You are currently viewing مروان البرغوثي.. أول العائدين والعقل المدبّر للانتفاضتين

مروان البرغوثي.. أول العائدين والعقل المدبّر للانتفاضتين

اعتقلت إسرائيل القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي عام 2002، وكان رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون (1928-2014) الأسف لأن الجيش لم يقتل البرغوثي، وأنه يفضّل لو كان من تصفه الدوائر الأمنية الإسرائيلية بالعقل المدبّر للانتفاضة الثانية على الأقل “رمادًا في جرة”.

الرجل قصير القامة، والذي تنتشر صوره ويداه في الأصفاد بينما يرفع شارة النصر في المظاهرات والمسيرات الفلسطينية، لا يزال في مركز الحدث الفلسطيني الملتهب رغم مرور 23 عامًا على اعتقاله، وكان حضوره يُستدعى رغم أنه خلف القضبان مع كل مفصل من تطورات القضية الفلسطينية، بما فيها الخلافات الداخلية داخل حركة فتح، والانقسام الحاد بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومع تردد الأحاديث والسيناريوهات عما يُسمّى اليوم التالي في غزة، تبرز مكانة الرجل والحاجة إليه، إن لم يكن حلًا لكثير من إشكاليات الحركة الوطنية الفلسطينية، على صعيد حركة فتح التي ينتمي إليها البرغوثي والتي تعاني من أزمة قيادة، أو على صعيد القوى الوطنية الفلسطينية التي تُجمع عليه وعلى أهمية دوره التوحيدي.

فمن هو مروان البرغوثي؟ ولماذا استبعدت إسرائيل تمامًا شموله في قوائم تبادل الأسرى، بينما رجحت مصادر غير رسمية أن يكون مصيره الإبعاد في حال قررت إسرائيل إطلاق سراحه؟

قادة ترفض إسرائيل الإفراج عنهم
لا يزال الغموض يكتنف مصير عدد من قيادات الصف الأول في الفصائل الفلسطينية الأسرى في السجون الاحتلال، وما إذا كانوا على قوائم تبادل الأسرى التي نُفذت المرحلة الأولى منها ليل الأحد/الإثنين 20 يناير/ كانون الثاني الجاري.

وعشية الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأحد، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل لن تفرج عن هؤلاء، وأبرزهم كما قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح، وأحمد سعدات، الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعبد الله البرغوثي المحكوم بـ67 مؤبدًا، والذي تصفه الدوائر الأمنية الإسرائيلية بالسنوار الثاني.

مع تردد الأحاديث والسيناريوهات عما يُسمّى اليوم التالي في غزة، تبرز مكانة مروان البرغوثي والحاجة إليه، إن لم يكن حلًا لكثير من إشكاليات الحركة الوطنية الفلسطينية
ويضاف إلى هؤلاء، كل من إبراهيم حامد، ثاني أبرز شخصية قيادية في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الضفة الغربية، وعباس السيد، قائد حركة حماس في مدينة طولكرم بالضفة الغربية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والمحكوم بـ35 مؤبدًا.

مروان البرغوثي.. الثورة في سن مبكرة
ولد مروان البرغوثي عام 1958 في بلدة كوبر بمحافظة رام الله والبيرة، لعائلة ميسورة عُرف عنها عنايتها بالثقافة والفنون وانخراطها في الشأن الوطني تاريخيًا.

انضم البرغوثي مبكرًا لحركة فتح التي كان يتزعمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (1029-2004)، فقد التحق بالحركة عندما كان في الخامسة عشر من عمره، وما هي إلا سنتان (1976) حتى اعتقلت إسرائيل الفتى الصغير وهو على مقاعد الدراسة، لكن عامي الاعتقال الأول لم يمنعاه من إكمال دراسته الثانوية وهو في السجن.

أعادت إسرائيل اعتقاله عام 1978، ولم تطلق سراحه إلا عام 1983، لكن ذلك لم يفتّ من عضد الشاب الذي التحق بجامعة بير زيت لدراسة التاريخ والعلوم السياسية.

وكانت سنوات بير زيت الأخصب في حياته والتي أبرزت قدراته القيادية، فقد نشط في الحركة الطلابية الفلسطينية وذاع صيته بين أقرانه، ما أهّله للفوز برئاسة مجلس الطلبة في الجامعة ثلاث سنوات متتالية، ودفعه لتأسيس ما بات يُعرف لاحقًا بحركة الشبيبة الفتحاوية.

الانتفاضة الأولى ورفقة أبو جهاد
أعادت إسرائيل اعتقاله عام 1985 ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية التي رفض التقيّد بها، فلاحقته قوات الاحتلال من دون أن تتمكن من القبض عليه، بل صنعت ما يمكن وصفها بأسطورته، أسطورة المطارد الذي يقف وراء الانتفاضة الأولى التي هبّت لمناصرة انتفاضة غزة آنذاك وتكاملت معها.

اعتقلته إسرائيل لاحقًا وأبعدته إلى الأردن بأمر من وزير الدفاع الإسرائيلي إسحق رابين (1922-1995)، ليغادر إلى تونس، حيث القيادة الفلسطينية هناك بعد الخروج من لبنان.

عمل البرغوثي في تونس مع القائد العسكري الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) الذي اغتالته إسرائيل في تونس عام 1988، ضمن مكتب القطاع الغربي الذي يُعني بشؤون الأراضي المحتلة، وفي المؤتمر الخامس لحركة فتح عام 1989 انتخب البرغوثي لعضوية المجلس الثوري للحركة، ليصبح أصغر أعضائه سنًا.

مروان البرغوثي.. أول العائدين
وبتوقيع الرئيس الفلسطيني الرحل اتفاقية أوسلو، بدأت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية بحزم أمتعتها وأرشيفها للعودة إلى غزة وأريحا أولًا، وكان البرغوثي من أوائل العائدين، واُنتخب في أول اجتماع لحركة فتح في الضفة الغربية بعد عودته، نائبًا للقيادي فيصل الحسيني (1940-2001) وأمين سر للحركة في الضفة الغربية.

كما انتخب عام 1996 عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) في دائرة رام الله والبيرة.

وفي سبتمبر/ أيلول عام 2000 تعمّد أرئيل شارون، وكان زعيمًا للمعارضة الإسرائيلية، الدخول إلى باحة المسجد الأقصى، ما أثار غضبًا شعبيًا تحوّل إلى اشتباكات واسعة مع قوات الاحتلال في كامل أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة، وكما كان الطفل محمد الدرة أحد رموز ما باتت تعرف بانتفاضة الأقصى التي استمرت خمس سنوات، فإن مروان البرغوثي تصدّر المشهد باعتباره العقل المدبّر لها.

محاولات اغتيال فاعتقال
حاولت إسرائيل مرارًا تصفيته جسديًا والتخلص منه لدوره في الانتفاضة، وقيادته كتائب شهداء الأقصى، مرة بإطلاق عدة صواريخ موجهة عليه، عندما كان يهم بالدخول إلى مكتبه في رام الله في أغسطس/ آب عام 2001، ما أسفر عن استشهاد أحد مساعديه، وأخرى عندما أرسلت له سيارة ملغومة إليه خلال اجتياحها رام الله.

وفي 15 أبريل/ نيسان 2002 تمكنت إسرائيل من اعتقاله بعد مطاردة استمرت نحو عامين، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عامًا.

ورفضت إسرائيل الإفراج عن البرغوثي ضمن صفقة شاليط لتبادل الأسرى، أو صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011 والتي اعتبرت واحدة من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية- الإسرائيلية، وأفرجت إسرائيل بموجبها عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الإفراج الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.

عزل انفرادي ومخاوف على حياته
ويتعرض البرغوثي منذ أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير في فبراير/ شباط من العام الماضي، أمرًا بنقله من سجن عوفر العسكري إلى العزل الانفرادي في سجن آخر، إلى عدة محاولات تصفية داخل السجن، بحسب منظمات حقوقية.

وعبّرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عن مخاوفها على حياة البرغوثي الذي تعرّض لعدة محاولات اعتداء جسدي من حرّاس السجن، كما مُنع من مقابلة محاميه الذين تقدموا التماسًا لإنهاء عزله الانفرادي رفضه بن غفير.

الرجل قصير القامة، والذي تنتشر صوره ويداه في الأصفاد بينما يرفع شارة النصر في المظاهرات والمسيرات الفلسطينية، لا يزال في مركز الحدث الفلسطيني الملتهب رغم مرور 23 عامًا على اعتقاله
يتمتع مروان البرغوثي بشعبية كبيرة في صفوف الشعب الفلسطيني، وكان المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية قد نشر استطلاعًا للرأي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، بعد نحو أربعة اشهر من بدء العدوان على قطاع غزة، أظهره الشخصية “الأكثر شعبية بين الفلسطينيين”.

لو ترشّح للرئاسة فاز
وبحسب الاستطلاع فإنه في حال تنافس البرغوثي من فتح مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والقيادي في حماس إسماعيل هنية (قبل اغتياله في طهران في يوليو/ تموز 2024)، على الرئاسة الفلسطينية، فإن البرغوثي سيحصل على 47% من أصوات الناخبين بينما سيحصل هنية على 43% وعباس على 7% فقط.

وللبرغوثي المتزوج من المحامية فدوى البرغوثي أربعة أبناء، لم تكن صدفة أو من غير دلالة أن يُسمّي أكبرهم قسّام، في إشارة إلى الجهادي عز الدين القسّام الذي قاد ثورة ضد الانتداب البريطاني في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي، وسمّت حركة حماس جناحها العسكري على اسمه.

وللبرغوثي أيضًا عدد من الكتب، من بينها “الوعد”، و”الوحدة الوطنية قانون الانتصار”، و”ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي”، وهو حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع للجامعة العربية، والماجستير في العلاقات الدولية، ويتقن عدة لغات من بينها العبرية والإنكليزية.

المصدر: العربي الجديد

https://www.alaraby.com/news/%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%BA%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A8%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B6%D8%AA%D9%8A%D9%86

شارك المقالة