تتكاثر في الساعات الأخيرة دعوات لتنحي حماس عن إدارة غزة، وهي الدعوات التي قوبلت بموجة عاصفة من الاستياء والغضب.
تصريح رئيس وزراء السلطة الفلسطينية «محمد مصطفى» في مؤتمر ميونيخ للأمن كان أحد تجليات تلك الدعوات المغرضة، حيث قال ما نصه: «غزة جزء من فلسطين وحكمها من صلاحيات السلطة وفقا للقانون الدولي واتفاقية أوسلو، وببساطة لا يجب أن تكون حماس في السلطة ويجب أن تتنحى، وكان يجب ألا تحكم».
لم تمر تلك الدعوات مرور الكرام، وتصدى لها الكثيرون ممن يراهنون على المقاومة، ويعتبرونها حائط الصد الأول ضد تصفية القضية الفلسطينية، بل وحارس الأمن القومي العربي الذي بات مهددا بقوة.
الكاتب الصحفي كارم يحيى يقول إن من الجنون مطالبة شعب- تحت الاحتلال و يتعرض للإبادة والتهجير القسري مرارا وتكرارا ، ويعاني الويلات تحت قبضة الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي العنصري- أن يلقي بسلاحه، لافتا إلى أن السلاح هو المقاومة.
ويضيف لـ”رأي اليوم” أن من المعروف أنه من غير المسموح إنشاء جيش فلسطيني يحميه من الدولة الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا في المنطقة، وتمول بأحدث أسلحة الدمار في العالم.
ويصف “يحيى” الدعوات التي تطالب حماس بالتنحي عن إدارة غزة بأنها غير أخلاقية.
و يتابع قائلا بنبرة ملؤها الغضب: “لست من النوع الذي يحب أن يستخدم كلمة خيانة، ولكن مثل هذه الدعوة هي بالفعل ليست خيانة لنضالات الشعب الفلسطيني وكل المقاومين في المنطقة، بل خيانة لتاريخ نضالات الإنسانية منذ أن كان هناك سادة وعبيد”.
واستنكر” يحيى” مطالبة الضحية والمعتدى عليه بأن يلقي عصاه وهو يواجه من يملك أفتك الأسلحة.
ويذكّر مسؤولي السلطة الفلسطينية بأن الانتخابات الوحيدة التي أجريت في الضفة وغزة والقدس الشرقية في ظل أوسلو واتفاقات الحكم الذاتي كانت في 2006 ولم تجر بعدها أي انتخابات، مشيرا إلى أن هذه الانتخابات حلت فيها حماس أولا، وهذه حقيقة.
ويقول إنه إذا كانوا يريدون ديمقراطية وحداثة، فعليهم أن يحترموا ذلك، وإن كانوا يريدون أشياء أخرى من فاشية وتخلف ورجعية وخروج من العصر، فليتحملوا تبعة ذلك.
ويختتم “يحيى” مؤكدا أن علينا ألا ننسى أن كافة استطلاعات الرأي تقول إن حماس متفوقة على فتح وعلى رموز السلطة الفلسطينية ، ولها شعبية كبيرة بين الناس، وأن السلطة الفلسطينية مكروهة في غزة والضفة، وسيزداد الكره لها أكثر بعد قرار محمود عباس بمنع المخصصات المالية لأسر الشهداء والمعتقلين.
من جهتها قالت د.عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن ترامب زوّد اسرائيل بقنابل ثقيلة ، كانت إدارة بايدن قد منعت إرسالها بعد استخدامها في دك غزة ومحو سكانها ومبانيها، فهل من العقل حديث البعض الآن عن إلغاء دور حماس؟!
وتضيف متسائلة: وهل اسرائيل ستتنازل عن أسلحتها و تصبح دولة مسالمة أم ستستمر أمريكا في تسليحها مع المطالبة بالقضاء علي كل أنواع المقاومة المشروعة؟
وخلصت إلى أنه لو تم التماشي مع أفكار ترامب فلن تبقي دولة عربية واحدة في مأمن من الهجمات علي أراضيها.
في ذات السياق يرى د.محمد مدبولي أستاذ السياسات التربوية والعميد الأسبق لكلية التربية جامعة حلوان والوزير المفوض السابق بجامعة الدول العربية أن تصفية القضية الفلسطينية ليس فقط بالتهجير، مشيرا إلى أنه وهم لن يتحقق، بل التصفية تكون بتصفية المقاومة التي هي حقيقة واقعة.
المصدر: رأي اليوم