You are currently viewing تصريحات ترامب تلاعب إعلامي أم برنامج سياسي واقعي؟

تصريحات ترامب تلاعب إعلامي أم برنامج سياسي واقعي؟

قالت الصحفية والإعلامية الفلسطينية منى حوا إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن قضايا كبرى، مثل تهجير الفلسطينيين أو تنفيذ خطط سياسية غير قابلة للتنفيذ، ليست مجرد مزاعم أو وعود جوفاء، بل هي استراتيجية مدروسة تهدف إلى خلق واقع إعلامي مواز يجبر الخصوم على التفاعل معه وكأنه خيار مطروح على الطاولة.

وأضافت حوا، في تدوينة نشرتها عبر حسابها في منصة “إكس” رصدتها “قدس برس” اليوم الأربعاء، أن هذه التصريحات لا يمكن تنفيذها عمليًا، إلا أن مجرد طرحها على نحو متكرر يجعلها قابلة للنقاش، ما يسهم في إعادة تشكيل الوعي العام، ويضع الأطراف المناوئة في موقف دفاعي، عوضا عن إبقائها في موقع الهجوم.

وأوضحت أن هذه الاستراتيجية الإعلامية تعتمد على ثلاث نظريات رئيسية، تُستخدم للتأثير في الرأي العام وإعادة توجيه النقاش السياسي، وهي:
أولًا: “الدخان والمرايا” … تحويل الوهم إلى واقع إعلامي
أشارت حوّا إلى أن هذه الاستراتيجية تقوم على إثارة ضجة إعلامية ضخمة حول فكرة مستحيلة، بهدف إلهاء الرأي العام أو تحقيق مكاسب غير مباشرة. وكمثال على ذلك، قالت:
“تكرار الحديث عن تهجير الفلسطينيين، رغم استحالة تنفيذه، ليس لأن هناك من يؤمن بإمكانية تحقيقه، بل لجعل الناس يتعاملون معه كخيار مطروح للنقاش بدلًا من رفضه فورًا”.

وأضافت أن “إسرائيل، التي تواجه فشلًا عسكريًا في غزة، تحاول تحويل النقاش إلى (أين سيذهب الفلسطينيون؟) بدلًا من التركيز على وقف العدوان… الدول العربية المستهدفة، مثل مصر والأردن والخليج، تجد نفسها في موقع المتفاوض على صفقة غير قائمة، بدلًا من رفض الفكرة من أساسها”.

وأكدت أن “النتيجة الخطيرة لهذا الأسلوب هي أن الجمهور يبدأ في التعامل مع “التهجير” كفكرة قيد النقاش، بينما هو في الحقيقة جريمة حرب مستحيلة التنفيذ، مما يخلق ضغطًا غير مبرر على الأطراف الدولية والإعلامية” على حد تقديرها.

ثانيًا: “إغراق الساحة” … السيطرة عبر الفوضى الإعلامية
وأوضحت الإعلامية الفلسطينية أن هذه النظرية، التي تعتمد على نشر سيل من التصريحات والتسريبات الإعلامية، تُستخدم بهدف إرباك المعارضين والسيطرة على النقاش العام.

وقالت حوا بالصدد هذا إن “ترامب يكرر الحديث عن خطط مثل التهجير، بناء الجدران، فرض العقوبات، رغم علمه بأنها غير قابلة للتطبيق، أما نتنياهو، الذي يواجه أزمة داخلية بسبب فشل الحرب، يطلق تهديدات متضاربة، ليس لأنه قادر على تنفيذها، بل لإبقاء الجميع في حالة (رد فعل) دائم”.

وأضافت أن النتيجة المباشرة لهذه الفوضى الإعلامية هي أن الصحافة والجمهور يُشغلان بملاحقة التصريحات الجديدة، بدلًا من التركيز على القضايا الجوهرية، مثل جرائم الاحتلال في غزة والإخفاقات العسكرية لإسرائيل”.

ثالثًا: “السردية بالقوة” … التكرار يصنع القبول
وفي تحليلها لهذه الاستراتيجية، أوضحت منى حوا في تدوينتها أن التكرار الإعلامي للأفكار، حتى لو بدت مستحيلة في البداية، يجعلها أقل صدمة، ومن ثم أكثر قابلية للتداول الإعلامي.

وأوضحت أنه “قبل أشهر، كان الحديث عن تهجير الفلسطينيين غير مطروح بهذا الشكل، لكن بفعل التصريحات المتكررة، أصبح يناقش في الإعلام كأنه خيار حقيقي ضمن عدة خيارات”.

واستطردت تقول إن “ما يجري هو استخدام متعمد لأسلوب تكرار الفكرة من زوايا متعددة، مثل التصريحات الأمريكية، التسريبات الإعلامية، التحليلات السياسية، بحيث يبدو وكأنه واقع لا مفر منه” وفق ما ترى.

وأشارت إلى أن هذا الأسلوب اُسْتُخْدِم سابقًا في قضايا كبرى، مثل تبرير الحرب على العراق، حيث جرى الترويج لفكرة “أسلحة الدمار الشامل” عبر الإعلام، حتى أصبحت ذريعة مقبولة لشن الحرب، رغم عدم وجود أي دليل على صحتها.

كيف نواجه هذا التلاعب الإعلامي؟
أكدت منى حوا أن ما يجري ليس مجرد دعاية سياسية، بل محاولة ممنهجة لإعادة تشكيل وعي الجمهور عبر وسائل الإعلام، مما يستدعي مواجهة حازمة لهذه الأساليب.

وقالت: “الخطر الأكبر ليس في قدرة ترامب ونتنياهو على تنفيذ مخططاتهم، بل في قدرتهم على جعل الناس يتعاملون معها كأمر ممكن… المطلوب ليس فقط رفض الفكرة، بل رفض حتى التعامل معها كخيار سياسي مشروع”.

وشددت على أنه “يجب تفادي الوقوع في فخ الرد على التصريحات المتضاربة، والتركيز على القضية الأساسية: الاحتلال الإسرائيلي وفشله العسكري”.

وأكدت على أن “الوعي بهذه الاستراتيجيات يساعد على كشف التلاعب الإعلامي، وإبطال تأثيره، وعدم السماح بجرّ النقاش إلى أرضية خاطئة تخدم مصالح من يروجون لهذه السياسات”.

المصدر: قدس برس

تصريحات ترامب تلاعب إعلامي أم برنامج سياسي واقعي؟ – وكالة قدس برس للأنباء

شارك المقالة