You are currently viewing نفط الاقليم.. بين منع التصدير وشبكات التهريب

نفط الاقليم.. بين منع التصدير وشبكات التهريب

منذ توقف صادرات الإقليم النفطية عبر خط الأنابيب العراقي التركي إلى ميناء جيهان في 25 مارس/ اذار 2023، أصبح لدى بغداد شرط رئيس لاستئناف صادرات الإقليم النفطية، وهو تعديل عقود حكومة إقليم كردستان مع شركات النفط، وهي قضية لا تزل تنظر إليها حكومة إقليم كردستان والشركات بحساسية مع أنّ ما أظهرته قبل مدة قصيرة من مرونة، حيث رفضت حكومة الإقليم مرارا تسليم عقودها النفطية إلى بغداد.

وأوقفت تركيا تدفقات بلغت 450 ألف برميل يوميا عبر طريق التصدير في شمال العراق المؤدي إلى ميناء جيهان في 25 مارس آذار بعد يومين من حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية.

وقال مصدر مطلع على عمليات خط الأنابيب إن ذلك شمل 370 ألف برميل يوميا من إنتاج حكومة إقليم كردستان و75 ألف برميل يوميا من إنتاج الحكومة الاتحادية.

وأمرت غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد تبلغ نحو 1.5 مليار دولار عن الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم شبه ذاتي بين عامي 2014 و2018.

العراق وخسائر الاقليم

وتقدم العراق بطلب للتحكيم في عام 2014 أمام غرفة التجارة الدولية ومقرها باريس بشأن دور تركيا في تسهيل صادرات النفط من كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد.

وقال العراق إنه من خلال نقل وتخزين النفط من كردستان وتحميله على ناقلات في جيهان دون موافقة بغداد، انتهكت أنقرة وشركة الطاقة التركية الحكومية بوتاش بنود اتفاقية خط الأنابيب بين العراق وتركيا الموقعة في عام 1973.

فيما كشف المستشار في شؤون النفط بإقليم كردستان كوفند شيرواني، في (7 تموز 2024)، عن حجم الخسائر المالية جراء توقف صادرات نفط الإقليم.

وقال شيرواني “اذا اعتبرنا توقف تصدير400 ألف برميل يوميا، وبسعر النفط في الموازنة 70 دولاراً للبرميل الواحد، فأن خسائر توقف التصدير تتجاوز 800 مليون دولار شهريا”.

وأضاف أنه “ولمدة 15 شهرا، فأن خسائر عدم التصدير تقترب من 13 مليار دولار، وهو مبلغ كبير جدا، أضر بموازنة الدولة العراقية بشكل عام، كون تصدير نفط كردستان أصبح بيد الحكومة الاتحادية”.

فيما يعاني إقليم كردستان من نقص السيولة بسبب توقف خط الأنابيب، قال سياسيون عراقيون ومشرعون أكراد إنه ليس أمام الإقليم خيار آخر سوى الموافقة على الميزانية التي سيحصل منها على 12.67 بالمئة من إجمالي 198.9 تريليون دينار (153 مليار دولار).

محادثات بلا نتائج

الحكومة الاتحادية في بغداد بدورها تطالب من شركات النفط التفاوض معها لبيع نفطهم عبر خط الأنابيب المعاد إحيائه إلى تركيا، ما قد يثير غضب الأكراد الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على عائدات النفط.

ورغم تحسّن الوضع بين بغداد وأربيل بعد وصول رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى السلطة في أواخر عام 2022، الا ان العلاقة عادت لتتعقد.

وفي فبراير/شباط الماضي، ألزمت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى هيئة قضائية في العراق، بغداد بدفع رواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم بشكل مباشر بدلا من المرور عبر السلطات المحلية التي طالما تأخرت في صرفها.

وبالرغم من موافقة أربيل لاحقا على أن تمر مبيعات نفط الإقليم عبر بغداد، مقابل الحصول على نسبة من الموازنة الاتحادية، لكن كردستان لم تلتزم بجانبها من الاتفاق.

وقال عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، سنستضيف وزارة النفط والموارد الطبيعية العراقية للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تصدير نفط إقليم كردستان، لأننا هذه المرة نصر على ضرورة حل المشاكل وأستئناف صادرات إقليم كردستان النفطية”.

وقال عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، الدكتور صباح صبحي، للموقع الرسمي للحزب الديمقراطي الكردستاني ، “فيما يتعلق بتفاصيل المحادثات وأستئناف صادرات إقليم كردستان النفطية، سنستضيف وزارة النفط العراقية ووزارة الموارد الطبيعية التابعة لحكومة إقليم كردستان خلال الأيام المقبلة لإعطائنا تفسيرات كاملة حول الاتفاقيات التي تم عقدها، لأن وزارة النفط العراقية طلبت مرة أخرى عقودا من الشركات ولا يوجد حتى الآن أي إجراء، ونحن نرید أن نعرف سبب تأخير هذه العملية وما الذي لم يتم القيام به بعد”.

وقال صبحي، “بما أن عقود إقليم كردستان تختلف عن عقود العراق، فمن الضروري مراجعتها وجعلها متشابهة، ولهذا الغرض تم التوصل إلى اتفاق بين إقليم كردستان وبغداد، لأن حكومة إقليم كردستان ليس لديها مشكلة في مراجعة العقود”.

وأضاف: “الهدف من استضافة الوزارتين هو الإسراع بالاتفاق وحل أي مشاكل، وسنساعدهما على تصدير نفط إقليم كردستان بأسرع وقت ممكن، لأنه لا يوجد حل سوى التوصل إلى اتفاق بأسرع وقت ممكن والبدء بتصدير نفط إقليم كردستان”.

وأشار إلى أن: “العقبة الرئيسة هي تكلفة استخراج النفط، فالشركات تطلب أكثر من 20 دولارا لبرميل النفط، والعراق یقترح 8 إلى 9 دولارات، لذلك هذه المرة يجب إيجاد حل ويجب أن تنتهي هذه المشكلة، لأن هذا يصب في مصلحة العراق وإقليم كردستان”.

ازمة جديدة

وعلى الرغم من تعليق صادرات الإقليم النفطية عبر خطوط الأنابيب، إلا أن إنتاج النفط في كردستان لم يتوقف، فحسب مسؤولون عراقيون إن الإقليم يصدر حاليا 220 ألف برميل نفط يوميا إلى تركيا وإيران بسعر أقل بكثير من سعر السوق العالمية.

وقد نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة ومسؤولين حكوميين في العراق، أن مئات من شاحنات النفط تنقل ما لا يقل عن 200 ألف برميل من النفط الرخيص يوميا من كردستان العراق إلى إيران وفي بعض الحالات إلى تركيا. وبحسب هذا التقرير فإن القيمة الشهرية لهذه الشحنات النفطية تقارب 200 مليون دولار.

وجاء في التقرير، الذي نشر الخميس 11 يوليو (تموز) أن هذا العدد من شاحنات النفط يذهب عبر الطرق السريعة الجبلية المتعرجة من محيط مدينة أربيل، مركز إقليم كردستان العراق.

وذكرت “رويترز”، أن حركة هذه الناقلات هي الشكل الأبرز في عملية نقل النفط من إقليم كردستان العراق- الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي- إلى إيران وتركيا، والتي ازدهرت منذ إغلاق خط أنابيب تصدير النفط الرسمي العام الماضي.

فيما قال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، إن تجارة النفط في كردستان لا تحظى بموافقة الحكومة العراقية، وأن شركة مبيعات النفط العراقية الحكومية هي الجهة الرسمية الوحيدة المخولة ببيع النفط الخام في البلاد.

العضو السابق في لجنة النفط والطاقة النيابية غالب محمد، اكد يوم الاحد الماضي، ان إقليم كردستان يواصل تصدير النفط من أراضيه الى تركيا بواقع 320 الف برميل يومياً، بعلم الحكومة الاتحادية في بغداد.

وقال محمد إن “الإقليم أوقف الصادرات النفطية باتجاه تركيا عن طريق انبوب جيهان بعد قرار محكمة باريس التي تم على اثرها فرض غرامات على تركيا، الا ان عملية التهريب بالصهاريج لم تتوقف”.

وبين ان “واردات النفط المصدر من الإقليم عبر الصهاريج تذهب الى أحزاب السلطة في الإقليم والشركات النفطية العاملة داخل كردستان”.

فيما اوضح جيم كرين من معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن لـ”رويترز” في إشارة إلى أهمية قضية تهريب النفط بالنسبة لأوبك: “أصبحت أوبك الآن أقل تسامحا مع تهريب النفط، بل إنها اتخذت إجراءات عقابية ضد أعضائها المخالفين”.

يشار الى ان إعادة تشغيل خط الأنابيب معضلة لبغداد، الملزمة بخفض إنتاج النفط الخام كجزء من اتفاق “أوبك+” لتحقيق التوازن في الأسواق العالمية ودعم الأسعار، والتي تعهدت بأنها ستخفض الإمدادات للالتزام بالهدف وفرض قيود إضافية للتعويض عن الإنتاج الزائد الأولي.

 

الوثيقة

شارك المقالة