You are currently viewing اليأس يختلط بالأمل: صِدام الخريجين والأمن

اليأس يختلط بالأمل: صِدام الخريجين والأمن

تتلاحق الأزمات في العراق، مثل العواصف في دوامة من المتلازمات المتكررة التي تقترب من لحظة انفجار قد تقضي على ما تبقى من نُتف الديمقراطية التي كلفت العراقيين دماءً غاليةً، وأموالاً طائلةً، وأزمنةً لا تعوض.

آخر فصول المأساة المتجددة كان مع احتجاجات الخريجين من المجموعات الطبية، الذين وجدوا أنفسهم فجأةً على قارعة الطريق، بعدما كانت الحكومة قد بشرتهم بتوظيف ينتشلهم من براثن البطالة.
لكن الحلم سرعان ما تلاشى كسرابٍ في صحراء الواقع المرير، ليجد هؤلاء الخريجون أنفسهم في مواجهة شرسة مع قوى الأمن، بسبب ضباط ميدانيين يفتقرون إلى الوعي في كيفية التعامل مع الاحتجاجات السلمية، والتي أظهرت عدسات الكاميرات صداماتها الدامية مع الخريجين المحتجين، في مشهدٌ يعيد إلى الأذهان صورًا من عصورٍ بائدةٍ، حيث يتعامل رجال الأمن مع الأوامر كجنودٍ في جيشٍ بلا قائد، ينفذونها بعينٍ عمياء وعنفٍ همجي، لا يليق بكرامة الوطن ولا ينسجم مع معايير حقوق الإنسان.

على الجانب الآخر، يقف الخريجون حاملين مطالبهم التي يعتبرونها حقًا طبيعيًا، متأثرين بمفهومٍ خاطئٍ يعتبر أن الدولة مُلزمة بتوفير الوظائف لهم، في حين أن أي حكومة في العالم ليست ملزمة بتعيين كل الخريجين، بل تعمل وفق احتياجاتها الفعلية ومتطلبات سوق العمل.
المشكلة في التخطيط بين عدد الخريجين وبين الاحتياجات الفعلية لهم، وهي مشكلة مركبة تتداخل فيها عوامل عديدة من سوء التخطيط، وغياب الرؤية، وافتقار السياسات الاقتصادية إلى العمق والواقعية.

إن الحل الأمثل لهذه الأزمة المعقدة لا يكمن في ادمان الإضرابات والمظاهرات المستمرة التي تتوالى من مختلف القطاعات بهدف إجبار الدولة على توفير الوظائف، فهذا ليس بحل، كما أن الحلول الترقيعية والمقاربات قصيرة الأمد غير مجدية، وأصبح من الضروري بناء استراتيجية شاملة ترتكز على إعادة هيكلة الاقتصاد، وتوفير فرص حقيقية للتنمية المستدامة، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على القطاع الحكومي واستنزاف موارده المحدودة.

المسلة

شارك المقالة