You are currently viewing مؤسس “ميثاق أخلاق الجيش”: الكيان يُدار من قِبل عصابة إجرام.. وتصاعد خطير في اعتداءات جنودها على الفلسطينيين

مؤسس “ميثاق أخلاق الجيش”: الكيان يُدار من قِبل عصابة إجرام.. وتصاعد خطير في اعتداءات جنودها على الفلسطينيين

نقلت صحيفة عبرية، اليوم الأربعاء، عن مصادر عسكرية قلقها من ارتفاع اعتداءات جنود الاحتلال على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء العام الحالي بـ 30% مقارنة مع العام المنصرم. وتشمل هذه الاعتداءات الضرب والتنكيل وإحراق بيوت ومراكب وحواجز تُبقي المارة ساعات طويلة في الشارع دون حركة ودون مبرِّر.
طبقًا لتقرير صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية اليوم الأربعاء، فقد شهد العام الحالي ارتفاعًا حادًا بما تسميه “حوادث الجريمة على خلفية قومية”، وتنقل عن ضباط في جيش الاحتلال تحذيرهم من تصعيد إضافي ضد الفلسطينيين دون رقيب أو حسيب. منوِّهةً أنه عندما يقدم الفلسطينيون شكوى ضد جنود ومستوطنين معتدين فإنهم يصطدمون بمعيقات كثيرة، إلا في حال كان هناك توثيق بالكاميرا خوفًا من محاكمات دولية.
في المقابل، تنقل الصحيفة عن قادة آخرين في الجيش ينكرون هذه الظاهرة ويزعمون أن الجيش يحقِّق في كل حادثة رغم حالة الإرهاق وتآكل الطاقات في الجيش.

شيطنة ونزع شرعية
وتبدو مثل هذه الاعتداءات للجنود والمستوطنين على الفلسطينيين في حالة تصعيد خطير منذ السابع من أكتوبر نتيجة شهوة الانتقام المفتوحة على مصراعيها وأجواء التطرُّف القومجي المتشنج السائدة في إسرائيل.

كاشير: أحيانًا أسأل نفسي؛ ربما أن الأمر أكبر منا؟ ربما أن فكرة دولة مستقلة كبيرة على الشعب اليهودي؟

وتأتي هذه الاعتداءات، التي وثَّقتها منظمات حقوقية فلسطينية ودولية وإسرائيلية في تقارير رسمية كثيرة، بوحي تحريض مستمر من قِبل مسؤولين إسرائيليين، دعا بعضهم لإلقاء قنبلة نووية على غزة (الوزير عاميحاي إلياهو)، فيما دعا مستشار أمن قومي سابق (الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند) لعدم التمييز بين عسكريين وبين نساء وأطفال داخل القطاع ولحرمانهم جميعًا من الماء والغذاء وليس الكهرباء فحسب من أجل الانتصار في الحرب. وسجل تصريحات نزع الصفة الإنسانية والشيطنة طويل جدًا، وهذا ما تضمَّنته أيضًا لائحة الاتهام ضد إسرائيل في “محكمة الجنايات الدولية” في لاهاي قبل عام ونيِّف.

عصابة إجرام
وكان البروفسور آسا كاشير (84 عامًا) “الفيلسوف” و”المؤدلج الأكبر” لـ “المنظومة القيمية والسلوكية للجيش الإسرائيلي” قد أكَّد، في مقابلة مطوَّلة نشرها الملحق الأسبوعي لصحيفة “هآرتس” (20/2/2025)، أن الممارسات التي يقوم جيش الاحتلال بارتكابها في الحرب المتوحِّشة على قطاع غزة مروِّعة ورهيبة، وإن كانت لا ترتقي إلى درجة جرائم الحرب وإبادة شعب.
وبشكل مباشر، يؤكد كاشير، في هذا الحديث الصحفي غير المسبوق في حدَّته، أن الحرب على غزة تعكس التغيير في الجو الإسرائيلي العام، حيث باتت هناك منظومة في إسرائيل تعمل مثل عصابة إجرام مكلَّفة بقيادة حيٍّ سكنيٍّ… وهذه المنظومة لا تتردَّد في اتخاذ أي وسيلة من أجل خدمة قادة العصابة… وهم قيادة إسرائيل في الوقت الحالي.
كاشير، الذي عمل أستاذًا للفلسفة في جامعة تل أبيب، وحصل على عدد من الجوائز الإسرائيلية الكبرى تقديرًا لجهوده ومساهماته في مجالات تخصصه، ومنها “جائزة إسرائيل” في بحث الفلسفة العامة، يخلص للتساؤل: “ربما فكرة الدولة المستقلة كبيرة علينا… نحن الشعب اليهودي؟” ورغم نفيه لارتكاب جريمة إبادة شعب، يشدِّد كاشير على أن سلوكًا مثل دخول منازل الفلسطينيين والتخريب ليس هو المطلوب.
في محاولة لنأي الجيش عن هذه الجرائم، يقول ما معناه إن ظاهرة الاعتداءات غير متأصلة: “لا يمكن للجيش الإسرائيلي أن يترك القيم والمعايير في الحياة إلى وحدات الاحتياط التي يشارك مئات آلاف الإسرائيليين فيها، فهؤلاء يأتون إلى الجيش الذين لم يكونوا في صفوفه أعوامًا طويلة ويتصرفون بحسب الأجواء العامة السائدة في الشارع”. وبعد نعته قادة إسرائيل بـ “عصابة الإجرام”، يوضح كاشير أن هذا السلوك العصاباتي ينطبق على كل شيء، بما في ذلك على المحكمة الإسرائيلية العليا. وبرأيه أيضًا، لا يُعقل بتاتًا أن لا تُقام لجنة تحقيق رسمية بعد أحداث مثل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، فهذا بكل بساطة هو مجرد إفلاس أخلاقي للدولة. ومع ذلك، ما زال لديه أمل يستمده مما نعته بأنه النجاح بدرجة كبيرة في كبح الانقلاب على الجهاز القضائي.

الميثاق الأخلاقي ضريبة شفوية
وبوحي مما جاء في روايات الأديب جوناثان سويفت، رأى أنه كان هنا عملاق (غوليفر) تولَّى وضع أسس الدولة، والجيش، والمنظومة الصحية، والصناعة، والجامعات، وبعد أن انتهى من تأسيس كل ذلك خلد إلى النوم، فخرج الأقزام من جحورهم وبدأوا بالاستيلاء رويدًا رويدًا على كل شيء. ويضيف: “بيد أنه في مجرى الصراع بشأن الانقلاب القضائي أظهر العملاق قوته، وربما يريد مزيدًا من النوم مرة أخرى، ولكن يتعيَّن على كل من يرى الصورة على حقيقتها ألا يدعه ينام مرة أخرى”.
ويتمنى كاشير ألا تتعاون المؤسسة الأمنية مع عصابة الإجرام التي تقود الدولة قائلًا: “باستثناء الشرطة، فإن جهاز الموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز الجيش لن تتعاون مع العصابة. إن الجيش هو الأضعف بعد الشرطة، ولكنه هو أيضًا لن يتعاون”.
كما يرى كاشير أن “الميثاق الأخلاقي” للجيش الإسرائيلي بات مجرَّد ضريبة كلاميَّة، وأن الجيش نفسه لا يمتلك تصوُّرًا حيال كيفية ترسيخه في صفوف جنود وضباط تشكيلات الاحتياط.

رئيس حكومتنا كاذب ومخادع
ولا يتردد كاشير بالقول: “أحيانًا أسأل نفسي: ربما أن الأمر أكبر منا؟ ربما أن فكرة دولة مستقلة كبيرة على الشعب اليهودي؟ فلقد كان شعبنا لأعوام عديدة يعيش في عقلية أقلية، وسمح لنفسه بفعل كل شيء من أجل البقاء على قيد الحياة. وربما بقينا مخادعين وكذابين لا يمكن الوثوق بكلمتهم. ولقد أقمنا في الآونة الأخيرة حكومة مع مثل هذه الأصناف من البشر، ورئيس حكومتنا شخص كاذب لا يمكن الوثوق بأي كلمة يقولها وبأي وعد يتعهد به. لقد وصلنا إلى أماكن فظيعة، وربما فكرة الدولة أكبر منَّا فعلًا”.
في المقابل، ينوِّه المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، الذي تولى ترجمة الحديث المطول جدًا، إلى أن كاشير نفسه هو من وضع، بطلب من نفتالي بينيت عندما شغل منصب وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، “المدونة الأخلاقية” للمحاضرين في الجامعات الإسرائيلية.
ويضيف “مدار”: “أتت هذه المدونة في سياق الجهود الكبيرة والحثيثة لليمين الإسرائيلي، لا سيّما الديني الصهيوني منه، للسيطرة والتأثير على مساحات صوغ المجال العمومي الإسرائيلي، ومنها المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية. فقد بدأ بينيت، فور توليه منصب وزير التربية والتعليم، في تغيير مناهج التعليم الإسرائيلية بحيث يتم فيها التأكيد على الهوية اليهودية في بعدها الديني أو التراثي، علاوة على إقامة برامج ومشاريع تربوية تهدف إلى التشديد على هذه الهوية حتى في المدارس التي تصنف بأنها حكومية غير دينية”.
ويشير إلى أن “المدونة الأخلاقية” التي سكَّها كاشير في هذا السياق، تندرج أيضًا ضمن زيادة شرطية المعرفة الحكومية وغير الحكومية (عبر منظمات مثل “إم ترتسو”، ومؤسسة “أكاديميك مونيتور” وغيرهما من المؤسسات اليمينية) التي تحاول فرض شرطية معرفية على المؤسسات الجامعية والضغط عليها من أجل تقليص مساحة الحرية الأكاديمية من جهة، ومن جهة أخرى التضييق على النشاط السياسي لمحاضرين يهود وفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية ينتقدون سياسات إسرائيل في الضفة الغربية وينتظمون ضمن حركات مناهضة للاحتلال. كذلك كاشير، هو ذات الشخص الذي صاغ “المدونة الأخلاقية” للجيش الإسرائيلي، والتي برَّر الجيش من خلالها ضربه للمدنيين الفلسطينيين. وبحسبها، فإن إصابة المدنيين الفلسطينيين مبررة للدفاع عن حياة الجنود الإسرائيليين، ما أعطى الجيش مسوغًا “أخلاقيًا” لقصف وقتل المدنيين الفلسطينيين في المعارك وفي عمليات القمع التي يقوم بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

التوحش عميق وعريض
كما ينبِّه “مدار” إلى أن جهات إسرائيلية أخرى يحلو لها، على غرار كاشير، إرجاع التوحُّش الذي يفوق الخيال في جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وفي لبنان إلى سبب واحد ووحيد هو انتشار الأصولية الدينية، ومثابرتها على إرسال أذرعها إلى جميع أجزاء المجتمع بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنيَّة.

كاشير: الميثاق الأخلاقي للجيش الإسرائيلي بات مجرَّد ضريبة كلاميَّة، والجيش نفسه لا يمتلك تصوُّرًا حيال كيفية ترسيخه في صفوف الجنود والضباط الاحتياط

ويضيف: “لدى سبر التفاصيل يمكن العثور على شبه إجماع بين هؤلاء على أن هذا الانتشار بدأ جليًّا أكثر على أعتاب خطة فك الارتباط مع قطاع غزة التي جرى تنفيذها العام 2005، عندما قال أحد الحاخامات (أبراهام شابيرا)، في كانون الأول 2004، لجنود الجيش الإسرائيلي: إن رئيس الحكومة ليس ربَّ البيت، بل إن ربَّ البيت هو الله جلَّ جلاله. وبلغ إحدى ذُراه في كانون الأول 2019، عندما دعا وزير القضاء الإسرائيلي، في ذلك الوقت يعقوب نئمان، إلى فرض قوانين الشريعة اليهودية رويدًا رويدًا على الحياة العامة في إسرائيل. وقبلهما، إبان انفجار الانتفاضة الفلسطينية الثانية العام 2000، أعلن الحاخام إلياكيم لفانون، وهو أحد أبرز حاخامات المستوطنين، أنه آن الأوان لأخذ الصولجان، والعودة إلى فترة الملك داود ومعرفة أن الحاخامات ليس عملهم تدريس التوراة فقط، بل أيضًا إقامة قيادة تكون بمنزلة الحكومة الحقيقية لشعب إسرائيل’”.

عمى أم تعامٍ؟
ويؤكد “مدار” أن ما يقف وراء هذه الرؤية، سواء أكانت تنطوي على عمى أم على تعامٍ، هو سعي من يصفها الباحث والأكاديمي الإسرائيلي يغيل ليفي بـ “الطبقة البيضاء العلمانية” لتطهير نفسها من المسؤولية عن النتائج الأخلاقية والإستراتيجية للحرب الراهنة والتي سبق لها أن وضعت أسسها. وبصفته باحثًا متخصصًا في الفكر العسكري، يؤكد ليفي أن هذه الحرب ليست نتاج تغلغل الأصولية الدينية في معظم شرايين المجتمع الإسرائيلي، وأنه رغم أن دوافع نتنياهو السياسية تتجلَّى فيها، إلا أنه لا يجوز اعتبار تلك الدوافع المحرِّك الرئيس لها، لكونها حربًا مزروعة عميقًا في الثقافة السياسية الإسرائيلية العلمانية، حتى لو ازداد تطرُّفها بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. كما أنه يشير إلى أن طواقم سلاح الجو والاستخبارات، وكذلك العناصر الذين يقومون بتطبيقات برامج الذكاء الاصطناعي، ليسوا من تيارات الأصولية الدينية، وطبعًا ليسوا من داعمي نتنياهو، بل هم من ناحية اجتماعية جزء من النواة الصلبة لما يُعرف بمعسكر الوسط- يسار. ويجب القول إنهم كذلك المسؤولون عن القتل غير المسبوق للمدنيين في غزة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، ولدى بعضهم الشغف والرغبة في الانتقام، بحسب ما كشفت أبحاث وتحقيقات صحافيَّة عديدة.

القبيلة البيضاء
وما يقوله هذا الباحث بالنسبة إلى القبيلة البيضاء العلمانية ينسحب أيضًا على رموزها في المعارضة الإسرائيلية الحالية، فمثلًا زعيم حزب “المعسكر الرسمي” بيني غانتس يتصرَّف كقائد عسكري، وما عاد سرًّا أنه خلال مشاركته في حكومة الطوارئ كان من أشدِّ الداعين إلى أن تكون الحرب في غزة ولبنان أكثر صدامًا وهجومًا، وإلى أنه كان من الأفضل برأيه احتلال رفح منذ شباط، وليس في أيار 2024 كما حدث بالفعل.
والدعوة إلى هذا النهج الحربيِّ الهجومي هي أيضًا ديدن يائير غولان، زعيم حزب “الديمقراطيون”، الذي أعلن عن تأسيسه خلال الحرب في سبيل توحيد صفوف اليسار الصهيوني، ونجم عن تحالف حزبي “العمل” و”ميرتس”. ففي مقال نشره غولان، وهو جنرال سابق، مع خبير عسكري إسرائيلي آخر، في صحيفة “هآرتس”، في مناسبة مرور عام على الحرب، أكد أنه من الضروري إعادة تقييم الافتراضات الأساسية الكامنة في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، والمكونات الأساسية في مفهوم الأمن القومي: “من الواضح فعلًا أنه ستكون هناك حاجة إلى جيش وميزانية أمنية أكبر، وإلى نهج أكثر هجومًا. وعلى إسرائيل أن تحافظ على وجود قوة برية ضاربة، لأن مثل هذه القوة تحسم الحروب”. لكن كاشير يتحدث عن حالة أخطر داخل الجيش نفسه.

المصدر: القدس العربي

مؤسس “ميثاق أخلاق الجيش”: إسرائيل تُدار من قِبل عصابة إجرام.. وتصاعد خطير في اعتداءات جنودها على الفلسطينيين

شارك المقالة