الياس فاخوري
أسقطت “اسرائيل” الغصن الأخضر من اليد الفلسطينية، والمقاومة تسقط البندقية من يد الكيان .. ونبض الضفة لا يهدأ!
في البدء وعلى المستوى الاستراتيجي وقد خبرت دولة الكيان أيدي أبناء الله في الميدان وألسِنَةِ ابي عبيدة وابي حمزة وديانا والرفاق: “اسرائيل الى زوال” .. وهي الان في حال تَرَنُّحٍ تتعثّر من استقرار نسبي مؤقت الى اضطراب مطلق مستدام .. وها هي ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 – تُشير لحل العودتين والدولة الواحدة، لا حل الدولتين: لا اغتصاب، لا تهجير، لا لجوء .. ليعد أهل فلسطين – حملة المفاتيح، زُرٌاع التين والزيتون – الى ديارهم، وليعد المغتصبون الى حيث تحدّروا وآباؤهم .. ليعد ميلكوفسكي (نتنياهو) الى بولندا، و”سموتريتش” الى اوكرانيا و”يسرائيل كاتس” الى رومانيا .. حِلّوا عن فلسطين فالسَّاعَةُ مَوْعِدُكمْ “وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ” .. وهذه هي الجنسيات الأصلية الحقيقية لرؤساء وزراء الكيان: ديفيد بن جوريون بولندي، موشيه شاريت أوكراني، إيجال آلون من أصول روسية، جولدا مائير أوكرانية، إسحق رابين من أصول أوكرانية، مناحم بيجين من روسيا البيضاء، إسحاق شامير بولندي، شيمون بيريز بولندي، بنيامين نتنياهو من أصول بولندية، إيهود باراك من ليتوانيا، إيريل شارون بولندي، إيهود أولمرت من أصول روسية ..
وحل العودتين والدولة الواحدة هذا يتماهى تماماً مع ما جاء في خطاب التنصيب حيث أعلن دونالد ترامب عن مشروعه للتصدي للهجرة غير القانونية. وقال إنه سيوقف أي دخول غير قانوني وسيعيد ملايين الأشخاص الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية إلى بلادهم. وعليه فليدعم ترامب “تصدّي الجمهورية العربية الفلسطينية المستقلة للهجرة غير القانونية، وإعادة ملايين الأشخاص الذين دخلوا فلسطين بطريقة غير قانونية إلى بلادهم”!
ليعد ميلكوفسكي (نتنياهو) لتربية الارانب في بولندا وفقاً لما اوحت به المؤرخة الأميركية آفيفا تشومسكي: “لولانا لعاد زعيم الليكود الى بولندا لتربية الأرانب”!، وليُوَدِّع أستاذه الروحي والسياسي “زئيف جابوتنسكي” في قبره الثاني – وزئيف جابوتنسكي هو رجل “الصهيونية التصحيحية” الذي قال باقتلاع العرب مثلما تقتلع الأرواح الشريرة – ليُودِعَهُ سر الاعتراف المقدس ان “لنهر الأردن حقّاً ضفتين، هذه لنا (نحن العرب فلسطينيين واردنيين)، وتلك أيضاً لنا (نحن العرب اردنيين وفلسطينيين)! انها ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 وما بشَّرت به فعلاً تنفيذياً هي التي تدفع ميلكوفسكي (نتنياهو) لنبش قبر تيودور هرتزل، وإلقاءِ عظامه في العراء!
وهذا ايهود أولمرت، الليكودي العتيق، يُحذِّر من قرب نهاية بنيامين نتنياهو في الزنزانة أو في المقبرة .. كذلك يفعل ايهود باراك خوفاً من أن “تتدحرج رؤوسنا في تلك المتاهة” بعد كل ما توعدوا به من أعادتنا الى العصر الحجري وألا يتركوا حتى كلب واحد يعوي في بيروت ! الا يُعيدنا هذا الى بكاء الميركافا في وادي الحجير وكيف تمكن أولئك الرجال من قهر القوة التي لا تقهر ليصرخ أحد الضباط في بنت جبيل “لقد تركونا نقاتل الأشباح” .. وهذه مقالاتنا السابقة تفيض بشهود من اَهلها!؟
وهكذا سقط الخيار الصهيواوروبيكي العسكري لتصفية القضية الفلسطينية بعد ان نال أفضل الممكن وبعد ان اعدّوا لذلك كل الأدوات اللازمة وما استطاعوا من قوة .. نعم، خلال الفترة من 1948 – 1974، سقط الخيار العسكري العربي ليتصدر الساحة مشروع التسوية (غصن الزيتون والبندقية: الارض مقابل السلام) خلال الفترة من 1974 – 2000!
اسقط شارون مشروع التسوية (مبادرة بيروت العربية – 2002) اذ أعلن بكل صلف وتحدٍ انها لا تساوي الحبر الذي كتبت به .. وتوهج الخيار الصهيواوروبيكي العسكري رغم هزيمة الجيش الاسرائيلي وانسحابه من لبنان عام 2000 لتبدأ رحلة سقوط هذا الخيار (الصهيواوروبيكي العسكري) لتصفية القضية الفلسطينية على أيدي المقاومة التحريرية (2000 – لبنان، 2005 – غزة، 2006 – لبنان) .. ورغم تغول المحورالصهيواوروبيكي وتوحشه وبطشه وقد تمكّن من حشد كل قوى الشر وما تملك على كافة الاصعدة، فقد اطاحته غزة بطوفان الأقصى ووحدة الساحات والجبهات على ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 .. وما كان هذا الطوفان في الواقع الا رداً استباقياً وتصدياً لحرب صفرية اعدّتها قوى المحور الصهيواوروبيكي للقضاء على المقاومة!
اذن، كما على الارض الفلسطينية، كذلك في السماء: لا اسرائيل التوراتية، ولا اسرائيل الكبرى، ولا اسرائيل العظمى او العظيمة .. والمقاومة هم شعب الله المختار .. اما على المستوى التكتيكي، ف“اسرائيل الصغرى”، ما زالت بانتظار توسيع “ميثاق ابراهيم” تطبيعاً مع المملكة العربية السعودية حيث كانت الأمانة العامة للأمم المتحدة قد تسلمت طلبا رسميا اكثر من مرة (منها في ايلول 2022) لتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم “194” المنادي بحق العودة الى جانب القرار رقم “181” الذي شكل أساسا لحل الدولتين عام 1947 (دولة الكيان على مساحة 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2). وكان التزام إسرائيل بتنفيذ القرارين 181 و194 شرطا لقبول عضويتها في الأمم المتحدة!!
وهنا تجمع فلسطين وبها تُستجمع المعادلات الجيوبوليتيكية والجيواقتصادية والجيواستراتيجية وتلتقي لتهزم “جيوبوليتيكا التوراة” حيث الرؤية ـ أو الرؤيا ـ الخاصة باعادة تركيب الشرق الأوسط ليكون عبارة عن شظايا قبلية، واثنية، وطائفية بلاعب واحد، وملك واحد – ذاك الذي اليه يؤول عرش داود! نعم، هكذا ينتهي طريق الجلجلة وقد انتقل قضاء الشرق الأوسط الجديد وقدره الى أيدي المقاومة (شعب الله المختار حقاً) لتكتبه انتصاراً استراتيجياً قوى الحق والخير والمقاومة ب”مفتاح الدار” بين أيدي أمهات فلسطين ..
وهذه ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 تجمع وتحشد حزب الله وحماس والجهاد وانصار الله فيشق اهل غزة والجنوب اللبناني (مثلاً) طريقهم بالدم “حجّاً” لديارهم ودورِهم وقد تبيّنوا ان طريق القدس هو طريق الخلاص الوحيد فكسروا بالصدور ما تبقى من أسطورة الجيش الذي لا يُقهر .. نعم، بالصدور، وحتى صدور الأطفال والامهات، واجهوا الميركافا، لتعود فلسطين لاهلها من النهر الى البحر ومن الناقورة الى ام الرشراش، ويعود لبنان “أريكة القمر” كما وصفه لامارتين!
وحتى لو تم “توسيع ميثاق ابراهيم” على هذا النحو، وتحولت المنطقة الى “الفردوس التكنولوجي” الموعود ترامبياً، فان “اسرائيل الى زوال” كما هو منقوش على ظهر الدهر سواء بتفكيكها من الداخل حيث تكون كرة النار قد أُلقيت هناك لتكون حرب أهلية بين مستوطني الضفة الغربية ودويلة الاحتلال، او بالتمدد الطبيعي للمقاومة ..
نعم، لن تُفتح الأبواب أمام الحاخامات رغم الهيستيريا الإسرائيلية والمعارك بين الحروب في محاولات يائسة بائسة لتصفية المقاومة .. وها هي اسرائيل تمضي في حربها على شمال الضفة الغربية لإيقاع أكبر قدْر ممكن من الخراب والدمار والقتل، وتحويل الحواضن الشعبية والجغرافية للمقاومة، إلى أماكن غير صالحة للحياة حيث يعمل جيش الاحتلال في ثلاث محافظات بالتزامن (جنين وطولكرم وطوباس) ليطلع عليهم صباح اليوم الثلاثاء مقاوم فلسطيني واحد يقاتل معسكراً تدريبياً اسرائيلياً باكمله ويوقع عدداً من القتلى واعداداً من الجرحى .. فيا نبض الضفة لا تهدأ، ولا يجرّنك الكيان الغاصب لحرب أهلية (فلسطينية فلسطينية) وقد أعلنتَها ثورة .. حطّمتَ قيدك وجعلتَ لحمك جسراً للعودة فيرحل المحتل وتمسي فلسطين حرة!
باختصار، “اسرائيل الى زوال” على الصعيد الاستراتيجي — اما على الصعيد التكتيكي و”اسرائيل الصغرى”، فلتقم بتنفيذ القرارين 181 و194 (وهما شرط قبول عضويتها في الأمم المتحدة) ليتم التطبيع الذي تسعى اليه دول المحور الصهيواوروبيكي أساسا لحل الدولتين (دولة الكيان على مساحة 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2)!
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
كاتب عربي أردني
المصدر: رأي اليوم