أثار ظُهور العلم الأردني على منصّة كتائب القسام في مدينة خانيونس قبل 3 أيام جدلًا واسع النطاق على المستوى الأردني الداخلي بعنوان رسالة ما يوجهها الجناح العسكري لحركة حماس بعد صدور تصريح الناطق الرسمي باسم الحركة يشيد بموقف الأردن في رفض تهجير أبناء قطاع غزة.
وظهر العلم الأردني بين أعلام دول أخرى على منصة الإفراج عن 3 من الأسرى الإسرائيليين بطريقة دعائية وفي مشهد يحصل لأول مرة.
وحاولت العديد من الأصوات والأقلام التحليلية في عمان فهم الدلالات والرسائل والتأثيرات التي قصدتها كتائب القسام وهي تضع صورة كبيرة وملونة لعلم الأردن بخلفية المنصة التي تم تسليم وفد الصليب الأحمر عليها ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين.
ولم تبرز عمليا سردية مقنعة لرسائل كتاب القسام من وراء هذه التحية الخاصة التي قراها بعض المحللين في إطار مناكفة الاحتلال الإسرائيلي بدعم الموقف الأردني ضد التهجير وضمن أدبيات “الشعب الأردني كابوس الاحتلال” التي استخدمها الناطق أبو عبيدة عدة مرات.
والهدف هنا على الأرجح التعبير عن التقدير من جهة فصائل المقاومة الفلسطينية للجهد الأردني في اتجاهين.
الأول: الجهد الإغاثي والإنساني الأردني الذي يركز كثيرا على تلبية احتياجات أهالي قطاع غزة.
وكان آخر الاهتمامات لهيئة الإغاثة الهاشمية الأردنية مؤخرا في هذا السياق هو الحرص الشديد على تلبية نداء المؤسسات في قطاع غزة التي خاطبت الاردن مباشرة مطالبة الهيئة الهاشمية بالتركيز على إرسال الخيم الصالحة للإقامة خصوصا لأهالي شمالي قطاع غزة.
هنا تم تجهيز شحنة كبيرة لا تزال كمية اساسية منها عالقة في الجانب الاسرائيلي يقال انها بلغت اكثر من 60 ألف خيمة يمكنها أن تأوي النازحين في قطاع غزة.
لكن رسائل القسام فيما يبدو تتجاوز الاعتبار الإنساني والإغاثي من وراء وضع صورة لعلم الأردن من باب إظهار التقدير والاحترام مع أعلام دول أخرى دعمت أهل قطاع غزة.
وغاب علم الجمهورية الإيرانية بوضوح ضمن رسالة موازية والانطباع وسط المحللين السياسيين هنا هو أن كتائب القسام تظهر التقاطها لتمثين موقف الأردن وثوابته في التعبير العلني مرة تلو الأخرى عن رفض إستقبال لاجئين من أبناء قطاع غزة والتصدّي والاشتباك مع سيناريو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بتهجير أبناء قطاع غزة.
لكن في الأثناء يمكن لسلوك القسام هنا في حال جمعه مع البيان الذي صدر باسم حركة حماس بعد لقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيس ترامب والذي تم توجيه التحية فيه إلى الأردن على تأكيد موقفه إزاء تهجير أبناء القطاع، يمكن الوصول إلى استنتاجات بأن حركة حماس تحاول التقدّم برسائل لبناء علاقة إيجابية وطيبة مع الأردن قوامها التعبير عن دعم موقف الأردن ضد التهجير سياسيا.
وإظهار قدر من الاحترام والتقدير للجزء الإغاثي الإنساني خلافا لتوجيه رسائل مباشرة للحاضنة الاجتماعية العريضة في الأردن التي تناصر فصائل المقاومة في غزة خصوصا وأن حركة حماس لها مساحة واسعة من تلك الحاضنة عموما وسط الأردنيين وبالتالي تُلقي كتائب القسام التحية عن بعد هذه المرة لرمز الدولة الأردنية وهو العلم وتُخاطب عن بُعد بطريقة ذكية المظاهرات والمسيرات والوقفات التي زاد عددها عن عدة مئات وشهدتها المحافظات والمدن الأردنية.
المصدر: رأي اليوم