قال الصحافيان في صحيفة (معاريف) العبريّة، آفي أشكنازي وآنا براسكي، إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، قدم بيانًا، تناول فيه السياسة تجاه سوريّة، ولفتا إلى أنّ ملخص حديث نتنياهو عن رسائل أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، هي عدم التأثر بالرسالة التصالحيّة التي نقلها الجولاني، بحسب ما نقلاه عن مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب.
وقال مصدرٌ إسرائيليٌّ في تعليقه على البيان: “الرجل هو جهاديٌّ متطرفٌ ومرتبطٌ بتنظيم داعش، والمحاولة لتقديم نفسه للغرب كمتطرفٍ معتدلٍ في الوقت الحالي خالية من أيّ أساسٍ”.
وكان نتنياهو قال: “ليس لدينا رغبة في التصادم مع سوريّة. نحن سنحدد سياسة إسرائيل تجاه سوريّة وفقًا للواقع الذي يتشكل في الميدان. أذكر أنّه على مدى عقود كانت سوريّة دولة عدوة نشطة لإسرائيل. لقد هاجمتنا مرارًا وتكرارًا، وسمحت للآخرين بمهاجمتنا من أراضيها، وسمحت لإيران بتسليح حزب الله عبر أراضيها”.
وتابع نتنياهو: “قبل عام، قلت شيئًا بسيطًا: نحن سنغير الشرق الأوسط، ونحن بالفعل نغيره. سوريّة ليست نفس سوريّة، ولبنان ليس نفس لبنان، وغزة ليست نفس غزة، ورأس المحور -إيران- ليست نفس إيران. حتى هي شعرت بضرباتنا”.
وأضاف: “نحن نعمل بقوّةٍ وبحكمةٍ، لضمان الأمن أمام جميع دول المنطقة، ولضمان الاستقرار والأمن على جميع حدودنا. هذا لا يعني أنّه لا توجد تحديات أمامنا، بل هناك تحديات. سواءً أمام إيران، أوْ أمام وكلائها الدمويين، أوْ أمام التهديدات المحتملة الأخرى، لأنّ الواقع ديناميكي – يتغير بسرعة”.
وأردف: “من أجل ضمان أنّ ما كان لن يعود، اتخذنا سلسلة من الإجراءات المكثفة في الأيام الأخيرة. مع وزير الأمن كاتس، وجهت الجيش الإسرائيلي لإحباط التهديدات المحتملة من سوريّة، ومنع سيطرة الجماعات الإرهابية بالقرب من حدودنا”.
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيليّ أنّه: “في غضون أيامٍ قليلةٍ، دمرنا قدرات بناها نظام الأسد على مدار عقود. فعلنا ذلك لضمان أنّ الأسلحة الخطيرة لن تُستخدم ضدنا مجددًا من أرض سوريّة. كما ضربنا طرق إمداد الأسلحة من سوريّة إلى حزب الله. أمين عام حزب الله، قال هذا بصراحة: “حزب الله فقد طريق الإمداد العسكريّ عبر سوريّة’. هذه الكلمات هي بالطبع دليل آخر على الضرر الكبير الذي ألحقناه بالمحور الإيراني كله”.
ومع ذلك، طلب رئيس الوزراء توضيحًا: “نحن ملتزمون بمنع إعادة تسليح حزب الله. هذا اختبار مستمر لإسرائيل، يجب علينا أنْ ننجح فيه، ونحن سوف ننجح فيه. أقول لحزب الله وإيران بطريقة لا لبس فيها: لمنعكم من إيذائنا، سوف نواصل العمل ضدكم حسب الحاجة، في كل ساحة وفي أي وقت”.
وتابعت الصحيفة بأن ّهذه التصريحات جاءت على خلفية البيان الذي أدلى به السبت الفائت الجولاني قائلاً: “سوريّة منهكة، لذلك ليس لدينا نية للدخول في صراعات، ولا في مواجهةٍ مع إسرائيل. سنعمل على إقامة علاقاتٍ مع المجتمع الدوليّ”.
وأضاف الجولاني أنّ لديه خطة مدروسة لـ “إصلاح الخراب المستمر الذي تسبب فيه النظام في دمشق”.
على صلةٍ بما سلف، أكّدت صحيفة (هآرتس) العبرية، أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعدّ شخصا يكره الأخطار ويخشى الحروب، لكنّه منذ السابع من أكتوبر، اكتشف الأفضلية السياسية التي تجلبها الحرب الأبدية، وهو يستمر في توسيع حدود إسرائيل.
وقالت الصحيفة في مقال لرئيس تحريرها ألوف بن؛ إنّ “نتنياهو يُجسِّد حلم إسرائيل الكبرى من نتساريم في غزة وحتى قمة جبل الشيخ في سوريّة”، مضيفًا أنّ “الجيش الإسرائيليّ يقترب من هدفٍ وضعه لنفسه خلال سنواتٍ كثيرةٍ في خطط الحرب بجبهة الشمال، وهو تثبيت خطٍّ على مدخل العاصمة السورية”، طبقًا لأقواله.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “الجيش الإسرائيليّ احتفل بصورة انتصار، ورفع علم إسرائيل على قمة جبل الشيخ والدبابات في القنيطرة، مع طمس حقيقة أنّ الأمر يتعلق بأراضٍ سوريّةٍ”، مضيفةً أنّ “إسرائيل أبلغت المجتمع الدولي بأن العملية هي مقلصة، وأنّ الجيش احتل فقط مواقع عدة”.
وشدّدّت الصحيفة على أنّه “تمّ الاحتفال بهذه العمليات كنجاحٍ كبيرٍ للجيش الإسرائيليّ منذ عدوان 67، رغم تنفيذها دون أيّ مقاومةٍ سوريّةٍ”.
وطرحت “هآرتس” تساؤلات عدة أمام هذه التطورات، منها: “إلى متى ستسيطر إسرائيل على هضبة الجولان؟ وماذا يتوقع أنْ يحدث إذا غلبت الفوضى في سوريّة وتم توجيه جزء منها نحو إسرائيل؟ هل سيبقى الجيش الإسرائيليّ في هذه المواقع، أمْ إنّه سيتقدّم نحو دمشق لتوسيع القاطع الأمنيّ؟”.
وأردفت: “يبدو أنّ نتنياهو يعمل على تشكيل إرثه كزعيمٍ قام بتوسيع حدود إسرائيل بعد خمسين سنة على الانسحاب والتقلص”، معتقدة أنّ التأييد المتوقع من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيعزز طموحات إسرائيل الجغرافية.
وختمت (هآرتس): “حسب كل الدلائل، نتنياهو يريد أنْ يتم ذكره بأنّه مجسد (إسرائيل الكبرى)، وسيُحاوِل التمسّك بسيطرة إسرائيل في شمال قطاع غزة، ولذلك، لن يسارع إلى الانسحاب من المناطق الجديدة التي احتلت في الجولان، وربما في ظروف ما يزيدها”.
المصدر: رأي اليوم