عبد الباري عطوان
بعد ساعات معدودة من العدوان الجوي الإسرائيلي بـ 16 طائرة الذي استهدف مواقع مدنية في العاصمة اليمنية (صنعاء) وميناء الحديدية، وتهديد بنيامين نتنياهو بأنه سيقطع اليد التي ستمس كيانه، ويدّفع صاحبها ثمنا باهظا، جاء رد الجيش اليمني مزلزلا، وبصاروخي فرط صوت (فلسطين 2) وصلت الى أهدافها في وسط يافا (تل ابيب)، وارسلت صفارات الإنذار التي رصدتها مئات الآلاف من المستوطنين الى الملاجئ.
الساحة اليمينة ما زالت متضامنة بالأفعال مع أهلنا في قطاع غزة الذين يواجهون حرب إبادة وتجويع في وقت تخلى عنهم جميع قادة العرب والمسلمين، وباتوا يواجهون المجازر والتجويع والتعطيش وحدهم دون أي سند او دعم، حتى ولو بالمظاهرات الاحتجاجية.
***
نتنياهو المتغطرس قالها وبقمة الوقاحة والغطرسة “بعد حركة حماس وحزب الله ونظام الأسد، أصبح الحوثيون الذراع الأخير المتبقي من محور الشر الإيراني”، ولكن مثل هذه التهديدات المصحوبة بالغارات الجوية لن تمر دون رد حيث أعلن السيد محمد علي الحوثي، عضو المكتب السياسي لحركة “انصار الله” ان “الجرائم التي ترتكبها إسرائيل وامريكا الارهابيتين ضد اليمن لن تثني اليمن عن القيام بواجبها الإسنادي لأهلنا في قطاع غزة”.
هذا هو اليمن الذي نعرفه، ونحبه، صاحب الإرث الاضخم في الكرامة والوطنية ونصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة بعد ان تخلى عنه الجميع تقريبا، ويكفي هذا الشعب الذي قدم ويقدم يوميا مئات الشهداء، ان هذا اليمن وشعبه يقف الى جانبه، وتتعانق دماء شهدائه مع نظرائهم في القطاع البطل، في هذه اللحظات الحرجة في تاريخ الامة.
تهديدات نتنياهو لن تخيف الاشقاء اليمنيين شعبا وقيادة، ولن تدفعهم لوقف اسنادهم البطولي للصامدين الابطال في قطاع غزة، فاليمن لا يهدد، ويترك الأفعال هي التي تتحدث باسمه، ونيابه عنه، ولو كان يخاف لما حقق سابقة عسكرية وتاريخية بقصف ثلاث حاملات طائرات أمريكية بالصواريخ واعطبها، ودفعها الى الهروب من البحر الأحمر وبحر العرب، ومعظم مياه المحيط الهندي، فالخوف غير موجود مطلقا في قاموسه، والتاريخ يشهد.
صواريخ “انصار الله” ومسيراته هي التي جعلت ميناء “أم الرشراش” (ايلات) في مدخل خليج العقبة يعلن افلاسه كليا مما يعني، وبعد هجمات استهدفت 212 سفينة تجارية إسرائيلية، او تحمل بضائع لدولة الاحتلال، منع أكثر من 86 بالمئة من التجارة البحرية الاسرائيلية عبر البحرين الأحمر والعربي متوقفة كليا.
القيادة اليمنية لم ولن تذهب الى الأمم المتحدة باكية شاكية بعد “العدوانات” الامريكية والإسرائيلية والبريطانية التي لم تتوقف في استهدافها لمدنه وموانئه وعاصمته، ولم توقف هذه القيادة دعمها ومساندتها للأهل في قطاع غزة، وجعلت الصواريخ فرط صوت والمسيّرات هي التي تتكلم باسمها، بلغة كرامو عربية إسلامية لا لحن فيها.
***
نعم نعيش كعرب ظروفا وانتكاسات صعبة على أكثر من جبهة بسبب استسلام حكومات وجيوش عربية للمكر الصهيوني المدعوم أمريكيا، ومن دول حزب الناتو، وبعض الانظمة العربية المتواطئة، ولكنها مرحلة قاتمة السواد ستمر حتما، وسينتفض المارد العربي وسيخرج من قمقم الإذعان المذل، تماما مثلما انتفض ابطال طوفان الأقصى في غزة، وأصابوا العدو في مقتل واذلوه على الصعد كافة.. والايام بيننا.
المصدر: رأي اليوم