يشهد العراق تحديات جسيمة في تنفيذ المشاريع التنموية، حيث باتت المكاتب الاقتصادية للأحزاب السياسية تشكل العائق الأكبر أمام تحقيق تقدم ملموس على أرض الواقع. هذه التدخلات تعكس مدى تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي، مما يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، لا سيما في المحافظات الأكثر تضررًا مثل الديوانية.
الديوانية، التي تعد واحدة من المحافظات العراقية المنكوبة تنمويًا، تواجه عراقيل كبيرة في إنجاز مشاريع البنى التحتية والخدمات العامة. هذه التحديات ليست وليدة نقص الكفاءات أو التمويل فحسب، بل تتعدى ذلك إلى النفوذ السياسي والتدخلات المسلحة التي تفرض سطوتها على كل تفصيل
وفي هذا الإطار، أشار الأكاديمي غالب الدعمي إلى أن المحافظة تُعاني من تدخلات أثرت على سير المشاريع، وأدت إلى تعطيلها بشكل مباشر.
أحد أبرز الأمثلة هو المشروع الذي أُعلن عنه تحت غطاء شركة “إسبانية”، حيث أثار الكثير من التساؤلات بين المواطنين. الدعمي أوضح أن الشركة لم تُظهر أي كفاءة تُذكر، ورغم تلكؤها، ظلت تعمل تحت حماية جهات مسلحة مرتبطة بأحزاب سياسية. هذه الحماية لم تُسهم فقط في استمرار عمل الشركة، بل عززت من نفور المواطنين الذين باتوا ينظرون بعين الريبة لأي مشروع تُشرف عليه جهات مرتبطة بهذه القوى.
الدعمي سلط الضوء على آلية إحالة هذا المشروع، مبينًا أنه أُسند من بغداد عبر وزارة الإسكان، دون إشراك الجهات المحلية ضمن خطط تنمية الأقاليم. هذه المركزية في اتخاذ القرارات تُعد إحدى الأسباب الرئيسية وراء التلكؤ والفشل في تنفيذ المشاريع، حيث تفتقر الجهات المسؤولة عن الإحالة إلى إدراك احتياجات المحافظة وطبيعة التحديات المحلية.
الدعمي أشار إلى أن الحل الأمثل لمشروع بهذا الحجم، الذي يشمل 42 حيًا، يكمن في تقسيمه إلى 42 شركة مستقلة لضمان الإنجاز السريع وتجنب التلكؤ. هذا النموذج يمكن أن يُحقق توزيعًا أفضل للعمل، ويُتيح المجال للشركات المحلية للمساهمة في البناء، مما يقلل من الاعتماد على الشركات ذات العلاقات المشبوهة.
لكن الواقع يختلف، حيث تم الاعتماد على شركة واحدة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع بدلًا من تحسينها. هذا النهج يُظهر غياب التخطيط السليم وعدم وجود رؤية تنموية واضحة تستند إلى إشراك الخبرات المهنية بعيدًا عن السطوة السياسية.
المصدر: المسلة