You are currently viewing كيف كشفت سيّدة لبنانيّة شُجاعة رفَعت صُورة “سيّد الشّهداء” نصر الله في مطار بيروت المُخطّط الأمريكي- الصهيوني في لبنان؟ وكيف تجسّدت أبرز بُنوده بمنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر الحُدود السوريّة وبالتّنسيق الكامل بين عون والشرع؟ وما هي توقّعاتنا للمُستقبل “المُتفجّر”؟

كيف كشفت سيّدة لبنانيّة شُجاعة رفَعت صُورة “سيّد الشّهداء” نصر الله في مطار بيروت المُخطّط الأمريكي- الصهيوني في لبنان؟ وكيف تجسّدت أبرز بُنوده بمنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر الحُدود السوريّة وبالتّنسيق الكامل بين عون والشرع؟ وما هي توقّعاتنا للمُستقبل “المُتفجّر”؟

عبد الباري عطوان
باتَ مطار بيروت وحركة المُسافرين مِنه وإليه تعكس ملامح المرحلة اللبنانيّة الجديدة وتطوّراتها السياسيّة المُحتملة، وأبرزها مُحاولة نزع سِلاح المُقاومة الإسلاميّة بقيادة حزب الله، وحِصار حضانتها الشيعيّة التي تمثّل ثُلُث الشعب اللبناني، وكانت الأكثر استهدافًا من قِبَل العُدوان الإسرائيلي الأخير على البلاد.
فبَعد منع الطائرات المدنيّة الإيرانيّة مِن الهُبوط في المطار الدولي بذريعة استِخدامها لنقل أموال وقبلها أسلحة إلى الحزب من إيران وتهديد إسرائيل بقصفها إذا لم تعد أدراجها، وتعاطي قوّات الجيش اللبناني “بقسوةٍ” مع المُحتجّين على هذا القرار، وفتح الطّرق التي جرى إغلاقها بالإطارات المُشتعلة بالنّيران، ها هو المطار يعود إلى الواجهة مجددًا، حيث انتشر “فيديو” على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه سيّدة مُحجّبة ترتدي ملابس الحِداد السّوداء ترفع صُورة السيّد الشّهيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، حاول بعض رجال أمن المطار إجبارها على إنزال الصّورة بالقوّة، الأمر الذي أحدث حالةً من التوتّر بعد تضامن العشَرات من المُسافرين معها، وترديدهم شِعارات تُمجّد المُقاومة والسيّد نصر الله.
السيّدة “المجهولة” الاسم حتّى الآن، كانت عفويّةً وجريئةً جدًّا في تعاطيها مع من هدّدها بمنع دُخولها، إذا لم تُخف الصّورة عندما قالت بصوتٍ عال، وغاضب، “من يُريد أن يمنعنا من دُخول البلاد أن يتفضّل، نحن عُدنا إلى بلدنا منصورين ومرفوعي الرّأس، ولولا السيّد وشبابنا لما كانَ هُناك مطار بيروت”، والتفتت إلى أحد رجال الأمن قائلةً “نحن لم ندفع الدّم لكي تأتي وتطلب منّي الخُروج مِن المطار”، وبلغ غضبها ذروته عندما طالبت “كُل من يأخذ الإملاءات من الأمريكي والإسرائيلي هو مَن يجب أن يخرج، ومَن لا يُعجبه ذلك فليُهاجر”.
***
الحادثة المذكورة آنفًا ليست حادثة فرديّة، وتُشكّل ميزانًا دقيقًا لرصد ملامح المرحلة المُقبلة في لبنان، وحالة التوتّر المُتصاعدة والمُتفجّرة في أوساط المُقاومة وحاضنتها الإسلاميّة الشيعيّة، وخاصَّةً أنّها جاءت بعد “سابقة” اعتِداء قوّات الجيش اللبناني بالقوّة المُفرطة على المُتظاهرين احتجاجًا على منع الطّائرات الإيرانيّة المُحمّلة بأهلهم وأقربائهم من العودة، وكذلك مُحاولة “إفساد” مهرجان التّشييع الضّخم المُعَد لسيّد الشّهداء حسن نصر الله، ونائبه الشّهيد هاشم صفي الدين الذي اغتيل بعد يومين من انتخابه أمينًا عامًّا لحزب الله من خلال منع وصول وفود إيرانيّة وعربيّة عالية المُستوى للمُشاركة في هذه المُناسبة.
من يقرأ مسودّة البيان الوزاري للحُكومة اللبنانيّة الجديدة الذي من المُقرّر أن يُصوّت عليه البرلمان لإقراره أو رفضه الأُسبوع المُقبل، الذي لم ترد فيه كلمة المُقاومة مُطلقًا، ويُؤكّد على احتكار الدولة اللبنانيّة الكامِل له، وعدم التّسامح مع أيّ قِوى أُخرى تحمله، أو تسعى لحمله، في إشارةٍ واضحةٍ إلى حزب الله، من يقرأ هذا البيان غير المسبوق في بُنوده وصياغته يخرج بانطباعٍ قويٍّ بأنّ المُواجهة القادمة في لبنان قد لا تكون مِثل سابقتها على مدى أربعين عامًا، أي بين حزب الله ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وإنّما قد تكون بين الجيش اللبناني والحزب تحت ذريعة فرض سيادة الدولة اللبنانيّة.
لا يُخامرنا أدنى شك بأنّ المرحلة المُقبلة في لبنان عُنوانها الأبرز سيكون نزع سلاح “حزب الله”، والأخطر من ذلك مُحاولة تهميشه كقوّة سياسيّة رئيسيّة في البلاد وداخل مُؤسّساتها الرسميّة خاصَّةً مجلس النوّاب (البرلمان) والحُكومة، وبدعمٍ مُباشر من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكيّة التي تباهت مبعوثتها إلى لبنان السيّدة مورغان أورتاغوس بانتصارِ إسرائيل “الكبير” على “حزب الله” وتقديمها الشُّكر لها، والإصرار على منع الحزب من أيّ مُشاركة في الحُكومة الجديدة التي كان يعكف على تشكيلها القاضي نواف سلام.
هُناك طريقان يتم تبنّيهما في الوقتِ الرّاهن لإضعاف “حزب الله” وبدء خطوات نزع سِلاحه:
الأوّل: تجفيف كُل مصادر الدّعم الماليّة التي يتلقّاها الحزب من إيران وبعض المُتعاطفين معه من المُهاجرين اللبنانيين، وخاصَّةً رجال الأعمال في أوروبا والقارّة الإفريقيّة، وما منع الطّائرات الإيرانيّة من الهُبوط في مطار بيروت بضُغوطٍ إسرائيليّة وأمريكيّة إلّا الخطوة الأُولى في هذا الاتّجاه.
الثّاني: منْع وصول أي أسلحة إيرانيّة إلى الحزب لاستعادة قوّته، وتعويض ما خسره من أسلحة وصواريخ وذخائر في العُدوان الإسرائيلي الأخير، من خلال قيام السّلطة السوريّة الجديدة بالدّور الأكبر في هذا الميدان، حيث تزايدت عمليّات ضبْط أسلحة، سُوريّة أو إيرانيّة كانت في طريقها إلى “حزب الله” عبر الحُدود اللبنانيّة- السوريّة، وبتنسيقٍ مُباشرٍ مع الجيش اللبناني ورئيسه السّابق، ورئيس لبنان الحالي المُنتخب جوزيف عون، وتجسّد هذا التّنسيق في المُكالمة الهاتفيّة التي جرت بين عون والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وجرى الاتّفاق خِلالها على ضبْط الوضع المُشترك لمنع التّهريب عبر حُدود البلدين.
***
قيادة حزب الله “الجديدة” تقف هذه الأيّام أمام خيارات صعبة ومصيريّة في مُواجهة خطط نزع سِلاحها، وتحجيم دور الحزب سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وتجفيف موارده الماليّة في إطار حصارٍ خانق، وعندما سألنا أحد المُقرّبين منها عن كيفيّة مُواجهة هذه الخِيارات والتحدّيات قال: سنُجيب على هذا السُّؤال “عمليًّا” بعد انتهاء مهرجان التّشييع لسيّد الشّهداء ورفاقه، ونحنُ في الانتِظار.
الجيش اللبناني الذي أعادَ انتشاره على طُول الحُدود مع فِلسطين المُحتلّة، لن يدخل في مُواجهاتٍ عسكريّةٍ لتحرير النّقاط اللبنانيّة الخمس التي لم تنسحب منها قوّات الاحتلال الإسرائيلي، وحوّلتها إلى قواعدٍ عسكريّةٍ دائمة، ليس لضعف تسليحه فقط، وإنّما لتنسيقه مع الولايات المتحدة ووضعه كُلّ البيض اللبناني في سلّتها، كما أنّه في الوقت نفسه لن يسمح لحزب الله بتولّي مهمّة التّحرير هذه على غرارِ ما حدث بعد غزو عام 1982، وأثناء حرب تمّوز عام 2006.
هذه السيّدة “الحديديّة” الشُّجاعة التي تحدّت تواطُؤ جيشها وحُكومتها مع المشروع الأمريكي ومُهادنتها لمشروع الإبادة الإسرائيلي، برفعها صورة السيّد نصر الله وتلقينها بعض أفراد قوّات الأمن السِّرّيين في المطار درسًا قويًّا في الوطنيّة والكرامة والسّيادة الحقيقيّة، وعزّة النّفس، كشفت المَستور ومزّقت الأقنعة عن الوجوهِ المُتآمرة، وتستحقّ الشُّكر، وكَثّر الله من أمثالها.

المصدر: رأي اليوم

كيف كشفت سيّدة لبنانيّة شُجاعة رفَعت صُورة “سيّد الشّهداء” نصر الله في مطار بيروت المُخطّط الأمريكي- الإسرائيلي في لبنان؟ وكيف تجسّدت أبرز بُنوده بمنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر الحُدود السوريّة وبالتّنسيق الكامل بين عون والشرع؟ وما هي توقّعاتنا للمُستقبل “المُتفجّر”؟ | رأي اليوم

شارك المقالة