You are currently viewing هذه هي الأسباب الستة التي فجرّت الانقسامات والمظاهرات العارمة في دولة الاحتلال.. لماذا نحمد الله لان الجيوش العربية لم تتدخل؟ وهل سنشهد انقلابا قريبا لقوات أمن السلطة على رئيسها عباس؟ وماذا تعني استقالة زعيم جواسيسي الوحدة 8200 بالنسبة لحزب الله والمنطقة عموما؟

هذه هي الأسباب الستة التي فجرّت الانقسامات والمظاهرات العارمة في دولة الاحتلال.. لماذا نحمد الله لان الجيوش العربية لم تتدخل؟ وهل سنشهد انقلابا قريبا لقوات أمن السلطة على رئيسها عباس؟ وماذا تعني استقالة زعيم جواسيسي الوحدة 8200 بالنسبة لحزب الله والمنطقة عموما؟

عبد الباري عطوان

كل ما تشهده “إسرائيل” هذه الأيام من اضطرابات وانقسامات شعبية داخلية يجسد هزيمتها في الميدانين العسكري والسياسي معا، والفضل في ذلك يعود الى المقاومة المتصاعدة والمتوسعة على كل الجبهات، سواء في الداخل الفلسطيني المحتل، او في ساحات الاسناد العربية في جنوب لبنان واليمن والعراق، وهذه هي المرة الأولى تقريبا التي ينتصر فيها الدهاء العربي الإسلامي على المكر والغطرسة الإسرائيلية على الصعد كافة منذ 76 عاما.

***
نشرح اكثر ونلخص العوامل والأسباب التي دفعت بنا للوصول الى هذه الحصيلة الجازمة:
تمسك المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بشروطها كاملة في مفاوضات وقف اطلاق النار في القاهرة والدوحة التي ترعاها الولايات المتحدة المتواطئة كليا مع دولة الاحتلال، وأبرزها الانسحاب الكامل من كل القطاع دون استثناء، وخاصة صلاح الدين (فيلادلفيا) ونتساريم، والافراج عن نخبة من القيادات الفلسطينية في سجون الاحتلال وإعادة فورية للإعمار.
ثانيا: حرب الاستنزاف التي شنتها المقاومة الإسلامية المتمثلة في “حزب الله” في جنوب لبنان، وهجوم “الأربعين” الأخير في العمق الإسرائيلي الذي دمر أكبر مقر للتجسس في الشرق الأوسط، وربما العالم (غليلوت) في قلب تل ابيب، من خلال استراتيجية عسكرية متقدمة تمثلت في البدء بقصفها بأكثر من 320 صاروخا لاستنزاف القبب الحديدية وتفريغها من الصواريخ لتمهيد الأجواء للمسيّرات الإنغماسية الملغمة لتأمين وصولها الى هدفها المحدد بنجاح كبير، ولعل اعلان العميد يوسي شاريئيل قائد فرقة تجسس ورصد الوحدة 8200 استقالته، هو الدليل الأكبر والاوثق على نجاح هذا الهجوم رغم التعتيم العسكري المقصود.
ثالثا: بدء المرحلة الثانية من الانتفاضة المسلحة في الضفة، وتصاعد العمليات العسكرية في الشمال (نابلس وجنين وطولكرم) وفي الجنوب (الخليل)، الأمر الذي دفع الاسرائيليين الى سحب الكثير من قواتهم من قطاع غزة للتركيز على الضفة، الجبهة الأكبر والأكثر خطورة وجوديا على دولة الاحتلال والمشروع الصهيوني.
رابعا: عودة كتائب مقاومة جديدة وأخرى قديمة، تابعة لحركة “فتح” الى ميدان الكفاح المسلح في تمرد واضح وقوي على السلطة وقيادتها، ونحن نتحدث هنا عن كتائب شهداء الأقصى القديمة المتجددة، وتوأمها الاحدث، أي كتائب الشهيد أبو علي اياد، وهذا التطور لا يعني تقويض السلطة وقيادتها داخليا فقط، وانما يمهد أيضا لانضمام معظم قوات الامن الفلسطينية الى المقاومة تماما مثلما حصل في الانتفاضة المسلحة الأولى عام 2000.
خامسا: استئناف العمليات الاستشهادية بقرار موحد لجميع كتائب المقاومة للرد على حرب الإبادة الإسرائيلية وقتل الأطفال المدنيين في قطاع غزة، وكانت عملية (ترقوميا) في الخليل التي أدت الى مقتل 3 من حراس الامن الإسرائيليين اول تدشين وتنفيذ عملي لهذا القرار، ومن المؤكد ان هناك العديد من العمليات الأخرى في الطريق.
سادسا: دهاء كتائب القسام وقيادتها في وضع ستة من الاسرى الإسرائيليين في مرمى نيران جيشهم مما أدى الى مقتلهم جميعا، ثلاثة منهم كانوا من المقرر الافراج عنهم في صفقة تبادل وافقت عليها حركة “حماس” ورفضتها حكومة نتنياهو، هذا الدهاء يكشف عن العقلية الجبارة لقيادة القسام التي أدت الى فضح نتنياهو واحداث الانقسام والخلافات في أوساط حكومته، ونزول مئات الآلاف من الإسرائيليين الى الشوارع للمطالبة بقبول صفقة التبادل وشروطها، والانسحاب من ممري فيلادلفيا ونتساريم فورا لتقليص الخسائر في صفوف الاسرى، ووقف الانهيار الصهيوني الشامل، او تخفيف سرعته على الأقل.
***
نحمد الله ان الجيوش العربية، وبسبب تواطؤ زعامات دولها لم تتدخل في هذه الحرب، لان هزيمتها ستكون مضمونة، لان هذه الجيوش لم تتأسس لتحرير فلسطين وانما للاستعراض التمثيلي، ولحماية أنظمتها من شعوبها في افضل الأحوال، والاهم من ذلك ان أي تدخل لها سيدفع بحلف الناتو بزعامة أمريكا للتدخل بالجيوش والطائرات والأساطيل والغواصات وكل المعدات والأسلحة الأخرى بذريعة حماية دولة الاحتلال من الزوال.
المقاومة هي التي هزمت أمريكا والاتحاد السوفييتي وقبلهما جيوش الإمبراطورية البريطانية في أفغانستان، والشيء نفسه ينطبق أيضا على الهزائم الامريكية في العراق وفيتنام.
المقاومة ستستمر وتتوسع حتما، ولن تتراجع مطلقا، واذا كان هناك تراجع مؤكد فهو لدولة الاحتلال وقدراتها الدفاعية التي تقاتل حاليا على ثلاث جبهات (غزة، الضفة، جنوب لبنان)، والرابعة (اليمن)، والخامسة (العراق) في الطريق.
حذرنا دائما من الخداع الأمريكي طوال العشرة أشهر الماضية ومنذ بدء المفاوضات في الدوحة والقاهرة، ونحذر اليوم مرة أخرى وأخيرة من اعلان إدارة بايدن التقدم بصفقة جديدة للتبادل ستُقدم على مائدة جديدة للمفاوضات، تحت عنوان انها الأخيرة وعلى الأطراف قبولها أو رفضها.
الأمر المؤكد ان قيادة المقاومة التي تقود المعارك الميدانية بقدرة اعجازية غير مسبوقة، وتمسكت بكل شروطها بشجاعة غير مسبوقة، ستكون على درجة عالية من الوعي بالنوايا الامريكية الاستعمارية من وراء هذه المصيدة الجديدة.. ولكننا نحذر من اجل اطمئنان قلوبنا فقط.

رأي اليوم

شارك المقالة