أغلقت “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة من الولايات المتّحدة مراكزها في القطاع الأربعاء عقب استشهاد عشرات الأشخاص على هامش عملياتها لتوزيع المساعدات خلال الأيام الأخيرة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي الطرق المؤدية إلى هذه المراكز “مناطق قتال”.
وأعلن الدفاع المدني في غزة أن ما لا يقل عن 48 شخصا استشهدوا في ضربات إسرائيلية في أنحاء مختلفة من القطاع الأربعاء، بينهم 14 في جوار مدرسة لإيواء النازحين في خان يونس.
وفي الأثناء، فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة وإتاحة دخول المساعدات الانسانية بدون قيود إلى القطاع المحاصر، وذلك بعدما استخدمت الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، حقّ النقض (الفيتو) ضدّه، معلّلة خطوتها بأنّ النصّ يُقوّض الجهود الدبلوماسية الرامية لحلّ النزاع.
وقبل الاستخدام الأول للفيتو من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، قالت المندوبة الأميركية دوروثي شيا إنّ “من شأن هذا القرار أن يُقوّض الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصّل إلى وقف إطلاق نار يعكس الواقع على الأرض ويُشجّع حماس. كذلك فإنّ هذا القرار يرسي مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس”.
وبدأت “مؤسسة غزة الانسانية” عملياتها قبل أكثر من أسبوع بقليل، بعدما رفعت إسرائيل جزئيا الحصار المطبق الذي حرم السكان من مساعدات حيوية. إلا ان توزيع المساعدات شهد فوضى عارمة مع تقارير عن سقوط ضحايا بنيران إسرائيلية قرب المراكز.
وفي منشور على حسابها على فيسبوك، قالت المؤسسة، “في الرابع من حزيران/يونيو، ستُغلق مراكز التوزيع لأعمال الترميم وإعادة التنظيم وتحسين الكفاءة”، مشيرة الى أنها ستستأنف عملياتها الخميس.
وأكد الجيش الإسرائيلي الإقفال الموقت، محذرا من التنقّل على “الطرق المؤدية إلى مراكز التوزيع التي تعتبر مناطق قتال”.
– التحقيق “جارٍ” –
وكان الدفاع المدني أعلن الثلاثاء مقتل 27 شخصا “عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار من دبابات وطائرات مسيرة على آلاف المواطنين الذين تجمعوا قرب دوار العلم… وكانوا في طريقهم إلى مركز المساعدات الأميركي في رفح (جنوب) للحصول على مساعدات غذائية”.
وقال الجيش الإسرائيلي مساء الثلاثاء إن قواته “أطلقت عيارات نارية تحذيرية على بعد حوالى نصف كيلومتر من منطقة توزيع المساعدات، باتجاه مشتبه بهم كانوا يقتربون بشكل عرّض سلامة الجنود للخطر”، مشيرا الى أن التحقيق “جار في الحادثة، وسنكشف الحقيقة”.
وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”إطلاق النار”، معتبرا أنه “من غير المقبول أن يخسر مدنيون حياتهم لمجرد أنهم يسعون الى الحصول على غذاء”، مكررا الدعوة الى إجراء تحقيق مستقل في ما جرى.
كذلك، دعت لندن الأربعاء إلى إجراء “تحقيق فوري ومستقل”.
واعتبر منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر أن “المشاهد المروّعة” لمقتل فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على مساعدات سببها “خيارات متعمدة” لحرمانهم وسائل البقاء على قيد الحياة.
وقال في بيان “يشاهد العالم، يوما تلو الآخر، المشاهد المروّعة لفلسطينيين يتعرضون لإطلاق النار أو الاصابة أو القتل في غزة، وهم يحاولون ببساطة الحصول على الطعام”.
من جانبه، أعلن البيت الأبيض أنه “ينظر في مدى صحة” معلومات تحدثت عن إطلاق نيران وسقوط قتلى قرب مركز لتوزيع المساعدات في جنوب القطاع. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت “نحن لا نثق تماما بما تقوله حماس”.
وكان الدفاع المدني في القطاع أعلن الأحد مقتل 31 شخصا وإصابة أكثر من 176 آخرين بنيران إسرائيلية خلال توزيع مساعدات غذائية في رفح أيضا. ونفى الجيش الإسرائيلي أن يكون أطلق النار على مدنيين، متحدثا عن تقارير “كاذبة”، بينما قالت “مؤسسة غزة الإنسانية” إن عملية التوزيع لم يتخلّلها أي حادث.
وترفض الأمم المتحدة والكثير من المنظمات غير الحكومية العمل مع “مؤسسة غزة الإنسانية” بسب مخاوف بشأن طريقة عملها وحيادها.
“إطلاق نار على الحشود” –
وسعيا لإيصال مساعدات إلى غزة، أبحرت سفينة تابعة لـ”تحالف أسطول الحرية” الأحد من صقلية متجهة إلى القطاع وعلى متنها 12 شخصا، بينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا تونبرغ والنائب الفرنسية اليسارية ريما حسن.
وعقب إبحار هذه السفينة، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين إن قواته “جاهزة للدفاع عن مواطني دولة إسرائيل على كل الجبهات، في الشمال، في الجنوب، في الوسط وأيضا في النطاق البحري”.
وأعرب “تحالف أسطول الحرية” في بيان الأربعاء عن “إدانته الشديدة لنية إسرائيل مهاجمة” السفينة، واصفا التصريحات الإسرائيلية بـ”التهديد”. وقال إنّ السفينة “تنقل مساعدات إنسانية ومدافعين دوليين عن حقوق الإنسان، الأمر الذي يشكّل تحديا مباشرا للحصار الإسرائيلي غير القانوني المستمر منذ عقود، وللإبادة الجاعية المستمرة”.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق نفذته حماس في إسرائيل وأسفر عن مقتل 1218 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.
ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال هجوم حماس، لا يزال 57 محتجزين في غزة، أكد الجيش وفاة 34 منهم على الأقل.
وفي 18 آذار/مارس الماضي، انهارت هدنة هشة استمرت شهرين بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية. وكثّفت إسرائيل عملياتها في غزة في 17 أيار/مايو، مؤكدة تصميمها على تحرير ما تبقى من رهائن إسرائيليين محتجزين في القطاع، والسيطرة على كامل القطاع والقضاء على حركة حماس
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بلغت الحصيلة الإجمالية الشهداء الفلسطينيين 54607، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مقتل جندي خلال اشتباك شمال القطاع.
المصدر: رأي اليوم