انشغل الإعلام العبريّ، اليوم الأحد، بإبراز اللقاء الصحافيّ، الذي وصفه بالمُهّم، والذي أجرته الصحيفة اليهوديّة-الصهيونيّة-الأمريكيّة (جويش كرونياكال)، مع الرئيس السوريّ، أبو محمد الجولاني، وشدّدّ موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ على أنّ اللقاء الحصريّ جرى في القصر الرئاسيّ السوريّ في دمشق، والذي بات يُسّمى بيت الشعب.
وفي أولّ تصريحٍ لافتٍ منذ توليه منصب رئاسة الجمهوريّة في سوريّة، أجرى الرئيس الجديد، الجولاني، مقابلة مع الصحيفة اليهودية ذات التوجه الصهيونيّ، دعا خلالها إلى إنهاء ما وصفه بـ “عصر القصف اللامتناهي”، وعبّر عن انفتاحه نحو إقامة شراكة أمنية مستقبلية مع إسرائيل، في ظلّ وجود أعداء مشتركين، على حدّ وصفه.
وفي سياق حديثه عن العلاقة مع إسرائيل، قال الشرعالذي شدّدّت الصحيفة على أنّه الرئيس المُنتخَب: “سأكون واضحًا: عصر الغارات اللامتناهية يجب أنْ ينتهي. لا تزدهر أيّ دولةٍ وسماءها مليئة بالخوف. لدينا أعداء مشتركين، ويمكن أنْ نصل إلى شراكةٍ أمنيّةٍ مع إسرائيل في المستقبل”، طبقًا لأقواله.
ووفق ما نقلته الصحيفة اليهودية، أعرب الجولاني عن رغبته في العودة إلى اتفاق فصل القوات بين سوريّة وإسرائيل، الموقع عقب حرب أكتوبر 1973، موضحًا أنّ هذه العودة تهدف إلى حماية أبناء الطائفة الدرزية في الجولان وسوريّة. وقال: “الدروز في سوريّة مواطنون أصيلون ومخلصون، ويستحقون الحماية. أمنهم ليس موضوعًا للتفاوض”.
وأضاف الجولاني: “السلام لا يُبنى على الخوف، بل على الاحترام المتبادل. سنتعاون حيث توجد نية صادقة وطريق واضح للتعايش، وسنتجنب أيّ مساراتٍ أخرى”.
وفيما يخص العلاقة مع الولايات المتحدة، أشار إلى لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً: “أراه رجل سلام. كلانا تعرّض لهجومٍ من العدو ذاته، وسوريّة بحاجةٍ إلى وسيطٍ مباشرٍ يعيد ضبط مسار الحوار. ترامب هو الشخص الوحيد القادر على تصحيح المسار في المنطقة والتقريب بين الأطراف”، على حدّ تعبيره.
وعن الحكومة السورية الجديدة، قال الجولاني: “نحن لا نبدأ من الصفر، بل من أعماق المأساة. ورثنا الخراب، وورثنا صدمات، وانعدام ثقة، وإرهاقًا عامًا، لكننا ورثنا أيضًا الأمل. هذا الأمل هش، لكنّه حقيقي”.
وشدد على أنّ حكومته جاءت بعد انهيار نظام الرئيس السابق، د. بّشار الأسد، الذي ارتبط اسمه بحربٍ أهليةٍ دامت سنواتٍ طويلةٍ، مضيفًا: “الماضي حاضر في كلّ إنسانٍ، في كلّ شارعٍ، في كلّ أسرةٍ. لكن واجبنا اليوم ألّا نعود إليه، ولا حتى بنسخةٍ مخففةٍ. علينا أنْ نبني شيئًا جديدًا بالكامل”، على حدّ تعبيره.
وكانت مصادر دبلوماسيّةٌ رفيعةُ المستوى في الخليج أكّدت الأسبوع الماضي لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّه حتى الآن تمّ عقد اجتماعيْن على الأقل بين مسؤولين رسميين سوريين وإسرائيليين وذلك بموافقة الرئيس السوريّ، أبو محمد الجولاني.
وقالت المستشرقة سمدار بيري، محللة الشؤون العربيّة في الصحيفة الإسرائيليّة، إنّ دولة الاحتلال لا تنفي ولا تؤكِّد صحّة هذه الأنباء بشكلٍ رسميٍّ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ دبلوماسيًا إسرائيليًا رفيعًا أكّد لفضائية (العربيّة) السعوديّة أنّ لقاءات مهمة تُعقَد بين الجانبيْن وتُدرَسْ وتُناقَشْ فيها مواضيع حيويّة وهامّة، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الصحيفة العبريّة النقاب عن أنّ ثلاثة رجال أعمال إسرائيليين، يملكون المصانع في الكيان، باشروا بجسّ النبض لدى القيادة السوريّة الحاليّة لفحص إمكانية إدخال منتجاتهم إلى بلاد الشام، وبذلك يصنعون التاريخ، كما قالت الصحيفة، التي استدركت بالقول إنّ دولة الاحتلال ما زالت غيرُ مقتنعةٍ بأنّ الجولاني سيصمد في سُدّة الحكم بسبب وجود أعداءٍ كثيرين له، والذين قد يُقدِمون على تصفيته جسديًا، طبقًا لأقوالها.
المستشرقة الإسرائيليّة تناولت أيضًا طرد السلطات السوريّة لقادة فصائل فلسطينيّة من سوريّة، ومنهم من الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين-القيادة العامّة، وجبهة النضال الفلسطينيّ وقادة من حركة فتح الانتفاضة، كما أنّ السلطات في دمشق صادرت أسلحتهم، وقامت بإغلاق مراكز تدريباتهم على الأراضي السوريّة.
وفي الختام، نقلت الصحيفة العبريّة عن مصادرها في تل أبيب قولها إنّ طرد القادة الفلسطينيين من سوريّة هو جزءٌ من التعهدات التي منحها الرئيس السوريّ الجولاني خلال اجتماعه الأخير في السعوديّة مع الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بحضور وليّ العهد، محمد بن سلمان.
جديرٌ بالذكر أنّ الصحيفة المذكورة هي صحيفة يهودية أمريكية تصدر من لوس أنجلوس، وتُعد من أبرز المنصات الإعلامية الموجهة للجمهور اليهودي في الولايات المتحدة، خصوصًا في الساحل الغربي.
وتنتهج الصحيفة في تغطياتها ومقالاتها توجهًا داعمًا للاحتلال والحركة الصهيونية بشكل واضح، وتتبنى سرديات تتماشى مع الخطاب الإسرائيلي الرسمي، خاصة فيما يتعلق بحق “الدفاع عن النفس”، ووصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وتبرير السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
المصدر: رأي اليوم