You are currently viewing بين بغداد وأربيل.. من يدفع ثمن غياب التنسيق الأمني؟

بين بغداد وأربيل.. من يدفع ثمن غياب التنسيق الأمني؟

في خضم التوترات الأمنية المستمرة في العراق، تبرز مناطق “الفراغ الأمني” كأحد التحديات الأكثر تعقيداً، إذ أصبحت ملاذاً لنشاط تنظيم داعش الذي يواصل استغلال هذه المناطق لإعادة ترتيب صفوفه وتنفيذ عملياته الإرهابية.

هذه المساحات الشاسعة بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة في محافظات مثل ديالى وكركوك وصلاح الدين تعكس أزمة عميقة في التنسيق السياسي والأمني بين بغداد وأربيل، مما يمنح التنظيم مساحة للمناورة.

و تمتد مناطق الفراغ الأمني من قضاء خانقين في ديالى شرقاً إلى قضاء سحيلة في نينوى غرباً، وتتميز بتضاريس وعرة تشمل الجبال والغابات والوديان، ما يجعلها بيئة مثالية لاختباء العناصر الإرهابية. هذه المناطق ليست فقط نقطة خلاف إداري بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بل أيضاً نقطة ضعف أمني.

و رغم إعلان العراق دحر داعش في 2017، إلا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرة على تنفيذ هجمات نوعية انطلاقاً من هذه المناطق. وفقاً للبيانات الصادرة عن القيادة المركزية الأميركية، قُتل سبعة من عناصر التنظيم في عمليات عسكرية مؤخراً ضمن مناطق جبال حمرين، ما يبرز استمرار التهديدات.

الفريق جبار ياور، الأمين العام السابق لقوات البيشمركة، يوضح أن انسحاب القوات الكردية بعد 2017 خلق فراغاً أمنياً استغلته خلايا التنظيم لإعادة بناء شبكتها الإرهابية. وأضاف أن الطبيعة الجغرافية لهذه المناطق توفر ملاذات آمنة لعناصر التنظيم الذين يستخدمونها كنقاط انطلاق للهجمات ضد القوات الأمنية والمدنيين.

و تمتد تداعيات الفراغ الأمني إلى الجوار الإقليمي، حيث يُخشى من تسلل عناصر داعش من سوريا بعد التحولات السياسية هناك. علاوة على ذلك، أصبحت هذه المناطق معبراً لتجارة المخدرات والأسلحة، ما يُضاعف التحديات الأمنية التي تواجهها القوات العراقية.

التعاون مع التحالف الدولي ساهم في تقليص نشاط التنظيم، حيث تشير تقارير جهاز مكافحة الإرهاب إلى مقتل العشرات من قادة التنظيم واعتقال العديد منهم خلال العام الماضي. ومع ذلك، يبقى التهديد قائماً، خاصة مع استغلال التنظيم للتوترات بين بغداد وأربيل.

و رغم التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية، لا تزال مناطق الفراغ الأمني تشكل قلقاً كبيراً للسكان المحليين. يقول علي الربيعي، مدير شؤون عشائر ديالى، إن آلاف العائلات التي عادت إلى هذه المناطق تراقب بقلق احتمالية عودة النشاط الإرهابي، خاصة في ظل غياب حل سياسي يُنهي الخلافات بين الأطراف المختلفة.

التجارب السابقة تُظهر أن المعالجة الأمنية وحدها ليست كافية لحل مشكلة مناطق الفراغ الأمني. المطلوب هو اتفاق سياسي شامل بين بغداد وأربيل لتفعيل المادة 140 من الدستور، وإنشاء آليات تنسيق أمني مشترك لضمان عدم استغلال هذه المناطق مرة أخرى من قبل التنظيمات الإرهابية.

 

 

المصدر: المسلة

https://almasalah.com/archives/110026

شارك المقالة