ورهطه هزيمة مُهينة؟

بعد انتهاء الجولة الأُولى من المُفاوضات وبدء الثانية.. مَنْ الفائِز ومَنْ الخاسِر؟ ولماذا تنازلت قيادة المُقاومة عن عُروضٍ ومنصّاتٍ وكاميرات جولات تسليم الأسرى والجثامين؟ ومن هي قيادة “حماس” في الدّاخل التي ألحقت بنتنياهو ورهطه هزيمة مُهينة؟

عبد الباري عطوان
بعد إعادة أربع جثث للأُسرى الإسرائيليين وعودة 642 أسيرًا فِلسطينيًّا إلى أهلهم في الضفّة والقطاع، فإنّ السّؤال الذي يطرح نفسه الآن، من هو الخاسِر ومن هو الفائز في عمليّة التّبادل هذه التي كانت العُنوان الأبرز للمرحلة الأولى من وقف إطلاق النار التي انتهت، وما زالت مسألة بدء المرحلة الثانية موضع الكثير من علامات الاستفهام.
صحيح أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي فرضت شُروطها بعدم الإفراج عن أيّ أسرى فِلسطينيين إلّا بعد إبعاد المنصّات والكاميرات والعُروض العسكريّة في أيّ عمليّة تبادل قادمة (ما زال هُناك 58 أسيرًا إسرائيليًّا لدى المُقاومة مُعظمهم من الجِنرالات والجُنود)، وتجاوبت المُقاومة مع هذه المطالب بعد تبنّيها ودعمها من قِبَل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضُغوط الوُسطاء العرب (مِصر وقطر)، ولكن يُمكن القول، وبكُلّ ثقةٍ، إنّ المُقاومة الفِلسطينيّة في القطاع، وإدارتها الإعجازيّة لعمليّة التّفاوض خرجت مُنتصرة في هذه الجولة، وتمكّنت حتّى الآن من الإفراج عن 1700 مُعتقل فِلسطيني في سُجون الاحتلال نسبة عالية منهم من المحكومين بعدّة مُؤبّدات، وأبرزهم عميدهم وأقدمهم، الأسير نائل البرغوثي.
***
سبع عمليّات للتّبادل حتّى الآن، التي وصفها نتنياهو بالمُهينة، التي تمّت إدارتها وتنظيمها بقُدراتٍ عالية ومدروسة استحوذت على اهتمام العالم بأسره، وحقّقت الهدف الرئيسيّ منها وهو التّأكيد على أنّ حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” ما زالت هي الحاكم الفِعلي لقطاع غزة، هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، وتحظى بدعم الحاضنة الفِلسطينيّة، أو مُعظمها.
شُعور نتنياهو المُتغطرس بالإهانة الشّخصيّة، وإصراره على وقف كُل العُروض العسكريّة، وإبعاد كاميرات التّصوير التلفزيونيّة كُلِّيًّا، ولكن كُل هذا تم بعد أن حقّقت هذه التّرتيبات كُل أغراضها، وهذا اعتراف بالهزيمة السياسيّة والإعلاميّة، خاصَّةً أنه يُوصف في دولة الاحتلال الإسرائيلي والعالم الغربي بأنه “ملك” الإعلام ووسائله القديمة والحديثة، ومُؤسّس منظّمة “هيسبارا” التي نجح من خلالها في السّيطرة على الإعلام العالمي وتركيع مُعظم وسائل الاتّصال في العالم الغربيّ خُصوصًا، ولكن إلى حين، وبسبب فشل مُعظم الإعلام العربي الرسمي، وغياب أو تغييب العُقول والخبرات العربيّة الشابّة أو المُخضرمة.
كان لافتًا أن مُعظم قادة “حماس” في الخارج والدّاخل ابتعدوا كُلِّيًّا عن الأضواء إلّا في حالات استثنائيّة محدودة، وتركوا دُهاة الحركة في الدّاخل وإدارتهم الإعجازية لعمليّة التّفاوض (غير المُباشر) ويتحدّثون بالأفعال الحيّة والمُباشرة على الأرض وأمام كاميرات العالم، الأمر الذي أدّى إلى إصابة نتنياهو باكتِئابٍ مُزمن.
من الواضح أن رئيس حركة “حماس” “الميداني” في قطاع غزة هو المُجاهد محمد السنوار، وفي الخارج هو الدكتور خليل الحية، الذي كان نائبًا للشهيد يحيى السنوار، حسب مُعظم التّسريبات القادمة من مصادر الحركة القريبة من القيادة، وكان لافتًا أنه لم يظهر مُطلقًا، ولم تنشر له صُور على الإطلاق، ولم يُدلِ بأيّ تصريحات، ليس لأسبابٍ أمنيّةٍ فقط، وإنّما لأنّ الابتعاد عن الأضواء كُلِّيًّا هو الاستراتيجيّة الجديدة للحركة، ولهذا لم نر صُورًا للشّهداء محمد الضيف، ومروان عيسى، وغيرهما إلّا بعد استِشهادهما، وهذه حسنة ومدروسة علاوةً على التّواضع المُتأصِّل.
***
قيادة الحركة في الدّاخل والخارج، التي لم تُقدّم أيّ تنازلٍ يخرج عن الثّوابت المُقدّسة، على مدى أكثر من 500 يوم من الصّمود في حرب غزة، وكسبت مُعظم معارك الميدان والسّياسة والإعلام بتفوّق، وبدرجاتٍ عاليةٍ جدًّا، ستخوض معارك الجولتين الثانية والثالثة من المُفاوضات غير المُباشرة، بالبراعةِ نفسها، ومِن المُؤكّد أنّها بعد استراحة المُحارب القصيرة مُستعدّة لكُل السّيناريوهات المُتوقّعة، وعلى رأسِها العودة للحرب، فما زال لديها أوراق قويّة عديدة، وأبرزها ما تبقّى من الأسرى، وتضاعف أعداد مُجاهديها الذين رأينا بعضهم والعالم بأسره، في العُروض العسكريّة التي جرت على هامش عمليّات التّبادل السّبع للأسرى، وتابعها العالم دقيقة بعد أُخرى، وليرعد ويزبد نتنياهو ورهطه مثلما شاءوا، فالهزائم تُلاحقهم، وتَكسِر أنف غُرورهم وغطرستهم، والأيّام المُقبلة حافلة بالمُفاجآت وعلى كُلّ الجبَهات داخِل الأرض المُحتلّة، أو في جبهات المُساندة العربيّة في لبنان واليمن ولا ننس الضفّة الغربيّة.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

بعد انتهاء الجولة الأُولى من المُفاوضات وبدء الثانية.. مَنْ الفائِز ومَنْ الخاسِر؟ ولماذا تنازلت قيادة المُقاومة عن عُروضٍ ومنصّاتٍ وكاميرات جولات تسليم الأسرى والجثامين؟ ومن هي قيادة “حماس” في الدّاخل التي ألحقت بنتنياهو ورهطه هزيمة مُهينة؟ | رأي اليوم

شارك المقالة