في حدث غير مسبوق منذ أكثر من أربعة عقود، عمّ إضراب شامل جميع المخيمات الفلسطينية في سوريا يوم الإثنين الموافق 7 نيسان 2025، تضامناً مع قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر.
ويُعدّ هذا الإضراب الأكبر منذ عام 1976، حيث أُغلقت المحال التجارية وتوقفت الأنشطة الاقتصادية بشكل كامل، فيما شهدت البلاد موجة مظاهرات شعبية حاشدة دعماً لغزة.
المخيمات تغلق أبوابها على وجع غزة
وشمل الإضراب كلاً من مخيمات: خان دنون، الحسينية، خان الشيح، النيرب، العائدين في حمص، درعا، والسبينة، وغيرها، حيث بدت الشوارع خالية، وأُغلقت المحال أبوابها.
وخيم صمت ثقيل على أرجاء المخيمات، وكأن الجميع وقف دقيقة حداد طويلة على أرواح شهداء غزة.
“لم يكن القرار سهلا.. لكنه واجب”
في مخيم خان دنون، قال “أبو مجدي”، صاحب محل مواد غذائية: “أدير هذا المحل منذ عام 1988، ولم أشهد من قبل التزاماً شاملاً كهذا. أغلقنا المحل منذ الصباح، ورفضنا البيع حتى في الحالات الطارئة. هذا أقل ما يمكننا فعله.”
وفي مخيم النيرب، قال “أمجد”، صاحب ورشة صيانة كهربائية: “العمل اليوم كان مستحيلاً، فالشعور بالقهر والغضب أقوى من أي حاجة أخرى. توقفنا لنقول للعالم: غزة ليست وحدها.”
أما “أبو أحمد” من مخيم العائدين في حمص، فقال: “ابني الصغير هو من قال لي: إن فتحت اليوم، كيف سنرفع رؤوسنا أمام أطفال غزة؟”
سوريون يغلقون متاجرهم تضامناً
ولم تقتصر الاستجابة على الفلسطينيين فقط، بل امتدت لتشمل السوريين في مختلف المحافظات. حيث أعلنت متاجر “سلورة” الشهيرة، التي تنتشر فروعها في أنحاء البلاد، إغلاق أبوابها تضامناً، وعلّقت على واجهاتها لافتات كُتب عليها: “لأجل غزة”.
وفي درعا كان مول سنتر يافا اول من بادر لإعلان الإضراب قبل أن تلحق به متاحر ومحلات أخرى
كما انضمت محال وأسواق في باب سريجة، الميدان، الزبلطاني بدمشق، أسواق حلب القديمة، شارع الحاضر في حماة، ومحلات في سوق الدبلان بحمص، إلى الإضراب، في تحرك شعبي لافت يعكس وحدة الضمير العربي في مواجهة العدوان.
مظاهرات حاشدة
الهدوء في المخيمات بسبب الإضراب لم يدم طويلا فمع استمرار إغلاق المحال التجارية في المخيمات وبعض الاحياء في دمشق وحلب شهدت البلاد مظاهرات شعبية ضخمة في المخيمات الفلسطينية والمدن
ففي دمشق، انطلقت مسيرات من حي الميدان وساحة عرنوس باتجاه ساحة الأمويين، حيث التقى مئات المتظاهرين، من رجال ونساء وأطفال، في مشهد موحّد ومؤثر.
في حلب، تركزت التظاهرات في ساحة سعد الله الجابري، حيث دوت الهتافات المنددة بالاحتلال، كما امتلأت ساحة جامعة حلب بالطلبة من مختلف الكليات، الذين نظموا وقفة تضامنية، رفعوا خلالها صور الشهداء وهتفوا مطالبين بفتح باب الجهاد. وامتدت المظاهرات إلى شارع ادونيس وحي الجميلية.”
ويوما بعد يوم يزداد الغضب الشعبي في سوريا والعالم جراء الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة في ظل صمت دولي
وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، بلغ عدد الشهداء منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، نحو 50,669 شهيداً، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. كما ارتفع عدد الجرحى إلى 115,225 جريحاً.
وتُظهر الإحصاءات أن التصعيد المكثف للهجمات، والذي بدأ في 18 آذار/مارس 2025، أسفر وحده عن استشهاد 1,309 فلسطينيين وإصابة 3,184 آخرين.
المصدر: قدس برس
