You are currently viewing التحكم في السعرات الحرارية.. كيف يستخدم الاحتلال سلاح التجويع في غزة؟

التحكم في السعرات الحرارية.. كيف يستخدم الاحتلال سلاح التجويع في غزة؟

لم يكن سلاح التجويع الذي تستخدمه دولة الاحتلال حاليا في حربها الجارية على قطاع غزة أمرا جديدا، إذ تعود بدايات استخدام هذا السلاح إلى العام 2007، حينما جرى الكشف لأول مرة عن قيام لجنة وزارية من الجيش ووزارة الصحة الإسرائيلية، باحتساب عدد السعرات الحرارية الواجب إدخالها للقطاع لإبقاء السكان أحياء دون وصولهم لمرحلة الموت جوعا.

الخطوط الحمراء

في 17 من تشرين الثاني/ أكتوبر 2012، كشف النقاب من قبل منظمة “غيشاه- مسلك” ( منظمة حقوقية يسارية إسرائيلية تعني بحقوق الفلسطينيين) عن وثيقة سرية أعدها منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان “الخطوط الحمراء” والتي كانت تشمل تفاصيل حصار غزة وتجويع السكان.

تضمنت الوثيقة التي جاءت بتكليف من رئيس حكومة الاحتلال آنذاك إيهود أولمرت، محددات صارمة لمكتب المنسق بتحديد كمية الطعام الواجب إدخالها للقطاع، بحيث لا يتجاوز عدد السعرات الحرارية المخصصة لكل مواطن من غزة بـ2279 سعرة حرارية فقط.

وللمفارقة، فقد تم احتساب السعرات الحرارية وفقا لفحص شامل تم إجراؤه على سكان القطاع، شمل أعمارهم، وجنسهم، ونوع الغذاء الأساسي الواجب تناوله وإدخاله من المعابر الإسرائيلية، خلال الفترة الممتدة من العام 2007 وحتى العام 2010.

كيف يتم احتساب السعرات الحرارية؟

كشفت الوثيقة الإسرائيلية أن الفرد في القطاع بإمكانه الحصول على (2279) سعرة حرارية يوميا من خلال إدخال كميات من المواد الغذائية تعادل 1836 غرام، أو عبر احتساب وزن الشاحنات التي من المفترض إدخالها للقطاع بحيث لا تتجاوز (2575) طن غذاء يوميا.

وفي إطار هذه الخطة، حددت الوثيقة عدد الشاحنات الواجب إدخالها يوميا للقطاع بحيث لا تتجاوز 170 شاحنة يوميا على مدار خمسة أيام في الأسبوع، ومع ذلك لم يلتزم جيش الاحتلال بهذا المحدد بل خفض من عدد الشاحنات لأقل من 68 شاحنة غذاء يوميا.

كان مبرر الجيش لهذا التخفيض آنذاك، بأنه أخذ بالحسبان كميات الطعام التي يتم انتاجها محليا في غزة من خلال الزراعة، بالإضافة للأخذ بعين الاعتبار استثناء الأطفال المواليد الذين لم يتجاوزا العامين من حصة الطعام، وذلك نظرا لاعتمادهم على الرضاعة الطبيعية من الأم.

كما أخذت الوثيقة بعين الاعتبار نوع الطعام الواجب إدخاله للقطاع، فوضعت أوزانا تقديرية للمواد الواجب إدخالها ضمن رزمة الطعام الواجب إدخالها من المعابر، فعلى سبيل المثال أعطت الوثيقة وزنا أكبر للسكر والمحليات الصناعية، مقابل وزن أقل للخضروات والفواكه والحليب واللحوم والدواجن.

إبقاء رأس غزة فوق الماء

أخذت السياسات الإسرائيلية مسميات مختلفة، ولكنها حملت ذات الأهداف والمحددات، فبعد الخطوط الحمراء، انتهجت دولة الاحتلال سياسة أسمتها “إبقاء رأس غزة فوق الماء”، التي كان عرابها وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”.

جرى العمل على هذه السياسية بعد العام 2014، حيث تضمنت قيودا مشددة لإحكام الحصار على غزة، من خلال فرض قيود على فتح الحسابات البنكية، واستلام الحوالات المالية من الخارج، بالإضافة لقيود السفر على المواطنين، وتشجيع الهجرة الجماعية لمن يرغب في مغادرة القطاع دون عودة.

السياسة المتبعة في الحرب الحالية

انتهجت دولة الاحتلال خلال حربها الجارية على غزة 2023-2025، نمطا أكثر تشددا في استخدام سلاح التجويع، حيث عمل الاحتلال على فرض إغلاق شامل لمعابره، وعزل القطاع كليا عن العالم الخارجي.

بموجب هذا الإجراء، منع الاحتلال من دخول الإمدادات الإنسانية والغذائية للقطاع، وهو ما أدخله في أخطر أزمة مجاعة يشهدها القرن الحالي، حيث تسبب الجوع في مقتل العشرات، في الوقت يواجه أكثر من مليوني إنسان درجات متفاوتة من انعدام الأمن الغذائي بسبب الجفاف وسوء التغذية.

كما عمل الاحتلال على استهداف “تكايا الطعام” واغتيال العاملين فيها، وملاحقة مصادر التمويل الخاصة بمبادرات توزيع الطعام.

في الوقت ذاته قلص الاحتلال من قدرة أهالي غزة على الصمود، عبر تقليص مساحة الأراضي واقتطاعها في إطار إنشاء ما يعرف بالمنطقة الأمنية العازلة، وتركزت هذه التقليصات على طول الشريط الشرقي للقطاع، ومحاوره الخمسة التي أنشاها وهي فيلادلفيا، موراغ، كيسوفيم، نتساريم، مفلاسيم.

وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 175 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

 

المصدر: قدس برس

التحكم في السعرات الحرارية.. كيف يستخدم الاحتلال سلاح التجويع في غزة؟ – وكالة قدس برس للأنباء

شارك المقالة