مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يبدو أن الأحزاب الشيعية العراقية باتت أمام مفترق طرق جديد يعيد تشكيل أولوياتها ويضعها أمام تحديات تفرضها التغيرات الإقليمية العاصفة.
و بينما كانت الخلافات الداخلية وصراعات النفوذ تمثل المشهد الأبرز داخل هذه الأحزاب، أصبح الحفاظ على النظام السياسي القائم أولوية لا تقبل التأجيل.
هذه الأحزاب، التي تقود النظام العراقي وتستمد قوتها من دعم إيران ومن شبكة علاقات إقليمية، تدرك أن سقوط الحليف السوري يهدد وجودها ذاته.
فانهيار النظام السوري، إلى جانب هزيمة حزب الله في لبنان، أرسل إشارة قوية بأن التغيرات الإقليمية يمكن أن تطال العراق، خاصة وأنه جزء لا يتجزأ من المحور الذي تقوده طهران.
التحركات الأخيرة داخل الساحة السياسية الشيعية تعكس حالة استثنائية من التماسك والوفاق.
لقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع خصمه التقليدي نوري المالكي يشير إلى تحول في نهج التعامل مع الأزمات.
فبعد فترة طويلة من الصراع بينهما، باتت الحاجة إلى التنسيق المشترك ضرورة ملحة، خاصة في ظل التصعيد الإقليمي.
اللقاء لم يكن حدثًا منفصلًا، بل جزءًا من سلسلة مشاورات أظهرت حالة من التهدئة بين القوى الشيعية وتوحيد الجهود للتصدي لتداعيات الأوضاع في سوريا.
التحديات الإقليمية، إلى جانب الضغوط الأمريكية المتزايدة، دفعت الأحزاب الشيعية إلى تبني ما يمكن وصفه بسياسة “الانحناء للعاصفة”. فالحديث عن تقليص نفوذ الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة أصبح جزءًا من التفاهمات الضمنية، ليس فقط مع واشنطن، ولكن أيضًا بين القوى العراقية نفسها.
الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، التي أظهرت صرامة أكبر تجاه النفوذ الإيراني وأذرعه في العراق، وضعت تلك الأحزاب في موقف حرج، خاصة بعد السوابق التي شملت اغتيال قادة بارزين في الحشد الشعبي.
على الصعيد الداخلي، يبدو أن التطورات الإقليمية قدمت متنفسًا لحكومة السوداني التي كانت تواجه انتقادات حادة من داخل الإطار التنسيقي. هذا التماسك الظاهري بين القوى الشيعية قد يكون مؤقتًا، لكنه يكشف عن تحول في الأولويات، حيث أصبح الحفاظ على النظام واستقراره هدفًا مشتركًا يتجاوز الطموحات الشخصية والصراعات الآنية.
المصدر: المسلة