لاحظت أوساط سياسية فلسطينية مطلعة أن السيناريو المصري المتعلق بإعادة فتح معبر رفح وإدخال المساعدات والإغاثات الانسانية لقطاع غزة عبر ما يسمى بلجنة الإسناد المجتمعي بدأ يغري العديد من الأطراف الدولية في التعاطي مع مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
ويعني ذلك أن المقترح المصري الذي وافقت عليه حركة حماس رسميا كما وافقت عليه فصائل المقاومة في أغلبها قد بدأ يتحول إلى ميكانيزم عملي قد يتولى جزئيا مهمة إدارة معبر رفح حاليا بالتعاون مع السلطات المصرية لإخراج الرهائن والأسرى الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم ولاحقا إعادة تأهيل المعبر لإدخال ولو جزء من قوافل وشاحنات المساعدات.
لكن الجزئية المثيرة أن هيئة الإسناد تم تسمية أعضائها ووقعت وثائق وبروتوكولات تنظيم عملها.
وقد ترى النور قريبا على أعتاب المرحلة الثانية من إتفاقية وقف إطلاق النار بتأييد أوروبي ودولي وضوء أخضر أمريكي ودون انتظار موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المسودّة الخاصة باتفاقية هيئة الإسناد المجتمعي.
وكان عباس قد أوفد نائب رئيس حركة فتح القيادي البارز محمود العالول إلى القاهرة لإجراء مفاوضات حول وثيقة لجنة الاسناد المجتمعي.
وبعد جلستين من المفاوضات وافقت حركة حماس فيما نقل الوفد الفتحاوي الملف إلى عباس الذي استند فجأة في إطار أزعج وأقلق السلطات المصرية إلى توصية من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في تبرير موقفه برفض هيئة الإسناد قبل أن يصدر بعد ظهر السبت بيان غريب وحاد اللهجة بتوقيع السلطة الفلسطينية يعلن إستعدادها الشامل والقطعي الآن لإدارة قطاع غزة بعد وقف اطلاق النار.
البيان الأخير فُسّر من جانب السلطات المصرية بأنه محاولة من جانب عباس والسلطة لإعاقة التفاهمات التي انجزت على وثيقة ومسودة وبروتوكول لجنة الإسناد المجتمعي والتي أصبحت ورقة معتمدة الآن ضمن دول الاتحاد الاوروبي وفقا لبيان وصل للخارجية المصرية من المكتب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين والنازحين في مقر الاتحاد الأوروبي.
فسّرت في أوساط القاهرة والدوحة بيانات تظهر الاستعداد لإدارة قطاع غزة بأنها محاولة لمناكفة العبور ولوجستيات التكليف لهيئة الاسناد المجتمعي.
لكن هذه الهيئة أصبحت واقعا موضوعيا واللافت تماما لنظر المراقبين والخبراء الدبلوماسيين أن هيئة الإسناد تمضي قدما وبدأت تجري اتصالات وفي شأنها العديد من المراسلات بين عدة دول و بدون انتظار موافقة الرئيس الفلسطيني الذي ذهب وفد حركة فتح للتشاور معه.
كان الرئيس الفلسطيني قد وافق بداية على مسودة وثيقة الاسناد لكنه عاد وسحب موافقته قبل أن يُثير ذلك غضب القاهرة وعمان.
ونقلت أوساط مقربة من حركة حماس عن الأجهزة الأمنية المصرية قلقها الشديد من الطريقة التي تعامل فيها عباس مع ملف هيئة الإسناد باعتبارها خطوة ضرورية في الاجابة على سؤال المجتمع الدولي قبل تدشين خطط إعادة إعمار قطاع غزة بعنوان ما بعد غزة وباعتبارها وثيقة أساسية لعزل الملف الانساني في ادارة قطاع غزة عن الصراع الفتحاوي الحمساوي على الصلاحيات.
ثمة أزمة الآن بين القاهرة ورام الله.
لكن هيئة الإسناد جاهزة لاستلام مهامها والسلطات المصرية تتّهم المقاطعة بالسعي عبر بيان أمس للشغب والمُناكفة على هيئة الإسناد فيما تم اعتماد الهيئة ضمن المواصفات الأمريكية والاوروبية على الاقل باعتبارها الطريقة الوحيدة لإدارة الخدمات وقطاع توزيع المساعدات الإغاثية داخل قطاع غزة دون التورط بوجود لا حكومة تمثل حركة حماس في القطاع ولا حكومة تمثل السلطة الفلسطينية وتعترض عليها حركة حماس.
المصدر: رأي اليوم