شهدت العاصمة النمساوية فيينا حدثًا غير مسبوق، حيث استضافت المؤتمر اليهودي الأول المناهض للصهيونية، بمشاركة مئات النشطاء والمفكرين اليهود والمتضامنين من مختلف أنحاء العالم. وجاء المؤتمر تحت شعار يرفض الصهيونية كأيديولوجيا سياسية، ويدعو إلى إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والحقوق.
امتدت أعمال المؤتمر على مدار ثلاثة أيام، واختُتمت اليوم السبت، وقد شكّل المؤتمر منصة لتأكيد مواقف رافضة لسياسات “إسرائيل” تجاه الفلسطينيين. وأجمع المشاركون على أن “إسرائيل لا تمثل جميع اليهود”، مشددين على أن انتقاد سياساتها لا يُعد شكلاً من معاداة السامية، بل هو موقف مبدئي ضد الاحتلال والتمييز والتطهير العرقي.
في تصريح لـ “قدس برس”، أوضح المؤرخ الإسرائيلي البارز إيلان بابيه أن المؤتمر ضم يهودًا من مختلف دول العالم “يؤمنون بأن المشكلة تكمن في الأيديولوجيا الصهيونية التي تقوم عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأنهم يدعمون إقامة دولة فلسطينية تضم جميع السكان، يهودًا ومسلمين ومسيحيين، ويرفضون أن تنطق إسرائيل باسمهم كيهود”.
وأشار بابيه إلى أن رسالة المؤتمر موجهة بالدرجة الأولى إلى الغرب، ومفادها أن “انتقاد سياسات إسرائيل لا يمكن اعتباره معاداة للسامية، خاصة في ظل وجود عدد كبير من اليهود الرافضين لسياسات القمع والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة”.
من جهتها، وصفت الناشطة الأمريكية اليهودية كايتي هالبر، في حديث مع “قدس برس”، انعقاد المؤتمر بأنه “لحظة تاريخية”، مؤكدة أن “اليهود المعارضين للصهيونية يرفعون صوتهم ضد الاحتلال والجرائم الإسرائيلية، انطلاقًا من إيمانهم بقيم العدل وحقوق الإنسان”.
وأضافت: “نحن كيهود نتحمّل مسؤولية إظهار الحقيقة للعالم، بأن الكيان الإسرائيلي لا يمثلنا ولا يتحدث باسمنا، وأننا نرفض الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني”.
وأشارت هالبر إلى “المفارقة” التي تكمن في أن “الكيان الإسرائيلي ومناصريه يزعمون أنهم يتحدثون باسم اليهود، بينما الحقيقة هي العكس تمامًا. فهم يتهموننا بأننا نكره أنفسنا أو أننا معادون للسامية، لكنهم في الواقع يكرّسون معاداة السامية من خلال الادعاء بأن جميع اليهود يؤيدون كيانًا قائمًا على الاحتلال”.
وشددت على أن “ما تفعله الحكومة الإسرائيلية من جرائم باسمنا كيهود لا يؤدي إلا إلى تغذية الكراهية والعنف”.
واختتمت حديثها بالقول: “القضية ليست عنّا كيهود، بل عن موقفنا الأخلاقي في دعم الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم. وكلما ارتفعت أصوات اليهود الرافضين لما يجري، بات من الصعب على حكومة الاحتلال أن تزعم تمثيلها لنا جميعًا”.
ويمثّل هذا المؤتمر محطة فارقة، تجمع يهودًا من خلفيات وجنسيات متعددة، لتأكيد رفضهم للصهيونية ودعمهم لحل يقوم على قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على أراضيها. كما يجدد المؤتمر التأكيد على أن النقد لا يُوجَّه إلى اليهودية كدين، بل إلى الاحتلال وممارسات الإبادة التي تُرتكب باسمها.
المصدر: قدس برس