You are currently viewing هل يُواجه أردوغان مصير صدام حسين تنفيذًا لمُؤامرةِ اغتيالٍ صهيونية؟ وهل ستُؤدّي قمّته القادمة مع الرئيس الأسد برعاية بوتين إلى انضِمامِه لمحور المُقاومة والانتقال من “الأقوال إلى الأفعال”؟ ولماذا دعوة عبّاس وليس السنوار لمُخاطبة البرلمان التركي؟

هل يُواجه أردوغان مصير صدام حسين تنفيذًا لمُؤامرةِ اغتيالٍ صهيونية؟ وهل ستُؤدّي قمّته القادمة مع الرئيس الأسد برعاية بوتين إلى انضِمامِه لمحور المُقاومة والانتقال من “الأقوال إلى الأفعال”؟ ولماذا دعوة عبّاس وليس السنوار لمُخاطبة البرلمان التركي؟

عبد الباري عطوان

هذه الهجمة الشّرسة، والوَقِحَة، التي تشنّها الحُكومة الإسرائيليّة هذه الأيّام على الرئيس رجب طيّب أردوغان كرَدٍّ على تصريحاته التي هدّد فيها بشنّ هُجومٍ على دولة الاحتلال بسبب حرب الإبادة التي تشنّها في قطاع غزة، والضفّة الغربيّة، تُؤكّد أنّ الرئيس التركي ربّما باتَ على أبواب إجراء مُراجعات وتغييرات سياسيّة “جدّيّة” في مواقفِ حُكومته في مِنطقة الشّرق الأوسط، أبرزها إعلان القطيعة مع تل أبيب، والانتقال تدريجيًّا إلى مُعسكر محور المُقاومة عبر بوّابة المُصالحة مع سورية، وهذه التّغييرات تستحق التّشجيع والمُساندة، خاصَّةً إذا جرى ترجمتها إلى خطواتٍ عمليّةٍ بقطعِ العلاقات كُلِّيًّا مع دولة الاحتلال، كخطوةٍ أولى أساسيّة على طريق استعادة ثقة الرّأي العام التركي والعربي التي اهتزّت على أرضيّة مُهادنته لدولة الاحتلال وتعزيز علاقات تركيا السياسيّة والاقتصاديّة معها حتّى أثناء ارتِكابها المجازر في القطاع طِوال الأشهُر العشرة الماضية.
ما أغضب الحُكومة الإسرائيليّة ودفع وزير خارجيّتها إسرائيل كاتس إلى التّطاول على الرئيس التركي بطريقةٍ وقحة عندما قال “إنّ أردوغان الذي هدّد بمُهاجمة إسرائيل نُذكّره بأنّه يسير على خُطَى صدّام حسين وسيُواجه مصيره”، ما أغضبها هو تلويح أردوغان بتعزيز قُدرات بلاده وصناعتها العسكريّة، استِعدادًا للتّدخّل لتحرير فِلسطين وإنهاء اغتِصابها والوجود الإسرائيلي فيها، فلو كانت تركيا قويّة ومُكتفية ذاتيًّا بالأسلحة المُتطوّرة لن تتمكّن إسرائيل أنْ تفعل ما فعلته ولهذا يجب أنْ نكون أقوياء حتّى نفعل ما فعلناه بتدخّلنا في أذربيجان وليبيا”، والكلامُ لأردوغان في كلمةٍ ألقاها في اجتماعٍ لحزبه.
***
ردّ وزارة الخارجيّة التركيّة على تصريحات الوزير الإسرائيلي كاتس كان قويًّا جدًّا، وغير مسبوق، خاصَّةً الفقرة التي قالت فيها “إنّ نهاية مُرتكب حرب الإبادة في غزة ستكون على غِرارِ نهاية الزّعيم النّازي أدولف هتلر”، في إشارةٍ واضحةٍ إلى نتنياهو.
هذه المُراجعة في مواقف الرئيس أردوغان ربّما جاءت تصحيحًا للسّياسات الخاطئة والكارثيّة التي أقدمت عليها حُكومته، وحزبه، طِوال السّنوات الـ13 الماضية، بالانضِمام إلى المُخطّط الأمريكي في زعزعة أمن واستقرار سورية وإطاحة النّظام فيها، وتفكيك وحدتها الترابيّة، ولعلّ لقاء القمّة الذي سيجمعه مع الرئيس السوري في مِنطقة “كسب” الحُدوديّة بين البلدين على أرضيّة سحب جميع القوّات التركيّة من الشّمال السّوري، وتطبيع العلاقات في جميع المجالات، وإحياء مُعاهدة أضنة بين البلدين، خطوة في الاتّجاه الصّحيح إذا صدقت النّوايا التركيّة.
الرئيس أردوغان، وهو رجلُ الدّولة المُخضرم، أدرك أنه تعرّض لخديعةٍ كُبرى من قِبَل الولايات المتحدة ودول غربيّة أُخرى عُنوانها الأبرز العداء المُطلق والدّموي مع جيرانه العرب، ومحور المُقاومة تحديدًا، وتعزيز علاقاته مع دولة الاحتلال، وتوسيع التّبادل التجاري معها، وغضّ النّظر عن مجازرها في القطاع والضفّة، وكُوفِئ على كُل هذه الخدمات بتدمير اقتِصاده، وإضعاف عُملته الوطنيّة، ودعم الجماعات التي تُهَدّد أمن بلاده القومي، وتسعى لتقسيم تُرابها الوطني.
هذا التّقارب السوري- التركي الذي يَرعاه ويُهندسه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذه المُراجعات التي تُعزّزه وتكشف عن نوايا تبدو جادّة بالتّغيير، وفتح صفحة جديدة مع الجِوار العربي، يستحق المُساندة، لأنّ تركيا دولة إقليميّة إسلاميّة صناعيّة كُبرى في المجالات كافّة، والعسكريّة خاصَّةً، علاوةً على الرّوابط الإسلاميّة التاريخيّة التي تَربِطنا كعرب بها، ومن المُفيد جدًّا أنْ تعود إلى خندقها العربيّ والإسلاميّ في مُواجهة المشروع الإسرائيلي النّازي والعُنصري الاستِعماري الأمريكي.
***
أعرف مُقدّمًا أنّ هذا الرّأي قد لا يُرضي البعض لعدم ثقتهم بالرئيس التركي بالنّظرِ إلى مواقفه الحاليّة، ولكن أوّل درس لطُلّاب العُلوم السياسيّة يُركّز على القاعدة الشّهيرة “لا عداءات دائمة ولا صداقات دائمة”، والاتّحاد السوفييتي الشيوعي تحالف مع الأعداء الرّأسماليين بزعامة أمريكا في مُواجهة الخطر النّازي الهِتلَري، فلماذا، ونعتذر عن الفارق في المُقارنة، لا نُرحّب بعودة تركيا إلى بيتها الإسلامي وجيرانها العرب، ونبدأ بفتحِ صفحةٍ جديدةٍ معها تَصُبُّ في مصلحةِ الطّرفين؟
نستغرب أنْ يُوجّه أردوغان دعوةً للرئيس محمود عباس لإلقاء خطاب في البرلمان التركي وليس لإسماعيل هنية أو يحيى السنوار كرَدٍّ على خطابِ نتنياهو في الكونغرس، مثلما نستغرب في الوقتِ نفسه عدم رد عبّاس على هذه الدّعوة إيجابًا أو سلبًا؟
ختامًا، نتمنّى على تركيا ورئيسها أردوغان الانتقال، وبسُرعةٍ، من مرحلةِ الخطابات الكلاميّة إلى مرحلةِ الأفعال الجديّة، والخطوة الأولى قطع كُلّ العلاقات مع دولة الاحتلال فورًا وإغلاق سفارتها في أنقرة، وطرد سفيرها، ودعم المُقاومة في غزة والضفّة واليمن والعِراق وجنوب لبنان بالسّلاح والمال.. فهل يفعلها الرئيس أردوغان؟

 

رأي اليوم

شارك المقالة