You are currently viewing امريكا والامارات والصهاينة سرقوا آثار العراق

امريكا والامارات والصهاينة سرقوا آثار العراق

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

 

في خبر كان مفرح للعراقيين أعلنت وزارة الثقافة العراقية عام 2023 عن استعادة لـ 23 ألف قطعة أثرية، معظمها نهبت خلال الغزو الأمريكي “غير القانوني” للعراق عام 2003, واعتبر هذا العمل الاجرامي بمثابة محاولة لمحو الهوية الثقافية للعراق, ومع ذلك، لا يزال الأرشيف اليهودي العراقي الغني مسروقا، والذي يتم تجاهل مناقشة سرقته في كثير من الأحيان، وهو موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث تنتهي أجزاء من تلك السرقة في تل أبيب قبل أن تصل إلى وجهات أخرى.

في 9 نيسان/ 2003، وفي الساعات الاولى لدخول قوات الاحتلال الأمريكي للعاصمة بغداد، حاصرت الدبابات الأمريكية وزارة النفط العراقية، ومبنى المخابرات، والمتحف الوطني العراقي. وبينما سارعت القوات الأمريكية إلى تأمين مباني النفط والمخابرات، فإن أبواب المتحف الوطني – الذي تأسس عام 1924 في منطقة العلوي ببغداد – تركت أيضا مفتوحة على مصراعيها أمام تجار الآثار لنهب وتخريب محتوياته, في فعل قبيح مقصود من قبل أمريكا المحتلة بهدف ضياع الإرث العراقي على يد العصابات, ولحد اليوم لا توجد احصائيات دقيقة عن عدد الآثار المسروقة من العراق بعد الغزو الأمريكي للعراق.

والاكيد انه لم يكن من قبيل الصدفة عندما أنشأت القوات الأمريكية قواعد داخل المواقع الأثرية المهمة في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك بابل التي يعود تاريخها إلى 2300 قبل الميلاد، وأور من 3800 قبل الميلاد، والحضر، والنمرود، وغيرها, بل الهدف واضح جدا لكل ذي لب.

وكان للحرب الامريكية اثر مدمر على الآثار, ففي عام 1991 تعرضت مدينة أور لقصف أمريكي عنيف، مما تسبب في أضرار جسيمة للزقورة القديمة, وخلال غزو عام 2003 تم تحويل متحف الناصرية إلى ثكنة عسكرية، وتم استخدام موقع كيش الأثري كقاعدة تدريب، مما أدى إلى تدمير مناطق أثرية واسعة, وكل هذه الامور مقصودة.

 

· الدور الأمريكي الخبيث

تشير تقارير عراقية إلى تعرض وسرقة ما يقارب 120 ألف قطعة أثرية من العراق بين عامي 2003-2017، الجزء الأكبر منها خلال الغزو الأميركي للعراق، فيما يتحمل تنظيم داعش مسؤولية سرقة مقتنيات متحف الموصل شمالي البلاد، وبعض المواقع الأثرية في المناطق التي استولى عليها بعد عام 2014, وفي تصريح إعلامي سابق قال مدير دائرة المخطوطات العراقية والناطق باسم وزارة الثقافة أحمد العلوي، لـوكالة ”المهد” إن وزارته تمكنت من “استعادة أكثر من 23 ألف قطعة أثرية خلال ثلاث سنوات، منها 17300 قطعة أثرية تم استردادها قبل عامين”.

إن نهب المتحف العراقي لم يحدث بالصدفة؛ واستغلت العصابات المنظمة حالة الفوضى التي عمت البلاد بفعل القوات الغازية التي مهدت الطريق للفوضى بشكل مقصود, وهذه العصابات تدار من قبل شخصيات خلف الظل، بما في ذلك أفراد من الدول العربية المجاورة، كان هؤلاء اللصوص على دراية بتصميم المتحف وقاعاته وحتى غرف التخزين المخفية, وحتى الأماكن الأكثر أمانًا، مثل الغرفة المخفية داخل المتحف، لم تسلم من السرقة.

وبحسب مسؤول سابق في المتحف الوطني، فإن “هناك عصابات منظمة من الدول العربية المجاورة للعراق اقتحمت المتحف، فيما غضت القوات الأميركية المتواجدة في باحة المتحف الطرف”, واضاف ايضا “كانت لدينا غرفة سرية في المتحف، نحتفظ فيها بالحلي الأثرية الثمينة، وعندما عدنا في 12 أبريل 2003 إلى المتحف، وجدنا أن هذه الحلي قد سُرقت، رغم أن تلك الغرفة كان لها باب مخفي”, وهذه الحوادث (عمليات النهب للمتحف) استمرت قرابة ثلاثة أيام.

 

· الدور الإماراتي الخبيث

كان الكلام متداول وعلى لسان شخصيات مسؤولة ادعاء مسؤول المتحف حول تورط جنسيات عربية أخرى، أكده المتحدث السابق باسم وزارة الثقافة عبد الزهرة الطالقاني، الذي كشف في بيان عام 2011 أن “الآثار العراقية المنهوبة تم تهريبها إلى دولة مجاورة، ومنها إلى أمريكا وأوروبا”.

إن الغالبية العظمى من الآثار المسروقة من العراق هربت إلى إحدى دول الخليج, ومن ثم إلى الولايات المتحدة، بعضها عبر سرقة المتحف الوطني، والبعض الآخر عبر عمليات النبش غير القانوني لمافيات الآثار التي جرت خلال الفلتان الأمني, وصدرت اتهامات عراقية كثيرة عبر الاعلام نحو القوات الأمريكية بـ المساهمة في تهريب الآثار العراقية إلى خارج البلاد، بعد السيطرة على آثار بابل وأكاد، بالاتفاق مع مافيات تهريب الآثار.

ومن أبرز الأدلة التي تثبت تورط الإمارات في تهريب الآثار العراقية، الحكم الصادر عام 2017 عن وزارة العدل الأمريكية ضد شركة “هوبي لوبي” الأمريكية, وقد تم تغريم الشركة بمبلغ 3 ملايين دولار، لأنها اشترت بشكل غير قانوني 5500 قطعة أثرية عراقية قديمة من تجار في الإمارات العربية المتحدة، ثم قامت بتهريبها بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وإسرائيل باستخدام وثائق شحن مزورة.

في وقت القضية ذكرت صحيفة الغارديان أنه في سبتمبر 2011، تلقت شركة Hobby Lobby طردًا يحتوي على حوالي 1000 فقاعة طينية، وهو شكل قديم من أشكال التعريف المنقوشة، من تاجر إسرائيلي، وكان مصحوبًا بإعلان كاذب يفيد بأن بلد المنشأ هو إسرائيل.

بعد الغزو الأمريكي، شكلت واشنطن ما يسمى بسلطة التحالف المؤقتة وأحكمت سيطرتها على المرافق الرئيسية في البلاد، بما في ذلك مطاراتها، حيث تم تهريب الآثار من قبل أفراد محليين وعرب وأجانب تحت مراقبتها, وتعاقدت القوات الأميركية مع شركة أمنية أجنبية للإشراف على الرحلات الجوية وتأمين دخول وخروج المسافرين وتفتيش أمتعتهم.

 

· الدور الصهيوني الخبيث

الاخبار كثيرة ومتداولة ما بين تصريحات اعلامية وتحقيقات صحفية منذ عام 2003 وحتى رحيلها عام 2011، مفادها ان القوات الأمريكية قامت بتأمين فرق تنقيب يهودية [صهيونية] للتنقيب في المواقع الأثرية العراقية، خاصة في بابل وأور, ففي عام 2010 أفادت القناة السابعة الإسرائيلية عن لفافة توراة تم تهريبها من العراق إلى تل أبيب, وأثار هذا تساؤلات حول كيفية وصول هذه القطعة النادرة إلى هناك، مع الأخذ في الاعتبار أنه كان من المفترض أن يتم صيانتها من قبل معهد هوفر بجامعة ستانفورد.

وحتى اليوم لا يزال الجدل الدائر حول الأرشيف اليهودي العراقي قائما. وعلى الرغم من الاتفاق بين الحكومة العراقية وامريكا على إعادته إلى بغداد في عام 2014، إلا أن الأرشيف انتهى بشكل غامض في تل أبيب في عام 2015.

وبحسب الكاتب والباحث نبيل الربيعي، فإن الأرشيف اليهودي يضم 48 درجًا من فقرات سفر التكوين مكتوبة على جلد غزال، وتقاويم باللغة العبرية، و 7002 كتابًا، ومجموعة مواعظ باللغة العبرية يعود تاريخها إلى عام 1692, كما تضمنت 1700 قطعة أثرية نادرة توثق عصر السبي البابلي الأول والثاني، وأقدم نسخة من التلمود البابلي، وأقدم نسخة للتوراة، وسجلات قانونية تعود إلى عدة قرون تركها يهود العراق، إلى جانب أشياء ثمينة أخرى.

ولعبت مؤسسة الذاكرة العراقية، التي أسسها كنعان مكية عام 1992، دوراً محورياً في جمع أرشيف العراق، بما في ذلك وثائق من أرشيف حزب البعث وقاعدة بيانات كردستان العراق. واللافت أن رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي كان يعمل في نفس المؤسسة.

ولم تلتزم “إسرائيل” قط بالاتفاقيات الدولية التي تقضي بإعادة الآثار المسروقة, في هذه الأثناء، تواصل امريكا احتجاز آلاف الملفات من الأرشيف العراقي بحجة “الترميم”.

 

· دور تنظيم داعش الخبيث

مما زاد من مشاكل العراق أن ظهور داعش في عام 2014 , حيث جاء ليكمل ما بدأه امريكا والامارات والصهاينة, حيث عمل التنظيم على سرقة مجموعات من متحف الموصل, وتدمير العديد من المواقع الأثرية, ومع ذلك تشير العديد من المصادر إلى أن “داعش” قام بأعمال التدمير هذه لصرف الانتباه عن النهب الفعلي للآثار القيمة, وباع التنظيم الإرهابي مئات القطع الأثرية عبر تهريبها إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا, وقد قام عناصر داعش بسرقة الآثار من المواقع التاريخية والمتاحف المهمة في الموصل والمناطق التي سيطر عليها.

بالإضافة إلى النهب قام التنظيم بتدمير العديد من المعالم الثقافية والدينية، مثل الأضرحة والمساجد القديمة، بدعوى أنها “شركية” وغير متوافقة مع تفسيرهم المتشدد للإسلام. واستخدم التنظيم الآثار المسروقة كمصدر لتمويل أنشطته، حيث كان يعرضها للبيع في السوق السوداء, وقد أسهم ذلك في ازدهار التجارة غير المشروعة بالقطع الأثرية.

 

شارك المقالة