You are currently viewing هل نجحت تهديدات بوتين في إجهاضِ القمّة الأمريكيّة- البريطانيّة وقرارها في توسيع الحرب الأوكرانيّة وتزويد زيلينسكي بصواريخٍ بعيدة المدى؟ ما دور نتنياهو ولوبيّاته في تصعيد هذه الحرب لتوريط أمريكا وحِلف النّاتو للخُروج من هزائمه في غزة والمِنطقة؟ ولماذا زجّ “أنصار الله” في اليمن وصواريخ إيران لروسيا في حملته التّحريضيّة؟

هل نجحت تهديدات بوتين في إجهاضِ القمّة الأمريكيّة- البريطانيّة وقرارها في توسيع الحرب الأوكرانيّة وتزويد زيلينسكي بصواريخٍ بعيدة المدى؟ ما دور نتنياهو ولوبيّاته في تصعيد هذه الحرب لتوريط أمريكا وحِلف النّاتو للخُروج من هزائمه في غزة والمِنطقة؟ ولماذا زجّ “أنصار الله” في اليمن وصواريخ إيران لروسيا في حملته التّحريضيّة؟

عبد الباري عطوان
تهديدات الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام أسلحة نوويّة “تكتيكيّة” بضربِ أهدافٍ استراتيجيّة أمريكيّة وبريطانيّة، نجحت في إجهاض القمّة التي انعقدت يوم أمس الجمعة في البيت الأبيض بهدف إعطاء الضّوء الأخضر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وجيشه باستخدام صواريخ أمريكيّة وبريطانيّة وفرنسيّة بعيدة المدى لضربِ العُمُق الروسي.
الرئيس بوتين تعمّد أنْ يُدلي بتصريحاتٍ تحذيريّةٍ شديدة الخُطورة يوم الخميس، أي قبل القمّة المذكورة بيوم، قال فيها إنّ أيّ استخدامٍ أوكرانيٍّ لصواريخ “أتاكمز” الأمريكيّة و”ستورم شادو” البريطانيّة بعيدة المدى ضدّ أهدافٍ في العُمُق الروسي يعني دُخول حلف النّاتو بشكلٍ مُباشرٍ إلى ميدان الحرب ضدّ روسيا، وتغيير طبيعة الصّراع بالتّالي، وجرى تسريب أنباء تقول بأنّ الرّد على هذا التطوّر الخطير سيتمثّل في تفعيل العقيدة النوويّة للجيش الروسي، بدايةً بإجراء تجارب نوويّة للمرّة الأولى مُنذ عام 1990، واستخدام قنابل تكتيكيّة، وربّما تسليح جميع الدّول والحركات الشّرق أوسَطيّة المُعادية للولايات المتحدة، بأسلحةٍ دفاعيّةٍ وهُجوميّةٍ مُتطوّرة.
***
هذه التّهديدات الروسيّة ربّما أعطت أوكلها وأجهضت لقاء القمّة الذي انعقد في البيت الأبيض بين الرئيس جو بايدن وضيفه كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الذي طار إلى واشنطن بهدف بحث تزويد زيلينسكي وجيشه بالصّواريخ بعيدة المدى، وتأجيل القرار إلى أُسبوعين بالتّالي، وإعادة بحثه مرّةً أُخرى بينهما (بايدن وستارمر) أثناء لقائهما المُتوقّع على هامِش مُشاركتهما في اجتماع الجمعيّة العامّة للأُمم المتّحدة في نيويورك، وبعد توسيع دائرة التّشاور مع قادة دُول في حِلف النّاتو مِثل إيطاليا وفرنسا.
القيادة الروسيّة فُوجئت بهذا التّصعيد الأمريكي البريطاني في الحرب الأوكرانيّة الذي تمثّل أيضًا في دعم الهُجوم الاوكراني المُفاجئ على مِنطقة “كورسك” في الأراضي الروسيّة باستِخدام مِئات الطّائرات المُسيّرة، والصّواريخ، وتهديد المفاعل النووي الروسي فيها، ممّا دفع الجيش الروسي إلى شنّ هُجومٍ مُضادٍّ نجح في طردِ القوّات الأوكرانيّة من مُعظم الأراضي التي سيطرت عليها، وقصف العاصمة الأوكرانيّة كييف من الصّواريخ الباليستيّة.
ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي والرئيس الروسي السّابق الذي يُوصف بأنّه من أبرز الصّقور المُطالبة بالرّد النّووي، أصدر تصريحًا اليوم (السبت) توعّد فيه بتدمير كييف بالكامل، وقال إنّ روسيا قادرة على هذه الخطوة بأسلحةٍ غير نوويّة في حالِ قيام الجيش الأوكراني بقصفِ العُمُق الروسي بصواريخٍ أمريكيّة وبريطانيّة وفرنسيّة، بعيدة المدى، وأضاف “اقتِحام مِنطقة كورسك جعل روسيا تتمهّل في تفعيل عقيدة الرّد النّووي واللّجوء إلى استِخدام أسلحة تكنولوجيّة جديدة ومُتطوّرة يُمكن أنْ تُحوّل العاصمة الأوكرانيّة إلى كُتلةٍ مُنصهرةٍ من اللّهب، وحذارِ من نفاد الصّبر الروسي”.
***
اللوبيّات الصّهيونيّة التي يقودها ويُحرّكها بنيامين نتنياهو هي التي تلعب دورًا كبيرًا في التّصعيد الحالي للحرب الأوكرانيّة، في مُحاولةٍ لتوريطِ أمريكا وحِلف النّاتو بشَكلٍ أكبر فيها، وتوظيف هذا التّصعيد في خدمة الطّموحات الإسرائيليّة في الرّبط بين هذه الحرب في أوكرانيا ونظيرتها التي يُحاول نتنياهو توسيعها في مِنطقة الشّرق الأوسط، وتحدّث بإسهابٍ عن هذا الرّبط عندما قال في خِطابه في الكونغرس إنّ إسرائيل تُدافع عن الغرب، وهذا ما يُفسّر الحملة الشّرسة التي تشنّها هذه اللوبيّات حاليًّا على روسيا وإيران بحُجّة تزويد الأخيرة موسكو بصواريخٍ باليستيّة قصيرة المدى، سعيًا لانتقامٍ عسكريٍّ من أمريكا وحِلف النّاتو من البلدين، ولعلّ ما ذكَرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكيّة المُقرّبة من وزارة الدّفاع الأمريكيّة (البنتاغون) من أنّ أمريكا تخشى من احتمال تسليح بوتين لحركة “أنصار الله” الحوثيّة اليمنيّة كرَدٍّ على السّماح لأوكرانيا بقصفِ العُمُق الروسي بصواريخٍ أمريكيّة وبريطانيّة وفرنسيّة بعيدة المدى يَصُبّ في هذا الرّبط والتّحريض بين الحربين في أوكرانيا والشّرق الأوسط.
مِن المُؤسف، بل والمُؤلم، أنّ روسيا لا تُحاول الاقتراب مُطلقًا من هذا المِلف، أي التّحريض الصّهيوني ضدّها بتصعيد الحرب الأوكرانيّة، وتتجنّب المُواجهة مع نتنياهو بعدم تقديم الدّعم العسكري الدّفاعي المُتطوّر مِثل بطاريّات صواريخ “إس 400″ و”إس 500” الروسيّة المُضادّة للطّيران لكُل من سورية وإيران، ولكنّها ستُضْطر في نهاية الأمر، وعندما تبدأ الصّواريخ الأمريكيّة والغربيّة الأخرى بعيدة المدى في دَكّ العُمُق الروسي، وزعزعة حُكم الرئيس بوتين، وهزّ أمن واستِقرار بلاده، حينها ستُدرك القيادة الروسيّة أنّ سياستها هذه تُجاه حُلفائها في الشّرق الأوسط لم تكن صائبة، وقد تلجأ إلى تغييرها، ونأمَل أن لا يكون هذا التّأخير قد جاء بعد فوات الأوان، وخراب مالطا مثلما يقول المثل العربيّ الشّهير.

رأي اليوم

شارك المقالة