You are currently viewing “مصيدة أمريكية” جديدة قادمة اسمها “محور فيلادلفيا”.. لماذا نطالب مصر بما هو أكثر من الرفض؟ وكيف أحبط “أبو عبيدة” كل “طموحات” نتنياهو؟ ولماذا نراهن على صمود المقاومة وادارتها الذكية للحرب؟

“مصيدة أمريكية” جديدة قادمة اسمها “محور فيلادلفيا”.. لماذا نطالب مصر بما هو أكثر من الرفض؟ وكيف أحبط “أبو عبيدة” كل “طموحات” نتنياهو؟ ولماذا نراهن على صمود المقاومة وادارتها الذكية للحرب؟

عبد الباري عطوان

نستغرب هذ الإصرار على حصر القضية الفلسطينية في محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، وبما يؤدي الى تحويل الأنظار عن المجازر الإسرائيلية اليومية في الضفة والقطاع وجنوب لبنان والحديدة في اليمن، مثلما نستهجن أيضا موقف الولايات المتحدة الامريكية من خدع واكاذيب نتنياهو هذه، وتبنيها رسميا،، وجعلها المحور الرئيسي لما يسمى بمبادرتها الأخيرة لوقف الحرب في قطاع غزة، والمقرر الكشف عنها يوم الجمعة المقبل.
نتنياهو المهزوم على كل الجبهات تقريبا، بما في ذلك الداخل المحتل، يمارس الاستفزاز في أبشع صوره عندما تحدى مصر الشقيقة حكومة وشعبا بكل وقاحة، ويعلن انه لن ينسحب من هذا المحور (صلاح الدين) ومعبر رفح بالتالي لا بعد 42 يوما حسب بنود مبادرة “السلام” الامريكية، ولا حتى 42 عاما، وسيظل تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي حتى تتحقق اهداف الحرب في غزة كاملة، وخاصة تدمير حركة “حماس” والافراج عن جميع الاسرى بالقوة، ويبدو انه لم يستمع الى بيان “أبو عبيدة” الأخير الذي كشف عن عودتهم في توابيت اذا حاول جيش نتنياهو تحريرهم بالضغوط العسكرية.
القوات الإسرائيلية لن تبقى في محور فيلادلفيا، وستضطر للانسحاب مهزومة، تماما مثلما حدث عام 2005، ونتنياهو لن يكون أكثر جرأة وشجاعة، وتطرفا، من ارييل شارون الذي سحب جميع قواته من قطاع غزة، ومعه اكثر من 17 الفا من مستوطنيه في ليلة ليس فيها قمر هروبا من هجمات المقاومة التي خرج رجالها لهم من تحت الأرض، وفي قلب المستوطنات، وترك القطاع لأهله المنتصرين اعترافا بالهزيمة، وتقليصا للخسائر.
***
مصر رفضت تهديدات نتنياهو هذه، وأصرت في بيان لوزارة خارجيتها على انسحاب جميع القوات الإسرائيلية من معبر رفح ومحور صلاح الدين، وقالت انها لن تقبل وجود جندي إسرائيلي واحد على هذا المحور، وهو موقف واضح وشجاع يجسد التمسك بالسيادة المصرية، ولكنه ليس كافيا في تقديرنا، ويجب التلويح بالقوة، وحشد قوات مصرية على الجانب الآخر من الحدود مع القطاع، لأن نتنياهو وكل الإسرائيليين لا يفهمون الا لغة القوة، فالسلطات المصرية صبرت كثيرا بمشاركتها في هذه المفاوضات العبثية، وعدم تحركها فعليا لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وتدميره بالكامل، وتشريد مليونين من أبنائه، في ممارسات إجرامية ليس لها مثيل في التاريخ، فمن يرسل الجنود والأسلحة الى الصومال في توجيه رسالة قوية لأثيوبيا ومؤامراتها ضد الامن المائي المصري، يجب ان لا يتردد في إرسال قوات مماثلة لمن يحتل الجوار المصري ويهدد أمنها القومي.
من المؤسف ان الولايات المتحدة التي أقامت جسرا جويا لتزويد نتنياهو وحكومته النازية بمعدات عسكرية وطائرات شبح، وقذائف عملاقة وصواريخ ومسيّرات بقيمة تصل الى 20 مليار دولار طوال الشهور العشرة الماضية تتبنى الادعاءات الإسرائيلية بتزويد حركة “حماس” بأسلحة عبر انفاق هذا المحور، وتريد تكريس الاحتلال الإسرائيلي للمحور المذكور في مبادرتها المنتظرة من خلال نشر قوات دولية تحل محل القوات الإسرائيلية التي من المفترض ان تبدأ انسحابها في المرحلة الثانية من هذه المبادرة، والأخطر من ذلك مهزلة فرضها عقوبات على المجاهد يحيى السنوار زعيم حركة “حماس”، وجلبه الى المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
نتنياهو الذي ذبح اكثر من 40 الف من أبناء القطاع معظمهم من الأطفال، وأصاب اكثر من مئة الف منهم لا يجدون المستشفيات ولا الدواء، يعتبر ملاكا في أعين الإدارة الامريكية “الحضارية” التي تدعي انها زعيمة العالم الحر، وترفع راية الدفاع عن قيم وحقوق الانسان، وترسل حاملات الطائرات والغواصات النووية لحمايته، بينما تصمت على قتل وتجويع وتشريد اكثر من مليونين من أبناء القطاع، وتتستر على حرب إبادة جديدة في الضفة الغربية.
شككنا من اليوم الأول بالمفاوضات التي ترعاها أمريكا في القاهرة والدوحة منذ عشرة أشهر، وقلنا بأنها “مصيدة” الهدف منها إطالة أمد حرب الإبادة، وتوفير الغطاء لها، وكسب الوقت على امل نجاح مخطط نتنياهو في القضاء نهائيا على المقاومة وإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره، وإنهاء حكم حركة “حماس” في القطاع، ونشكك اليوم أكثر بما يسمى بالمبادرة الامريكية الأخيرة، التي تحاول تحسين الوجه الدموي البشع لجولات المفاوضات السابقة، ونطالب مصر على وجه التحديد بعدم استضافتها او المشاركة فيها، والقبول بأي جندي إسرائيلي او دولي على أرض القطاع، ودعم موقف حركة “حماس” في التمسك بجميع شروطها في الانسحاب الكامل، والوقف الدائم لإطلاق النار وعدم السماح بوجود أي جندي إسرائيلي سواء في محور فيلادلفيا او ممر نتساريم، والبدء فورا في عملية إعادة الاعمار للقطاع.
***
قيادة المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع أثبتت بصمودها ورفضها لكل الضغوط الإسرائيلية (المجازر)، والأمريكية (التواطؤ)، والعربية (الرهان على حرب قصيرة وفوز مؤكد لنتنياهو)، انها على درجة عالية من الدهاء، وتتمتع برؤية ثاقبة، ونفّس طويل، وإدارة إعجازية للحرب، وإتباع استراتيجية لإفشال كل الرهانات الإسرائيلية على نفاذ مخزونها من الأسلحة والصواريخ، والحاق خسائر بشرية ضخمة بجنود الاحتلال، وتوسيع دائرة الحرب في شمال الضفة وجنوبها، والعودة بقوة الى العمليات الاستشهادية ثأرا للمدنيين الفلسطينيين.
هذه المقاومة التي صمدت 10 أشهر في وجه واحد من اقوى أربعة جيوش في العالم ومدعوما من كل الغرب العنصري اللاأخلاقي لن تُهزم، وسيكون النصر حليفها بإذن الله، لأنها تسعى لتحقيق هدف التحرير الشرعي المقدس، وإنهاء الاحتلال الوحيد المتبقي في العالم بدعم من اشقائها في اليمن وسورية ولبنان والعراق.. والأيام بيننا.

رأي اليوم

شارك المقالة