محافظة دير الزور، الواقعة شرقي سوريا، باتت نموذجًا مصغرًا لتعقيدات المشهد السوري، حيث تشهد صراعات مستمرة بين القوى المحلية والدولية، وسط معاناة إنسانية متفاقمة. في ظل الانقسامات الجغرافية والسياسية، يبقى مستقبل المحافظة مفتوحًا على احتمالات إعادة رسم خريطة السيطرة في سوريا، ولكونها على الحدود مع العراق، فانها تمثل حجز الزاوية لكل من العراق وسوريا.
مؤخرًا، شهدت بلدة الصالحية اجتماعًا ضم الجنرال الروسي المسؤول عن القوات الروسية في المنطقة، وقادة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومسؤولين أمنيين من الحكومة السورية، للاتفاق على “التعاون في مواجهة الإرهاب”. تلا ذلك انسحابات متفرقة للفرقة الرابعة والقوات الإيرانية، التي أعادت تمركزها في مدينة البوكمال، بينما عاد الحشد الشعبي العراقي إلى داخل العراق. هذه التحركات أثارت قلقًا بشأن تأثيرها على استراتيجية التحالف الدولي.
تطورات السيطرة والنزاع
شهدت دير الزور منذ اندلاع الثورة السورية مظاهرات تحولت لاحقًا إلى مواجهات مسلحة. بحلول عام 2014، سيطر تنظيم داعش على معظم المحافظة، قبل أن يستعيد الجيش السوري وقسد السيطرة عليها عام 2017، لتُقسَّم المحافظة إلى شطرين يفصل بينهما نهر الفرات.
تبقى القرى السبعة – الممتدة بين الحسينية وخشام – إحدى أبرز نقاط التوتر، كونها مناطق نفوذ للحكومة السورية والفصائل الشيعية داخل أراضٍ تسيطر عليها قسد.
الهجوم الأخير وارتداداته
في ديسمبر/كانون الأول الجاري، شنّ مجلس دير الزور العسكري، بدعم من التحالف الدولي، هجومًا على القرى السبعة، لكنه توقف سريعًا مع وصول تعزيزات للحكومة السورية والفصائل الشيعية. وأدى ذلك إلى ضربات جوية استهدفت مواقع إيرانية، في إشارة إلى رغبة التحالف في تقليص النفوذ الإيراني.
تسببت هذه التطورات في موجة نزوح جديدة، حيث فرّ الأهالي إلى مناطق أكثر أمنًا، لكن الظروف الإنسانية ظلت كارثية. يروي شهود من المدينة أن النازحين اضطروا للجوء إلى المدارس والحدائق والمساجد، وسط غياب واضح للدعم والمساعدات.
المصدر: المسلة
Publisher: Almasalah