يبدو أن العلاقات بين دولة قطر وإسرائيل لا تمر بأفضل أحوالها، وباتت الفترة الأخيرة تشهد الكثير من المناكفات وتبادل الإتهامات حتى وصل لحد التهديد بقطع العلاقات “السرية والعلنية” نظرًا لوصول تلك العلاقات لمراحل خطيرة وغير مسبوقة.
قطر التي سحبت في السابق يدها من الوساطة بملف مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة، بعد وصول المباحثات بين إسرائيل وحركة “حماس” لطريق مسدود، وتعمد “تل أبيب” إفشال المفاوضات ووضع العراقيل أمام أي توافق وذلك بأمر مباشر من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تهدد من جديد بترك هذا الملف.
وعلى ضوء الاتهامات الأخيرة التي وجهت لقطر من مكتب نتنياهو مباشرة والتي طالبها بأن “تكون مُحايدة” في ملف غزة، ورد الدوحة الصارم على تلك الاتهامات، باتت الأولى تُفكر فعليًا بترك ملف غزة بشكل نهائي، وإحالة الجهد بأكمله للوسيط المصري الوحيد بهذا الملف الشائك والمعقد.
وبحسب رؤية محليين ومراقبين، فإن قطر لن تستمر طويلا بهذا الملف وقد جنت الكثير من الإتهامات والتصعيد الإعلامي والسياسي من الجانب الإسرائيلي، الذي طالما اتهمته علانية بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وخرق الاتفاق الأخير الذي جرى التوصل له قبل أشهر.
وتوقع المراقبون أن تعلن قطر وخلال الساعات القليلة المقبلة سحب وساطتها من ملف غزة، وذلك قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، في خطوة ينظر لها على إنها إحراج لإسرائيل ومحاولة للضغط على الإدارة الأمريكية لإعادة أوراقها مع “تل أبيب” والضغط على نتنياهو للالتزام ببنود اتفاق التهدئة السابق وتنفيذ كل مراحله دون أي مراوغة.
وأمس (الأحد) رفضت دولة قطر اتهامات نتنياهو، ووصفت تصريحاته بأنها تحريضية وغير مسؤولة، وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في منشور على منصة إكس، إن دولة قطر “ترفض بشكل قاطع التصريحات التحريضية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي تفتقر إلى أدنى مستويات المسؤولية السياسية والأخلاقية”.
واعتبر الأنصاري، أن “تصوير استمرار العدوان على غزة كدفاع عن “التحضّر” يعيد إلى الأذهان خطابات أنظمة عبر التاريخ استخدمت شعارات زائفة لتبرير جرائمها بحق المدنيين الأبرياء”، مضيفًا أنه منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، عملت دولة قطر، بالتنسيق مع شركائها، على دعم جهود الوساطة الهادفة إلى وقف الحرب، وحماية المدنيين، وضمان الإفراج عن الرهائن.
وقال إنه “يجدر هنا طرح سؤال مشروع: هل تم الإفراج عن ما لا يقل عن 138 رهينة عبر العمليات العسكرية التي توصف بـ”العدالة”، أم عبر الوساطة التي تُنتقد اليوم وتُستهدف ظلمًا؟”.
وتابع الأنصاري يقول “في المقابل، يعيش الشعب الفلسطيني في غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، من حصار خانق وتجويع ممنهج، وحرمان من الدواء والمأوى، إلى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح للضغط والابتزاز السياسي. فهل هذا هو “التحضّر” الذي يُراد تسويقه؟”.
وأكد المتحدث باسم الخارجية القطرية أن “السياسة الخارجية لدولة قطر، المبنية على المبادئ، لا تتعارض مع دورها كوسيط نزيه وموثوق. ولن تثنيها حملات التضليل والضغوط السياسية عن الوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة، والدفاع عن حقوق المدنيين بغضّ النظر عن خلفياتهم، وعن القانون الدولي دون تجزئة أو انتقائية”.
وتأتي تصريحات الأنصاري ردا على التصريحات التحريضية التي صدرت عن مكتب نتنياهو والتي هاجم فيها قطر بسبب مطالبتها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الغذائية والدوائية إلى القطاع.
وقال نتنياهو -بحسب ما ورد عن مكتبه- إن “الوقت حان لأن تتوقف قطر عن التلاعب بالرأيين بخطاباتها المزدوجة وأن تقرر إن كانت ستقف إلى جانب الحضارة أم إلى جانب همجية (حركة المقاومة الإسلامية) حماس”، بحسب تعبيره.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن نتنياهو هاجم مرة أخرى الدولة الوسيطة في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ولكن هذه المرة عبر حساب مكتب رئيس الوزراء باللغة الإنجليزية، وأوضحت أن هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها نتنياهو قطر ويطالبها بـ”اختيار جانب”، ففي الشهر الماضي أجرى مقابلة مع قناة “كريستيان دايستار” المسيحية الأميركية وانتقد بشدة سلوك قطر، وفقا للصحيفة.
وأضافت أن تصريحات نتنياهو “تعود خلفيتها إلى ما عرف بقضية “قطر غيت” واعتقال مساعدين اثنين لرئيس الوزراء للاشتباه بهما في العمل لتعزيز مصالح قطر أثناء الحرب وقبلها”.
وأمام هذا التطور.. من الخاسر من انسحاب قطر؟ وهل تلعب الدوحة “على الحبلين” بملف غزة؟ وهل ستنجح مصر بمفردها قيادة ملف مفاوضات التهدئة؟
المصدر: رأي اليوم