بات العالم كله مترقبا لمآلات المشهد الجلل في سورية، وبات الجميع متطلعا للنتائج التي ستحدد طبيعة الشرق الأوسط في الأيام القليلة القادمة.
فكيف قرأ المحللون السباسيون المشهد؟
الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين رئيس تحرير صحيفة الشعب يرى أن الأمة الإسلامية في معترك خطر ومنقسمة على نفسها.
ويضيف أن الأمريكان والصهاينة اخترقوها، مشيرا إلى أن الجهاد الأمريكي بات له صوت مسموع مؤثر- بفضل الآلة الإعلامية الجهنمية- على من وصفهم من الغلابة في التيار الإسلامي.
ويحذر ” حسين” من أن ما يحدث لا يستفيد منه إلا نتنياهو والصهاينة، مؤكدا أنه الآن في الوقت الذي يتم فيه ذبح غزة من جديد بعد ذبحها طيلة ١٤ شهرا، ينال فيه البعض من سورية التي كانت داعمة بقوة للمقاومة في غزة وحزب الله .
وانتقد رئيس تحرير الشعب سعي البعض لعمل مظلة سوداء قاتمة لنتنياهو ليواصل ذبح غزة من الوريد إلى الوريد.
وهاجم حسين قناة الجزيرة التي تنكشف حسب رأيه في الأوقات الفارقة، مذكّرا بقاعدة العديد الموجودة في قطر وهي أكبر قواعد الولايات المتحدة الأمريكية خارج أراضيها.
وقال إن الجزيرة أول ما ركزت بعد دخول أمريكا العراق كان على هدم تمثال صدام حسين، مشيرا إلى أنها أسقطت بغداد قبل أن تسقط، لافتا إلى أن هذا ما يحدث الآن في حلب وحماة.
وانتقد تركيز الكثيرين في بشاعة الأسد، وتجاهلهم بشاعة نتنياهو وزبانيته في غزة، حيث لا ماء ولا غذاء ولا دواء!
وعن ظهور الجولاني في ال CNN قال مجدي حسين إنه إدانة صريحة للولايات المتحدة وهو مطلوب لديها بعشرة ملايين دولار.
وقال إن الجولاني قال صراحة إن ما يحدث معركة المنطقة ضد إيران.
وأكد حسين أن أمريكا تخترق التيار الإسلامي منذ فترة طويلة في محاولة لاستيعابه وليس قبولا بالخيار الإسلامي للشعوب.
واختتم محذرا من أن الذي يقف مع جماعة الجولاني المشبوهة فهو يقف مع أمريكا والناتو وإسرائيل، مؤكدا أن هناك تعمية إعلامية للإبادة الإسرائيلية لغزة بمعركة تضر الأمة وتضر المقاومة.
وأردف: ليس هذه طريقة إسقاط الأسد.
من جهته تساءل السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق:
هل لدي الجولاني وهيئة تحرير الشام إستراتيجية واضحة لبناء دولة مؤسسات تعددية في سورية علي أنقاض نظام الأسد البعثي كي نعتبرهم ثوارا؟
وهل لديهم استراتيجية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي للجولان والتركي للشمال كي نعتبرهم مقاومين؟
أم أنهم مجرد أذرع لقوي إقليمية ودولية ترغب في إنهاك النظام (وياحبذا إسقاطه) وتقسيم سورية وإخراجها من معادلة القوة العربية لسنوات طويلة قادمة لكي نعتبرهم عملاء وصنيعة استعمارية – صهيونية ستحقق مآرب مموليها ثم يتخلصون منها في أقرب فرصة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب؟
وخلص “العشماوي” إلى أن هذا هو ما ستجيب عنه الشهور والتطورات القادمة.
في ذات السياق يرى الكاتب الصحفي أحمد السيد النجار أن الهجمة تركية بالأساس، وكل من تدخل بعد ذلك كان يبحث عن تحقيق مصلحته ، مشيرا إلى أن الكيان الصهيوني ساند هجوم الإرهابيين بتدمير مخازن سلاح وذخيرة الجيش السوري في مناطق القتال ومعابر الإسناد عبر لبنان، انتقاما من مساندة سورية لحزب الله، كما يحشد قواته في الجولان لإشغال الجزء الأعظم من الجيش السوري على تلك الجبهة وتقليص قواته وفرصه في مواجهة الإرهابيين، والولايات المتحدة وأتباعها في “قسد” يحاولون توسيع نطاق سيطرتهم بالصراع أو الاتفاق إذا أمكن مع الإرهابيين.
وعن موقف دول الخليج، قال النجار إنها مختلفة التوجهات، فقطر هي الداعم المالي الرئيسي لإرهابيي جبهة النصرة، والإمارات موزعة بين مصالحها الاستثمارية في سورية، ودعمها لحليفها الصهيوني وأهدافه. أما السعودية فليس من مصلحتها أن ينتصر الأرهاب في سورية، لأنه ضد كل توجهاتها الجديدة التي يرسيها ولي العهد السعودي،لافتا إلى أنه ربما تكون جمعيات أهلية متطرفة دينيا في كل الخليج، داعمة لقوى الإرهاب التي تهاجم الدولة السورية.
وعن موقف تركيا ، قال إن أردوغان أعلن عن دعمه المطلق للإرهابيين لإسقاط الدولة وصولا إلى دمشق، مبررا ذلك بأنه حاول المصالحة مع الأسد وأن الأخير رفض، بينما دوى البرلمان التركي بعاصفة من التصفيق لدى ادعاء عضو فيه بأن حلب تركية.
وقال إن تركيا تفصح عن وجهها الاستدماري العثماني القبيح.
وقال إن النظام السوري برغم أنه استبدادي شأن غالبية النظم ، فإنه جزء جوهري من محور المقاومة، وقام دائما بإسناد قوى للمقاومة اللبنانية وبخاصة في حربي عام 2006 والحرب الأخيرة، مشيرا إلى أن ذلك النظام الاستبدادي يفتقد لأدوات تحسين أحوال الناس وبناء التراضي الاجتماعي، لأنه يتعرض لحصار اقتصادي أمريكي وغربي خانق، كما أن مناطق ثرواته الطبيعية والنفطية موجودة تحت سيطرة الكرد والأمريكيين، كما أن المناطق الزراعية الأكثر أهمية تحت سيطرة الكرد والإرهابيين في الشمال السوري، لذا فإن خياراته محدودة في مواجهة الإرهابيين أتباع تركيا، في وقت يضطر فيه لحشد أغلب جيشه في مواجهة الكيان الصهيوني.
واختتم مؤكدا أنه في ظل هذا الوضع، فإن المساندة الخارجية الفعالة من حلفاء سورية، هي التي يمكن أن تنقذ الدولة السورية التي لو سقطت في أيدي الإرهابيين، ستتمزق إلى أشلاء ودويلات عرقية وطائفية ومذهبية، وسيكون الدور على لبنان فورا، فضلا عن تطاير الشرار على المنطقة العربية بأسرها لتكر المسبحة حبة تلو الأخرى!
السفير فرغلي طه أبدى دهشته من مسارعة أمريكا لتلميع الجولاني وكأنها لا تعرف عنه شيئا.
وأضاف أننا لا يهمنا الأسد ولا الجماعات، بل نتعاطف مع شعب سورية اللاجئ النازح من سنين ،لافتا إلى أن ما يهمنا ويقلقنا هو تدخل وسيطرة الدول على سورية بصورة أكثر مما كانت عليه.
وأضاف أن الموضوع معقد جدا، مشيرا إلى أن هناك تغييرا كبيرا تم التخطيط له فى سورية والمنطقة بشأن دور إيران بالذات ومعها روسيا ثم دور إسرائيل وهو الأخطر.
المصدر: رأي اليوم