كالنار في الهشيم، انتشرت صور “مفجعة” لتعذيب أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لعدد من المقاومين بعد إلقاء القبض عليهم والزج بهم داخل سجونها، خلال العملية الأمنية المشددة والمستمرة التي أطلقتها أكثر من شهر في مدينة جنين ومخيمها، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
هذه الصور أشعلت غضب الفلسطينيين وكذلك انتقادات حادة من قبل الفصائل والقوى الوطنية، التي جاءت في وقت تتعرض له جنين ومخيمها لحصار إسرائيلي خانق لليوم الخامس على التوالي، وأسفر عن ارتقاء أكثر من 13 شهيدًا، واعتقالات وحرق ونسف منازل وتشريد عشرات العائلات، ناهيك عن قطع الغذاء والكهرباء وخدمات الإنترنت، ضمن سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها الاحتلال.
حملات الملاحقة والاعتقالات والمداهمات التي تقوم بها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية داخل جنين قد تجاوزت “الخطوط الحمراء”، وفق الكثير من الفصائل الوطنية، وباتت تلك الحملة كـ”خدمة مجانية” تقدم للجيش الإسرائيلي، الذي يعجز منذ سنوات طويلة في تركيع المخيم والسيطرة على سلاح المقاومة.
وأثارت مشاهد تنكيل أجهزة أمن السلطة بالمقاومين المطاردين للاحتلال بعد اعتقالهم في جنين، غضباً واستنكاراً فلسطينياً.
وتساءل الشيخ محمد طوالبة عضو لجنة الإصلاح في جنين، لمصلحة من تنشر السلطة صور المقاومين وهم يعذبون وينكل بهم، وقال طوالبة إن التنكيل بالمقاومين وتعمد إهانتهم، خطوة غير وطنية ولا أخلاقية يجب استنكارها ووضع حد لها، وهي انتهاك خطير وتجاوز للقانون ويجب أن يحاسب من قام بذلك.
وفي رسالة من أحد المجاهدين في كتيبة جنين، قال إن أفعال السلطة التي حاصرت المخيم لأكثر من 45 يوماً، ونقضت العهد واستنزفت ذخيرة المقاومين في مخيم جنين، جاءت تمهيداً لاقتحام المخيم من قوات الاحتلال.
وقال نشطاء في جنين، إن أجهزة السلطة تتباهى باعتقال المقاومين والتنكيل بهم أمثال محمد الحصري” شقيق الشهيد “عبد الله الحصري” أحد مؤسسي كتيبة جنين، ومحمد أبو النحل” أحد قادة الكتيبة، والمطارد الجريح “عبادة رواجبة” الذي نجا مرات عدة من محاولات الاحتلال اغتياله.
وظهر المقاومون في مقاطع فيديو وصور نشرتها أجهزة السلطة، وأجسادهم نصف العارية مغطاة بالطين، وأجبروا على أكل التراب، بهدف المس بصورة المقاومين ومكانتهم بين الناس، وتخويف من يفكر بأن يكون جزءاً من حالة المقاومة في الضفة.
وظهر المقاومون في مقاطع فيديو وصور نشرتها أجهزة السلطة، وأجسادهم نصف العارية مغطاة بالطين، وأجبروا على أكل التراب، بهدف المس بصورة المقاومين ومكانتهم بين الناس، وتخويف من يفكر بأن يكون جزءاً من حالة المقاومة في الضفة.
وتنفذ أجهزة السلطة هذه الاعتقالات تحت غطاء جيش الاحتلال الذي يشن عملية عسكرية على مخيم جنين والمدينة منذ ظهر الـ21 يناير الجاري.
من جانبه، اتهم الكاتب والمحلل السياسي أحمد فراسيني أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بأنها مهدت الطريق أمام جيش الاحتلال للدخول لمخيم جنين لإنجاز ما فشلت به قبل حملتها على المخيم.
وقال إن بنك الأهداف في مخيم جنين هو واحد للسلطة وجيش الاحتلال، حيث المقاومين، والعبوات الناسفة، والضحية واحدة”، موضحًا أن جيش الاحتلال دخل مخيم جنين بعد 50 يومًا من حصاره من أمن السلطة، وقطع الكهرباء والماء عن الأهالي، وتضييق الدائرة على المقاومين، وهو ما سهل مهاجمتهم من قبل طائرات الاحتلال وآليات العسكرية.
ورأى الكاتب أن مهاجمة جيش الاحتلال لمخيم جنين، جاء لعدم رضاه على أداء السلطة وأجهزتها الأمنية، وفشلها في مهمتها إضعاف المقاومة والمقاومين فيه.
وقال: “هناك تكامل للأدوار بين السلطة وجيش الاحتلال بشكل واضح، بمعنى تكمل السلطة دور الاحتلال من خلال اعتقال المقاومين في مخيم جنين ومخيمات الضفة الغربية، وضرب المقاومة فيه”.
وأشار إلى أن “قيام السلطة بهذا الدور، يعني أنها تقوم بالخطوات الأولى، لضرب المقاومة لمصلحة الاحتلال الذي يأتي لإكمال هذا الدور لإيقاع السلطة بفخ الخيانة المعلنة”.
وبين أن: “هناك تقاطع في المصالح والعمليات من خلال دور السلطة الذي ترفض المقاومة المسلحة ضد الاحتلال وتذهب إلى المفاوضات والمناشدات وترى أنه يجدي نفعًا، ولا يمكن مواجهة الاحتلال”.
ونبه الكاتب إلى أن ما يجري على الأرض يثبت أن هناك تكامل وتقاطع بين السلطة والاحتلال، بهدف اضعاف المقاومة وانهاء حالتها في الضفة الغربية لصالحها.
ويبقى التساؤل الأبرز.. لمصالحة من؟
المصدر: رأي اليوم