محمد أبو عطية وردة من سكان مخيم الفوّار جنوبي مدينة الخليل فيما تنحدر عائلته من قرية عراق المنشية المحتلة عام 1948
– اعتقلته إسرائيل عام 2002 بتهمة التخطيط مع آخرين لتفجيرات قتلت 45 جنديا ومستوطنا إسرائيليين وأصابت أكثر من 100
– “أبو وردة” قيادي بكتائب القسام وأصدرت إسرائيل بحقه أحكاما بـ48 مؤبدا وقضى في سجونها نحو 23 عاما
يعد محمد أبو عطية وردة الأسير الفلسطيني المحرر من سجون إسرائيل، الخميس، من بين أعلى الأسرى عقوبة، إذ صدرت بحقه أحكام بالسجن 48 مؤبدا.
وبعد نحو 23 سنة في سجونها، أفرجت تل أبيب عن “أبو وردة” (49 عاما) ضمن 110 أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق حركتي حماس والجهاد الإسلامي سراح 3 إسرائيليين و5 تايلانديين من قطاع غزة، في الدفعة الثالثة من تبادل الأسرى.
ومن بين الـ110 أسرى فلسطينيين المحررين 32 أسيرا محكومون بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، و48 أسيرا بأحكام مختلفة، و30 أسيرا من الأطفال.
و”أبو وردة” من مخيم الفوّار جنوب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وهو قيادي بكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ولديه 48 مؤبدا، وغالبا ما يشير كل مؤبد إلى المسؤولية عن مقتل إسرائيلي.
والمؤبد غير محدد المدة، وإن كان من المتعارف عليه أنه يعني السجن مدى الحياة، لكن إسرائيل باتت تنتهج في السنوات الأخيرة سياسة احتجاز جثامين أسرى بعد وفاتهم داخل سجونها.
ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية، تعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم نحو 600 محكومون بالسجن المؤبد.
** المولد والنشأة
ولد “أبو وردة” في 17 يناير/ كانون الثاني 1967، وتنحدر عائلته من قرية عراق المنشية (وسط إسرائيل) المهجرة عام 1948، وهو واحد من 5 إخوة وأخوات.
وأنهى دراسته الأساسية في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين “أونروا” في مخيم الفوّار، ثم التحق بالمدرسة الشرعية في مدينة الخليل (أهلية خيرية) لدراسة المرحلة الثانوية.
بعد إتمام الثانوية العامة، التحق بجامعة بيت لحم ثم جامعة القدس، وبعدها كلية دار المعلمين بمدينة رام الله، التي درس فيها تخصص التربية الابتدائية أكاديميا.
ونشط سياسيا في الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابي لحماس، والتحق بفرع جامعة القدس المفتوحة في بلدة يطا جنوب الخليل، لدراسة التخصص نفسه، لكن إسرائيل اعتقلته قبل أن يتم دراسته.
** الاعتقال والتهمة
للمرة الأولى، اعتقل “أبو وردة” لمدة ثلاثة شهور وكان عمره 15 عاما، بتهمة بإلقاء حجارة على الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وكتابة “شعارات نضالية” على جدران المخيم.
ثم جاء الاعتقال الأهم في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، بعد سنوات من المطاردة؛ بتهمة التخطيط مع الأسير والقيادي في كتائب القسام حسن سلامة وتجنيد ثلاثة فلسطينيين فجروا أنفسهم في حافلات إسرائيلية.
وهؤلاء الثلاثة هم مجدي أبو وردة وإبراهيم السراحنة ورائد الشرنوبي، وأسفرت العملية في فبراير/شباط 1996 عن مقتل 45 جنديا ومستوطنا إسرائيليين وإصابة أكثر من مئة آخرين.
وجاء ذلك ردا على اغتيال إسرائيل القيادي في كتائب القسام يحيى عياش في مدينة غزة.
وفي يناير 1996، اغتالت إسرائيل عياش عبر تفجير هاتف محمول مفخخ، بعد مطاردته لسنوات، شهدت محاولات فاشلة لاغتياله.
واتهمت إسرائيل عياش، المُلقب بـ”المهندس”، بالمسؤولية عن قتل عشرات الإسرائيليين، والتخطيط لعمليات تفجيرية نفذت في مدن إسرائيلية.
** عقاب جماعي
تعرض أشقاء “أبو وردة” للملاحقة والاعتقال خلال فترة مطاردته واعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية الذي استمر 5 سنوات، قبل إطلاق سراحه مع اجتياح إسرائيل الضفة الغربية وإعادة احتلالها في 2002.
ورغم ظروف مطاردته وملاحقته، تزوج محمد من نورة الجعبري، ولم يمكث معها سوى شهرين وأنجب منها ابنه حمزة، ومع ذلك طالتها الملاحقة الإسرائيلية واعتقلت عام 2011 وخضعت للتحقيق وأفرج عنها بعد 4 أشهر.
وجرى الإفراج عن “أبو وردة” ضمن الدفعة الثالثة من عملية التبادل وفق اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي 19 يناير الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل.
ويتضمن الاتفاق 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وشهد التبادل الأول إطلاق سراح 3 أسيرات “مدنيات” إسرائيليات من قطاع غزة، مقابل 90 معتقلا ومعتقلة فلسطينيين جميعهم من الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس.
فيما شهد التبادل الثاني، السبت الماضي، إطلاق سراح 3 مجندات إسرائيليات، مقابل 200 أسير فلسطيني، بينهم 121 من أصحاب الأحكام المؤبدة و79 من ذوي الأحكام العالية.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وفي 21 نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
المصدر: الأناضول