منذ أكثر من 420 يوماً يرتقي يومياً مئات الشهداء في غارات عنيفة تشنها طائرات الاحتلال، لكن بدا واضحاً مؤخراً استخدام العدو شكلاً جديداً من أشكال الموت، إذ خلال عدوانه المستمر استخدم أسلحة محرمة دولياً وغريبة لم يعرفها الغزيون من قبل، وذلك من خلال إطلاق موجات حرارية وضغط شديد يؤدي إلى حرق أجساد الشهداء وتبخرها ومحو أثرهم كلياً إلى حد التلاشي، حيث يتحولون إلى ذرات صغيرة لا ترى بالعين المجردة تتطاير وتذوب في الهواء وتختلط بالتربة.
وفي ذروة الليل تنفذ طائرات الاحتلال مجازر دامية من خلال قصفها لمراكز الإيواء ومنازل المواطنين على رؤوس ساكنيها، الأمر الذي يسفر عن استشهاد المئات يومياً دفعة واحدة بقنابل وأسلحة قوية الانفجار والتأثير، إذّ يحاول الأهالي عندما تسنح لهم الفرصة البحث عن جثث عائلاتهم، لكن ينصدمون من فقدان أي أثر يدل عليهم ليتضح لاحقاً تبخر جثامينهم بفعل تلك الأسلحة المدمرة والغريبة.
ووفقاً لمصادر أهلية تحدثت مع (الهدف الإخبارية) الفلسطينيّة، فإنّ كثير من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، فقدت عدداً من أفرادها باستهدافهم بقنابل ثقيلة الوزن وشديدة الانفجار والتأثير أو من خلال وضع “براميل متفجرة” في المناطق السكنية، مضيفةً أنّ عشرات الشهداء يومياً يرتقون دون أنّ يتمكن أحداً من انتشالهم أو حتى معرفتهم نتيجة حجم الدمار الهائل الذي يخلفه القصف، أو بسبب ملاحقة نيران الاحتلال من مسيرة (الكواد كابتر) حيث تكون القوات الإسرائيليّة قريبة من المكان.
وتؤكد المصادر، أنّ الاحتلال يستخدم في عدوانه المتواصل أسلحة غريبة حديثة وغير معروفة، تتسبب في تبخر أجساد الشهداء وتلاشيها، مشيرةً إلى أنّ الاحتلال يستغل تغيب التغطية الصحفية خصوصاً في شمال القطاع ويقوم بأبشع جرائمه من خلال تحويل المنطقة إلى جحيم لا يطاق، حيث تتحول المباني السكنية إلى أكوام من الركام وتختفي أجساد الشهداء تحت أنقاضها، فضلاً عن نهش الكلاب الضالة لجثامين الشهداء المتناثرة في الأزقة والشوارع بفعل إخراج جهاز الدفاع المدني عن الخدمة قسرياً.
وفي آب (أغسطس) الماضي، أكد جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة بأن جثث 1760 شهيدًا تبخرت بسبب الأسلحة المحرمة دوليًّا، مشيراً إلى أنّ الاحتلال يستخدم مثل هذه الأسلحة في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الماضية وتسببها بإذابة جثث آلاف الشهداء وتبخرها. وقال مدير دائرة الإمداد في الجهاز محمد المغير، إنّ جيش الاحتلال يستخدم صواريخ أمريكية فتاكة تزن أكثر من ألفي رطل، وتصل حرارتها إلى 7 آلاف درجة.
أطباء: ظاهرة تبخر الجثث شائعة للغاية
وتعقيباً على ذلك، أكّد مدير وزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش، أنّ الاحتلال يستخدم أسلحة محرمة دولياً تؤدي إلى تبخر الأجساد واختفائها كلياً، مبيناً وجود حروق غير مألوفة في أجساد الشهداء، وأن هناك شهادات على تبخر بعض الجثث حيث لم تعثر عليها طواقم الدفاع المدني لا سيما في شمال القطاع.
وبيّن البرش في تصريح صحافي، أنّ من بين الأسلحة المستخدمة قنابل شديدة الانفجار ذات أصوات “مرعبة”، وعندما يقترب منها الشخص مسافة 200- 300 متر يتبخر، داعياً إلى تحقيق دولي بشأن الأسلحة الغامضة التي يستخدمها الاحتلال.
من جانبهم، أكد أطباء فلسطينيون من القطاع، أنّ ظاهرة تحلل الجثامين وتبخرها “شائعة للغاية”، وإن نوعية الإصابات التي تصل إلى المستشفيات لم يسبق لهم أن تعاملوا معها، وكذلك الآثار الغريبة التي تتركها على المصابين، لافتين إلى أنّ السبب وراء هذه الإصابات يعود إلى درجة الحرارة الهائلة المنبعثة من الصواريخ غير التقليدية التي يستخدمها الاحتلال منذ بداية عدوانه على القطاع.
وبحسب منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكد مختبر الأدلة أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية المشاركة في الحرب على القطاع كانت مجهزة بقذائف مدفعية تحتوي على الفسفور الأبيض.
دعوات حقوقية للتحقيق مع الاحتلال
وفي ضوء تلك التوثيقات والتقارير، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بتشكيل لجنة تحقيق دولية من خبراء مختصين حول الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل خلال حربها المتواصلة في قطاع غزة، بما في ذلك احتمالية استخدامها قنابل تولّد حرارة شديدة تؤدي إلى تبخّر أجساد الضحايا.
وقال المرصد في بيانه، إنّ شهادات وثقها ومعلومات أولية جمعها “كشفت جانبًا مخفيًا من المستويات المروعة للقتل الذي تمارسه إسرائيل في قطاع غزة، يتعلق بتبخر أو انصهار أجساد الضحايا بفعل قنابل تسقطها طائرات حربية على المنازل السكنية، مبيناً لجوء جيش الاحتلال إلى إحداث دمار هائل في مربعات سكنية بأكملها خلال هجماته على القطاع ، يؤدي إلى أعداد ضخمة من القتلى والمصابين، ما يثير مخاوف من احتمال استخدامه “أسلحة حرارية” أو ما يعرف باسم “القنابل الفراغية”، حيث تشتهر هذه القنابل في المجال العسكري بفاعليتها في تدمير الكهوف ومجمعات الأنفاق الأرضية.
المصدر: رأي اليوم
Publisher: Raialyoum